فكرة راودت الكثير من الإخوة أعضاء المجلس التشريعي الأول منذ انتهاء فترة عمل المجلس التشريعي الأول وهو تشكيل منتدى أو نادي لأعضاء المجلس التشريعي " السابقين " حتى يتم التواصل بينهم خاصة وأنه تربطهم ببعضهم البعض فترة عمل لم تكن سهلة لمدة عشر سنوات خاضوا خلالها جميعا أول تجربة برلمانية منتخبة من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس ، واستطاعوا بنجاح كبير وبجهود مضنية من بناء مؤسسة تشريعية قادت الفعل البرلماني بكافة جوانبه التشريعية والرقابية على كافة مناحي الحياة الفلسطينية بكل تعقيداتها ، كانت تجربتهم غنية كونهم المؤسسين لهذه المؤسسة الأهم في الفعل السياسي والإداري للسلطة الفلسطينية .
واستطاع هؤلاء النواب أن يكتسبوا خبرات كبيرة سواء خلال زياراتهم المكوكية لبرلمانات العالم أو لقاءاتهم مع عدد كبير من المستشارين المختصين في كافة شئون التشريع أو من خلال ما اكتسبوه من خبرات عملية ذاتية خلال فترة عملهم المتواصلة خاصة وأن أغلبهم عمل في أغلب اللجان المنبثقة عن المجلس التشريعي وكان منهم رؤساء ومقرري اللجان وتولى عدد كبير منهم مسئوليات وزارية مختلفة وقد تميز المجلس التشريعي الأول باحتكاكه المباشر مع كل القضايا التي كان يعاني منها المواطن الفلسطيني وكان الصوت العالي لهموم المواطن .
وكذلك لعب المجلس التشريعي الأول دورا بارزا في تعزيز ثقافة الحوار بين كافة الفصائل الفلسطينية وكان مقر المجلس التشريعي العنوان الأبرز للقاءات الحوار الفلسطيني والمبادرات الكفيلة بتجاوز أي خلاف داخلي ينشأ نتيجة اختلاف الاجتهادات سواء السياسية أو الميدانية أو الرد على ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ، وكان يحظى المجلس التشريعي بثقة واحترام كافة الفصائل والجهات المختلفة وكان عنوانا للجميع .
واستطاع المجلس التشريعي الأول ان ينتزع صلاحياته كاملة في التشريع والرقابة فلم يكد ينج وزير أو مسئول من المساءلة أمامه وقدمت ثلاث حكومات استقالتها هربا من حجب الثقة أو لعدم رضى المجلس التشريعي عن أدائها ، واسسوا للبنات الاولى لعمل المجلس من خلال النظام الداخلي والقوانين التي حكمت مؤسسات السلطة ، كل ذلك جعل هؤلاء الأعضاء يكتسبون خبرات متراكمة كان ممكن أن يستفيد منها المجلس التشريعي الحالي لو كانت هناك مؤسسة تجمع تلك الخبرات .
إن فكرة تأسيس منتدى للبرلمانيين " السابقين " هي فكرة أصبحت أكثر إلحاحا اليوم بحكم الحالة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وما يعانيه من متغيرات داخلية وخارجية سواء على المستوى السياسي أو التشريعي أو الرقابي وحاجة الجميع لجهة تقدم النصح والرأي كمساهمة منها في الخروج من الواضع الصعب الراهن وهي فكرة ليبست جديدة بل أغلب دول العالم التي تحترم خبرات أبناءها للاستفادة منها لأن هذه الخبرات ليست ملكا لأصحابها بل هي ملك للمجتمع .
إن طرح فكرة " منتدى البرلمانيين " ليست بديلا عن أحد ولا موازيا لأي طرف بل هي مؤسسة دورها تقديم النصح والرأي في كل قضية تعصف بمجتمعنا الفلسطيني وما أكثر تلك القضايا التي تحتاج الى حلول إبداعية ومتقدمة وليست منحازة وجريئة والواقع الفلسطيني اليوم بكل المتغيرات التي تعصف به يفرض وجود مثل هذا الجسم من الخبراء واصحاب التجربة ليقولوا رأيهم ويرفعوا صوتهم ، لمعالجة أي خلل قائم .
مجتمعنا الفلسطيني مليء بالخبرات وأصحاب التجارب في كافة المجالات ، لماذا يعتبر البعض أن الوصول لمرحلة التقاعد تعني انتهاء دور المتقاعد ؟ لماذا عندما تنتهي مرحلة عمل وزير ينتهي دوره ؟ والمقصود هنا هؤلاء المسئولين الذين يمتلكون التجربة الحقيقية ولديهم ما يقدموه لشعبهم وليس بعض من اتخذ المنصب كفترة استجمام ولم يقدم شيئا جديدا فعليا .
لا يمكن اكتشاف تلك الخبرات والاستفادة منها بالشكل الفردي الخاص بل من خلال مؤسسات قادرة على استنهاض الهمم واستخراج الافكار القادرة على تحسين وتطوير الأداء الفلسطيني .
م. عمــاد عبـد الحمــيد الفــالــوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت