امام تصاعد الأزمة في لبنان والمنطقة وانعكس هذا الأمر بتصعيداً في الخطاب السياسي، فضلاً عن المخاوف والمخاطر على مشروع المقاومة في المنطقة وعلى مفردات هذا المشروع وأركانه، ولا سيما أن ثمة من ينفخ في نار الفتنة المذهبية على نحو غير مسبوق ، هذا الواقع بدأ يلقي بظلاله أكثر بشأن الملف الفلسطيني في لبنان، خصوصا في ظل انعكاسات وتداعيات الأزمة السورية على القوى اللبنانية، بين مؤيد للنظام أو لما يسمى بالثورة السورية، حيث بات يخشى من انتقال توسع رقعة الإشكالات إلى الساحة اللبنانية.
وفي ظل هذه الاوضاع لا بد من التأكيد ان التجارب أثبتت أنه في كل استحقاقٍ هناك من يسعى إلى توريط الفلسطيني في آتون التجاذبات، إذا لم ينجح بجذبه بالوقوف إلى جانبه، حيث يسعى إلى التوتير من خلال جر المخيم أو الفلسطيني إلى إشكال أو توتير، تكون نتيجته سلبية ليس في المنطقة التي يحصل فيها الإشكال، بل ضد الفلسطينيين في لبنان بشكل عام، حيث يكون الفلسطيني دائماً "الشماعة" التي تعلق عليها العديد من الأحداث، حتى لو كان متفرجا أو تورط البعض، وإن كان هذا البعض قليل جداً، ولكن توجه الأنظار إلى الملف الفلسطيني، ومن الزاوية الأمنية تحديداً..
ما يجري على الساحة اللبنانية يرخي بظلاله على الملف الفلسطيني، حيث نجحت القيادات الفلسطينية حتى الآن بعدم الانجذاب والدخول إلى آتون الصراعات الداخلية اللبنانية، وتجنيب المخيمات أي خضات لما لذلك من انعكاس سلبي على الفلسطينيين، سواءً في لبنان أو سوريا أو أي مكان يعتبر فيه الفلسطيني ضيفٌ، بانتظار العودة إلى أرض الوطن، فلسطين..
وامام كل ذلك تسعى الفصائل الفلسطينية في لبنان على تطبيق السياسات المرسومة والقائمة على تعزيز الوحدة الوطنية ودعم السلم الأهلي في البلد، وإيجاد أفضل العلاقات مع الاشقاء في لبنان عبر الحوار الأخوي، مؤكدين على ان الفلسطيني يريد العودة ويرفض أي مشاريع للتوطين والتهجير، فحق العودة حق مقدس، والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي حقوق ثابتة للشعب الفلسطيني وغير قابلة للتصرف، وتشكل أحد أعمدة التفاهم والاتفاق الفلسطيني وأحد أهم أعمدة الإستراتيجية والبرنامج السياسي الفلسطيني الذي تتبناه جميع الفصائل وتعمل من أجله ، وهذا الموقف الفلسطيني رغم شراسة الصراع وتعدد أطرافه، لم يكن طرفاً مع هذا الفريق أو ذاك، بل أن همه الأساسي هو قضيته الوطنية خاصة الدفاع عن حقه بالعودة، وسعيه الرئيسي اليوم وكما الأمس والغد، هو العمل من أجل دعم الجميع لهذه القضية ولنضاله من أجلها، خاصة في ظل الهجمة العدوانية الإسرائيلية للقضاء على حق العودة بالاستفادة من انشغال العرب بأزمات المنطقة.
إن تحصين المخيمات الفلسطينية في لبنان وإبعادها عن دائرة التجاذبات، هي مسؤولية فلسطينية ولبنانية مشتركة، ومن هنا كانت وما زالت المواقف الفلسطينية والمساعي تسعى الى عقد حوار رسمي فلسطيني لبناني ينطلق من حرص الطرفين على علاقات مستقبلية سليمة تأخذ في الاعتبار الحقوق والواجبات المتبادلة بما يحصن هذه العلاقات ويضعها على الطريق الصحيح من خلال معالجة جميع الإشكالات العالقة، والتي تحتاج إلى حلول تقفل جميع أبواب التدخلات في الأوضاع الداخلية الفلسطينية، ونقصد بذلك معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، وضرورة المبادرة فوراً إلى إقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية والانطلاق نحو تنظيم العلاقات الفلسطينية – اللبنانية على أسس متينة، ومعالجة قضية النازحين من مختلف الزوايا الإنسانية والمادية والقانونية بعيداً عن أي تسييس باعتبارها قضية إنسانية يجب التعاطي معها بحس إنساني حتى أوان العودة، التي نأمل أن تكون سريعة إلى مخيمات سوريا.
من هذا المنطلق يجب إن نؤمن ان المشروع الوطني الفلسطيني الذي يواجه النعرات المذهبية بقواه وفصائله وهيئاته ومثقفيه يدعو الى التوحد في مواجهة القوى المتطرفة المذهبية.
