جنين - وكالة قدس نت للأنباء
استمرت مطاردته سنتين، كان خلالها يعيش غير آمن في بيته ولا وطنه، كان يتنقل من منزل لآخر ومن بلدة لأخرى، بعيداً عن أمه وأبيه وعائلته، كان الشوق لهم جميعاً، لكن حب هذا الشاب لوطنه ومحبته لفكرة الدفاع عن الوطن كانت أكبر من ذلك كله.
هو الأسير أحمد ذيب عبد الرحمن دهيدي (31 عاماً)، من بلدة عرابة قضاء جنين، والذي كانت الفترة ما بين عام 2001-2003 هي فترة مطاردة وملاحقته من قبل الاحتلال الاسرائيلي، والذي كان سبباً لإيقاف مسيرته الجامعية، حيث درس عاماً واحداً فقط في جامعة الخليل تخصص إدارة أعمال.
وفي حديث لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان مع أم أحمد الأم الصابرة، والتي كانت لا ترى ابنها خلال فترة مطاردته، وكانت في كثير من الأحيان لا تعلم عنه أي معلومات، فأنى لهذا القلب للأم أن يتحمل كل ذلك، لولا حب هذه الأرض، وحب الابن الذي أحب ذلك.تقول أم أحمد:" منذ أن ترك أحمد الدراسة في الخليل، وبدأت مطاردته بقي هناك في الخليل، وتعرض لمحاولة اغتيال عام 2002، واستمرت رحلة العذاب والتنقل لأحمد من بيت لآخر، وعائلته تجهل مصيره."
بعد الخليل، انتقل أحمد إلى جنين، وتعرض هناك أيضاً إلى أكثر من محاولة اغتيال على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي، وأصيب أكثر من مرة بشظايا .
وفي تاريخ: 15/6/2003، وبينما أحمد متواجد في أحد المنازل المهجورة في منطقة ما يسمى (سهل عرابة) وكان نائماً، اقتحمت قوات الاحتلال المكان، وكانت تنتظر خروج أحمد من المكان لقتله، لكنه بقي نائماً، إلى أن دخل جنود الاحتلال المكان واعتقلوه، بعد أن قاموا بتفتيش واسع لكل المكان.
أم أحمد حمدت الله على أن ابنها كتب له في ذلك الحين عمراً مديداً من عند الله، وبالطبع شكلت فترة اعتقال أحمد الوقع الأليم على العائلة ككل، لا سيما أنه وبعد اعتقاله بأيام اعتقل الاحتلال شقيقه عبد الرحمن، واثنين من أشقاء والدته لمدة أسبوعين ثم أفرجوا عنهم.
كما اعتقل الاحتلال شقيقه صالح لمدة ثلاثة أشهر وأفرج عنه، ليتوفى بحادث سير فيما بعد على طريق جنين-نابلس، وكان يبلغ من العمر في ذلك الحين( 23 عاماً).
أم أحمد، والتي تخفي الكثير من قصص أحمد ومعاناة العائلة أجمع، وتختصر ذلك بجملة( شو بدي أحكي لا أحكي)، فقد عاشت ظروفا مؤلمة عند مطاردة ابنها أحمد، وعند وفاة ابنها الآخر صالح.
وتقول أم أحمد لأحرار:" كانت فترة اعتقال أحمد، بداية الانتفاضة الثانية واشتدادها، ولا يوجد زيارات ولا أخبار عن الأسرى، وكنا نسمع فقط عن نقل أحمد من سجن لآخر، دو معرفة تفاصيل ظروفه التي عاشها في تلك الفترة.
عائلة أبو أحمد تتوق لابنها الذي حكمه الاحتلال بالسجن مؤبدين، وحرمه من المشاركة في أفراح عائلته وخاصة الزواج، الأمر الذي كان صعباً للغاية بالنسبة للأم، التي عليها أن تفرح وتغني بزواج ابنها، وهي تحمل غصة وألماً وتخوفاً على مصير الابن الآخر في سجنه.
ومما ذكرته أم أحمد للمركز الحقوقي أحرار، وطالبت بضرورة متابعته، ومطالبة الاحتلال بوقفه، هو سياسة التفتيش العاري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد النساء اللواتي يتوجهن للزيارة، وهو أمر اعتبرته أم أحمد بالمهين للغاية، وأن الاحتلال يستهدف ذلك للمس بكرامة الإنسان الفلسطيني في كل مكان.
كما وأضافت أم أحمد إن ابنها انتسب في سجنه للجامعة العبرية ودرس العلوم السياسية فيها، لكن سلطات الاحتلال أوقفت التعليم، ولم ينهي أحمد دراسته في تخصص العلوم السياسية، فقرر دراسة التاريخ، وهو الآن في سجن "ريمون".
أما عبد الفتاح،( 18 عاماً)، وهو شقيق أحمد، والذي ختم اللقاء بجملة واحدة فقال:" كان أحمد شخصاً نراه لكنه يشق طريقاً بعيداً عنا، خوفاً علينا"....
فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان قال إن "أحمد من أكثر الشباب في سجون الإحتلال تميزا في الجانب الأكاديمي وهو متقن للغة العبرية وقد حرمه الاحتلال من اكمال دراسته الجامعية رغم تفوقه الدارسي".