الأهم من رخصة مزاولة الدكتوراه في أيامنا ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة


في بداية الأمر أن أهل العلم ،هم لهم في قلبي مكانة علياء ،واحترام وتقدير لا ساحل له لذلك فمقالتي تلك التي كتبتها لم تكن أبدا استهزاءا ولا سخرية ،أو إساءة لشريحة معينة ،وإنما هي هواجس ،وأفكار خاصة بي ،والأهم أنها غير ملزمة بأي حال من الأحوال ،وإن كنت تعمدت نوعا ما في تضميد بعض الجروح بقوة وبعمق.. قرائي الأعزاء ..!!
أنتم تعلمون جيدا أنه ما من أحد من المتعلمين ،والذين يفتشون عن العلم والتعلم إلا ويطمح بنيل شهادة الدكتوراه الفوق الجامعية،والتي لطالما حلم بها الكثير من طلاب العلم ،وإن اختلفت المقاصد ،أو النوايا في الحصول على هذا اللقب ،ومن أولئك من يريد أن يخاطب المجتمع ،بل وكل البشرية حوله ولسان حاله يقول : أيها الناس لا تنسوا أن تنادوني بلقب "الدكتور" ،وإلا فالويل لمن نسي ،أمثال أولئك حقيقة أشفق عليهم لأنهم قد أفنوا أعمارهم ،وجهودهم ،هراءا ،كما الرياح عندما تهب فتناثر الأوراق على كل رفات ،وكأن شيئا لم يكن ،ولأنهم لا يبحثون سوى عن مجرد شهرة مزعومة فقط ،وشهادة معلقة على الجدران ،قد داهمتها ذرات غبار شرسة ،تكاد تلتهم حروفها أي حروف الشهادة،والتي باتت ضبابية الملامح ،غير واضحة يعني ذلك أن الدكتوراه عندهم مجرد لقبا علميا محضا،وليس المهم مزاولة المهنة أو لا ..وهؤلاء يمكن تصنيفهم بالسطحيين أوsurfactant !!
ومن الذين يطمعون بحمل لقب "الدكاترة "من أرادوا أن يعوضون نواقصهم الذاتية ،واضطراباتهم السلوكية التي داهمت تكوين بناء شخصياتهم واجتاحت وجدانهم ،ولو صنفنا تلك المركبات أوعقدة النقصان من حيث ارتباطها الوثيق بالمكانة العائلية في المجتمع ،من حيث الثراء أو الفقر ،أو من حيث ارتباطها بمشاكل عاطفية ،وعدم القدرة على التعامل مع الجنس الآخر فترة الشباب أو المراهقة ،وأمثال أولئك حتما يتخذون الدكتوراه عوضا وسلاحا حصينا للقضاء على الخجل القاتل الذي يطاردهم في حياتهم العملية،وبعض السلوكيات السلبية الناجمة عن عدم المقدرة على التوافق بينهم ،وبين المحيطين حولهم ،وأمثال هؤلاء نجدهم يعيشون الانسجام الكامل ،والإشباع العاطفي في الجامعات من خلال المعاملة ،والتي يعتبرونها لا تخالف العُرف ولا الشرع ولا القانون في مجتمعاتهم،وكأن البقعة الجامعية قد منحتهم كافة الحصانة والوقاية.. فلا حسيب ولا رقيب ، لذلك أي أولئك الدكاترة يحلمون بالصباح الباكر طيلة مدة الدراسة لملاقاة شريحة غاية في الأهمية في حياتهم ،هي شريحة الإناث من الطالبات سواء كن جميلات أو متوسطات الجمال، طمعا في نظرة إعجاب أو إطراء ،وأن أكثر الطالبات تفوقا في مادتهم، حتى وإن كانت من الذيول المتأخرة في المستوى الدراسي هي تلك تجتذب قلوبهم ،وتلهب وجدانهم ،أو التي تنساب في شباكهم التي ينسجونها كالعنكبوت ،وكلما زادت الساقطات في شباكهم ،أحسوا ،بنشوة عارمة،و بالإشباع لعقدة النقصان ،وأما عن الذكور من الطلاب الذين يسقطون تحت أيديهم ، فكان الله في عونهم ،لأنه لا مكانة لهم على الخارطة التدريسية سواء اجتهدوا أو لم يجتهدوا فمجرد نجاحاتهم هي بالنسبة لهم إنجاز كبير ،وأمل منشود ..المهم انه يمكن تصنيف ذلك النوع من الدكاترة ب " الدكاترة الطروبادور".. !!
ومن الدكاترة من يبحث عن وظيفة ليتطور حياته العملية،ويبني ذاته ،ويحقق الرفاهية والمكانة المرموقة وسط تعقيدات الغلاء الفاحش ،والظروف المريرة الصعبة،وأمثال أولئك يحلمون بتكافؤ الفرص ،ومجرد الموافقة بالحصول على المزاولة العملية وهؤلاء يمكن تصنفيهم " بالبرجماتيين "
لكن الحقيقة القاسية التي تواكب الدكاترة البرجماتيين ،والعاطلين عن العمل هي إهمال ملفاتهم الوظائفية في بلاد العرب أمجادي ،وقد تكدست ملفاتهم المتراصة بصورة عشوائية ،في حاويات هي أشبه بحاويات القمامة ،حيث تنبعث منها روائح القهر والظلم والطغيان.. فتزكم أنوف أصحاب المحسوبية ،والرشاوي، والمحاباة ..أما يكفي حرق طوابير ملفات أقرانهم من خريجي الجامعات ،وحملة الماجستير الذين شوهتهم البطالة القاتلة من قبل ،والذين يفتشون عن بصيص أمل لوظيفة تنتشلهم من الضياع ،والفقر ..!!لكن العدوى في أزماننا قد امتدت وتفشت كالطاعون لتصيب ملفات الدكاترة الجامعيين تلك الشريحة المناضلة والمتفوقة في علمها وثقافتها وماذا تبقى إذاَ.. إذا كانت تلك نهاية المطاف الكارثية لأصحاب المكانة العلمية العالية والراقية .. بكل أسف أصبح اليوم من يحمل رخصة المزاولة لسياقة السيارات هي أهم بكثير في الحصول على لقمة العيش ،وزيادة الدخل وتحقيق الرفاهية فكم من أصحاب سيارات الأجرة هم أوفر نصيبا اليوم في مزاولة العمل ،والكسب المادي ، بحالة هي أهم من رخصة الدكتوراه تلك الشهادة التي أصبحت بمثابة رخصة مزاولة جامعية عقيمة فماذا تجدي إن كانت مع إيقاف التنفيذ ؟!
حقيقة أني مقتنع تماما بأنه ليس المهم أن تكون دكتورا جامعيا أو بشريا أو سائقا أو مهندسا أو غيره ..لكن المهم هو كيف يمكن أن تحيا ..حياة كريمة ..ميسورة الحال ..بعيدا عن البطالة أوسجل العاطلين ..!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت