ماذا يريد فلسطينيو اليرموك

بقلم: علي بدوان


ما زالت أحوال أهالي ومواطني مخيم اليرموك من سوريين وفلسطينيين على حالها، ومازالت حالة التشرد تمثل الواقع الراهن لأكثر من 75% من أبناء المخيم وعموم مواطني "الزُنّار السكاني" الكثيف المحيطة به، فيما باتت حياة من تبقى داخل اليرموك وخصوصاً من مواطنية الفلسطينيين في حالة تسوء يوماً بعد يوم مع تراجع أسباب الحياة ومقوماتها. إن غالبية من تبقى في اليرموك هم من المواطنين الفلسطينيين حصراً، بينما وجد المواطنون السوريون من أبناء اليرموك مواقع لجوء أو إقامة إنطلاقأ من كونهم سوريين. فعادت أعدادٌ كبيرة منهم الى قراهم ومدنهم المنتشرة فوق الأرض السورية، بينما لم يجد الفلسطيني سوى التشرد خارج المخيم في مناطق دمشق المختلفة وحتى خارج سوريا في ظل الفاقه وتزايد الحاجة والضائقة الإقتصادية التي أصابت الغالبية الساحقة منهم.

كما لم يكن من طريق أمام من تبقى داخل المخيم سوى البقاء فيه لضيق ذات اليد وقلة الخيارات المفتوحة ومنهم كاتب هذه السطور. فقد فضلوا البقاء في المخيم في ظل الأعمال العسكرية والقصف المتقطع والمتواصل أحياناً. هذا عدا المصاعب الأمنية التي تحد من الحركة عبر المدخل الوحيد المتاح حالياً، في ساعات الصباح وحتى قبل الظهر، وأحياناً يجري إغلاقه لأيام عدة، وهو ما ينعكس على حياة الناس الذين يفتقدون مواد الحياة الضرورية.

وضع مخيم اليرموك الإنساني وتشرد سكانه الذين تَقَطّعت بهم السبل، وحالة الإهمال والنسيان التي يعانيها عموم فلسطينيي سوريا باتت تطرح اسئلة متزايدة على القيادة الرسمية الفلسطينية وعلى عموم فصائل العمل الوطني الفلسطيني التي لم تتحرك حتى الآن كما يجب (ونقول كما يجب) من أجل المساعدة على إنقاذ عموم مواطني اليرموك من الوضع الصعب الذي يمرون بهم.

فالمساعدات المالية التي وصلت من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لفلسطينيي سوريا (مليون دولار شهرياً) ومعها مساعدات وكالة "الأونروا" بجوانبها المختلفة (إعانات مالية وإغاثة إجتماعية وصحية ومواد غذائية) والتي لم تنقطع منذ شهور عدة ليست هي الحل مع أهميتها وضرورتها، فالحل يتعدى هذا الموضوع في إتجاه تكثيف المساعي المطلوبة من أجل القيام بإجراء إتصالات مع كل الأطراف المعنية لحلحلة موضوع مخيم اليرموك وعموم التجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية بعد أن تحول فلسطينيو سوريا ضحايا منسيين في معمعان الأزمة العامة في البلاد. فقد سقط حتى تاريخه نحو 1550 شهيداً من فلسطينيي سوريا، وغالبيتهم العظمى ممن ليس له علاقة بالصراع فهل سيبقى فلسطينيو سوريا على هذا الحال؟ أم ان على القيادة الفلسطينية أن ترفع من وتيرة حركتها السياسية والديبلوماسية مع كل الأطراف المعنية من أجل إنقاذ فلسطينيي سوريا؟

إن ماساة فلسطينيي سوريا ماثلة الآن أمام أعين الجميع، والذي يعيش على أرض الواقع ليس كمن يرى ويراقب من الخارج. فأبناء اليرموك المشردون في دمشق باتوا الآن في وضع صعب مع الشح المالي الكبير الذي أصاب حتى العائلات الميسورة منهم، لذا فإن حالة من العودة بدأت الى اليرموك لعدد كبير نسبياً من الناس بالرغم من المخاوف الأمنية ومن العيش القلق تحت نار الإشتباكات اليومية وأزيز الرصاص.

إن فلسطينيي سوريا يناشدون القيادات الرسمية الفلسطينية التحرك لإنقاذهم من الوضع الصعب، ومن المآلات المخيفة التي بدأت تعشعش في نفوس الغالبية منهم مع إستمرار معاناتهم.

النهار اللبنانية

18/6/2013

بقلم علي بدوان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت