الناصرة - وكالة قدس نت للأنباء
يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية زعيم تحالف "ليكود بيتنا" بنيامين نتنياهو منذ الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في كانون الثاني (يناير) الماضي بوادر تمرد على زعامته داخل حزبه "ليكود" تذكّر ربما بما حصل له بعد انتخابات 1999 حين قاد "ليكود" إلى خسارة انتخابية فادحة لم يشهدها في تاريخه تمثلت بحصوله على 12 مقعداً برلمانياً فقط ما اضطره إلى الاستقالة من زعامة الحزب لمصلحة أريئل شارون.
ويتهم ناشطون ميدانيون بارزون في الحزب نتنياهو بأنه بتحالفه في الانتخابات الأخيرة مع حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان "قتَل الحزب" مضيفين أن "ثمة شعوراً قوياً بأن الحزب ضلّ طريقه".
ويرى هؤلاء ان ليبرمان نجح في ليّ ذراع نتنياهو وخداعه عندما فرض عليه أن يكون ثلث مرشحي التحالف بينهما من "إسرائيل بيتنا" بينما على أرض الواقع تفوق شعبية "ليكود" تلك التي يتمتع بها "إسرائيل بيتنا" بأكثر من ثلاث مرات بكثير. ولم يحقق التحالف سوى 31 مقعداً، 11 منها لـ"إسرائيل بيتنا" وفقط 20 لـ"ليكود"، ما حال دون دخول دماء جديدة من "ليكود" الى الكنيست الحالي وسبّب بالتالي تذمراً واسعاً في أوساط مرشحين من الناشطين الميدانيين الذين يدعون اليوم أنه لو خاض "ليكود" الانتخابات بمفرده لحصل على 30 مقعداً وأكثر.
وتجري غداً الثلاثاء والأحد المقبل انتخابات لمؤسسات "ليكود" يتوقع أن تأتي نتائجها بخصوم نتنياهو على رأس هذه المؤسسات. وكان نتنياهو حاول إرجاء الانتخابات علّه يجد مرشحين من أنصاره يخوضونها أمام خصومه إلا أن المحكمة أرغمته على إجرائها هذا الأسبوع.
وكان المئات من أعضاء الحزب عقدوا الثلاثاء الماضي اجتماعاً حاشداً في تل أبيب للبحث في ما آل إليه "ليكود" من وضع يعتبرونه "خطراً على وجوده". وسادت الاجتماع أجواء صاخبة وقال أحد المشاركين من الناشطين الميدانيين في الحزب إن هذا الاجتماع ليس "اجتماعاً احتجاجياً فحسب إنما هو اجتماع حرب"، متهماً نتنياهو بأنه "خصى" الحزب من خلال إهمال مؤسساته. وأضاف آخر "نتيناهو يريد حكماً ديكتاتورياً... إنه لا يقيم أي اعتبار لناشطي الحزب الذين أوصلوه إلى كرسيه.. نتنياهو قبَر ليكود".
وبين المحتجين على سلوك نتنياهو عدد من أشد أنصاره حتى فترة وجيزة، إذ يتهمه أحدهم بأنه السبب في ان الحزب "لم يعد على قيد الحياة، ولم يعد ذا نفوذ في إدارة الحكومة"، فيما يضيف آخر أن نتنياهو يقود "ليكود" نحو التفكك" محذراً نتنياهو من أنه في حال خسر قواعده في فروع الحزب المختلفة فإنه والحزب سيخسران السلطة في أول مناسبة انتخابية.
وبرأي رئيس الطاقم الانتخابي السابق لنتنياهو، حاييم بيبس فإن "ليكود" يعاني أزمة أيديولوجية نجمت عن سوء تنظيمه، مشيراً إلى أن 7-8 مقاعد برلمانية هي لمستوطنين من مستوطنات الضفة الغربية "على رغم أن شعبية الحزب في هذه المستوطنات لا تساوي ثلث مقعد" بينما لا يوجد نائب واحد من المناطق النائية (داخل إسرائيل) التي منحت الحزب ثمانية مقاعد.
ويضيف رئيس إحدى البلديات، يوسي شابو، وهو أيضاً كان من اشد أنصار نتنياهو حتى الأمس القريب، إن ما يعني نتنياهو هو كرسي رئاسة الحكومة، "الحزب لا يعنيه، وهو من شلّ الحزب ومنع لسنوات انتخابات جديدة لمؤسساته كي لا تسائله في شيء".
ويرى شابو أن قرار نتنياهو لدى تشكيل القائمة الانتخابية التحالفية مع ليبرمان من دون العودة إلى مؤسسات الحزب، جاء بأشد المتطرفين أمثال ليبرمان وموشيه فيغلين، "ليحلوا محل ناشطين بارزين كرسوا حياتهم للحزب ويرون فيه حزباً وسطياً بعيداً عن التطرف"، خصوصاً في الملف السياسي مع الفلسطينيين.
وفعلاً، تضم لائحة " ليكود بيتنا" غالبية من النواب المتطرفين الذين يستبعد مراقبون أن يتيحوا لنتنياهو التقدم في المسار السياسي، وفضلاً عن ليبرمان وأعضاء حزبه، فإن "ليكود" أيضاً يضم غلاة المتطرفين مثل النائب داني دانون الذي ينافس في الانتخابات الداخلية على رئاسة "اللجنة المركزية لليكود" وأطلق في الأسابيع الأخيرة جملة تصريحات متشددة ضد الفلسطينيين وأعلن أن الحكومة تعارض حل الدولتين وتبذل جل جهودها من أجل صد محاولة إقامة دولة فلسطينية، مضيفاً أن الحل للفلسطينيين "سيكون في الأردن".
كما تشهد الانتخابات على رئاسة "سكرتاريا ليكود" التي تعتبر الهيئة التنفيذية الأهم في الحزب معركة قوية بين الوزير إسرائيل كاتس المحسوب على نتنياهو ومنافسته النائب ميري ريغف التي تتهم نتنياهو بأنه يقود الحزب إلى الهلاك بسبب التحالف مع ليبرمان، وبأنه لا يقيم شأناً لأعضائه.
ويرى أحد المعلقين أن نفوذ نتنياهو داخل حزبه بلغ دركاً غير مسبوق وأنه لو خاض الانتخابات لرئاسة أي من مؤسسات حزبه على رئاسة لخسرها بكل تأكيد "وربما تعرض لهزيمة" ما ينذر بإطاحته في الانتخابات المقبلة لزعامة "ليكود" بعد عامين أو ثلاثة.
وحيال وضع نتنياهو هذا داخل حزبه، يستبعد مراقبون أن تكون لديه القدرة، في حال توافرت الرغبة، لتحقيق اختراق في الجمود السياسي مع الفلسطينيين. ويقتبس أحد المعلقين مما يقوله وزير الجيش السابق ايهود باراك حين سئل عن جدية نيات نتنياهو في تحقيق "خطاب بار ايلان" الذي أعلن فيه موافقته على حل الدولتين فيقول إن "نتنياهو يفتقر إلى الشجاعة لتطبيق هذا الخطاب، لكن حتى إن تسلح بالشجاعة فإنه لن يجد حوله من يسير معه، حتى إن أراد فإنه غير قادر".