ان التنبه لمفاعيل المشروع الأميركي في المنطقة وفلسطين، والنزعة التي تظهر تعود بنا الرجوع للتشدد الديني المذهبي المتطرف ، ونحن نعتبر ان هذه المواقف هي بهدف تكريس التجاذب المذهبي والخروج من مواجهة الاعتداء الاميركي الاسرائيلي الذي يسعى الى تقسيم المنطقة الى دويلات مذهبية وطائفية .
إن التطرف الذي نراه اليوم يتطلب وقفة جدية ، وخاصة اذ لم تتم معالجة الأسباب التي تشكل أرضاً خصبة لانتشار الأفكار المتشددة, هذا يتطلب حركة مجتمعية تحاصر الفكر المتطرف الطائفي والمذهبي, وإطلاق حملات إعلامية شاملة وحزمة متكاملة ومترابطة من البرامج والأنشطة والحملات والفعاليات الإعلامية والثقافية التي تتفاعل مع المجتمع حتى يتحمل الجميع المسؤولية في مواجهة من يسعى للنشر التفرقة الطائفية والمذهبية ,وإشراك الأسرة والمرأة على وجه الخصوص باعتبارها ذات التأثير الأكبر في تشكيل وصياغة العقول الشابة,مثل تلك البرامج القائمة على أسس مدروسة سوف تسهم في إجهاض مشروعه العدمي.
ان ما ذكرته صحيفة المدينة السعودية من حصار لحزب الله للمخيمات الفلسطينية هو ادعاء كاذب يندرج في تسعير الفتن الطائفية والمذهبية وجر المخيمات الى اتون الصراع ، وهذا يتطلب فضح هذه المحاولات المتتالية من قبل جهات لها اهداف واجندات مشبوهة تعمل على استغلال المخيمات في واجهة تخدم مصالحهم وتنفيذ اجنداتهم المخفية وهي بكل تأكيد مرفوضة من جميع الفصائل والقوى والفعاليات والتيارات والهيئات واللجان الشعبية الفلسطينية كونها اهدافا خبيثة تهدف النيل من الشعب الفلسطيني وامنه واستقراره
ان العلاقة بحزب الله هي علاقة متينة وقوية وهي مستمرة باستمرارية المقاومة ضد العدو الصهيوني، كما ان العلاقة مع كل الاطراف في لبنان، ومع كل القوى والاحزاب اللبنانية، هي علاقة ممتازة ، وان كافة الفصائل والقوى موقفها واضح بعدم التدخل في أي تجاذبات لبنانية ورفض التدخل في شؤون الدول العربية والعمل على تقريب وجهات النظر وضرورة ايجاد الحل السياسي ووقف سفك الدماء وعدم التدخل الاجنبي .
ان الشعب الفلسطيني الذي عانى مرارة اللجوء والشتات ودفع ضريبة الدم من اجل تحقيق اهدافه في العودة الى بيوته واملاكه ودياره ستبقى وجهته فلسطين ارض الاباء والاجداد مهما طال الزمن وتباعدت المسافات ، فالشعب الفلسطيني ليس بندقية للايجار مهما بدت الظروف الصعبة والمظلمة ، وسيبقى حريص على خيار المقاومة وحقه المقدس الفردي والجماعي، بالعودة ، ولا يمكن ان يسمح ابدا باي استغلال للمخيمات تندرج في اتون الفتنة ، حيث أظهرت المخيمات الفلسطينية حصانة تجاه جهود التفجير، من خلال الرؤية الموحدة للفصائل بعدم الدخول في التجاذبات اللبنانية، وضبط العناصر التي يسهل اختراقها، وتعزيز العلاقات بين المخيمات والجوار اللبناني ومع كافة القوى الوطنية اللبنانية ، والعلاقة بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية .
إن الشعب الفلسطيني يعلم جيدا ما يحاك من مشروع امريكي صهيوني امبريالي , يستهدف المنطقة وتصفية حق العودة ، وهذا يدعونا الى بذل جهودا كبيرة لمجابهة هذا المشروع من خلال الوعي الشعبي لخطورة ما يدبر ، وخاصة ان التجربة التاريخية للنضال التحرري الفلسطيني والتحدي مطروح يتطلب في مراحل الفرز الحاسم عدم الالتفات للوراء.
ختاما: لا بد من القول نعتبر ما يجري هو حرب على الحريه حيث تصبغ القضيه بكل الالوان باسم المذهبيه التي نرفضها . لن نركع للظلم سنبقى يد واحدة ضد كل من يريد الاساءة للشعب الفلسطيني والدفاع عن الحرية والديمقراطية بعيدا عن المذهبية لاعطاء الطاقات العلمية مكانتها الحقيقية حتى تبقى قضية فلسطين تحتل مكانتها امام العالم .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت