لا يفصل عاقل بين الصواريخ التي سقطت على التجمعات الصهيونية المغتصبة وبين التصريحات الصادرة عن حركة الجهاد الإسلامي بوقف الاتصالات مع حركة حماس، إن وقف الاتصالات بين حركتي الجهاد وحماس لا يعني إلا وقف التفاهم على مواصلة التهدئة مع العدو الصهيوني، لقد جاء التصعيد باتجاه الصهاينة بمثابة ردة فعل حركة الجهاد على ما وصفته بمقتل أحد أفرادها على يدي الشرطة الفلسطينية. وهذا ما أدركه العدو الصهيوني الذي يتابع تطور الأحداث بدقة، لذلك اكتفى العدو بالرد على القذائف بما لا يوقع إصابات، فقصف بعض المناطق الخالية من الأفراد، والتي تعود لحركة الجهاد الإسلامي، وكي يوصل رسالته إلى عامة الشعب الفلسطيني، قام بتشديد الحصار من خلال إغلاق معابر المواد الغذائية.
فإذا كانت المقاومة الفلسطينية المسلحة للصهاينة من الوسائل الطاهرة النبيلة التي تهدف إلى اقتلاع الكيان من جذوره وتحرير فلسطين، فإن من الخطأ الجسيم أن توظف الوسائل النبيلة في الخلافات التنظيمية، والصواب أن تبقى المقاومة المسلحة بعيدة عن المناكفات الحزبية، وأن يظل قرار التصعيد مع العدو الصهيوني قراراً جماعياً؛ يقوم على الدراسة الدقيقة للواقع، والتقدير الصحيح للمتغيرات التي تخدم الأهداف العليا للشعب الفلسطيني.
وإذا كان تحرير فلسطين أو الشهادة في سبيل الله هو الهدف الأسمى لرجال المقاومة، فمعنى ذلك أن التضحية هي سمة الرجل المنتمي، وأولى علامات التضحية هي الخضوع للقانون العام، واحترام النظام السائد في المجتمع الذي سيضحي بروحه من أجله، فالانتماء إلى رجال المقاومة لا يعني التمرد، ولا يعني الانفلات، ولا يعني التصرف بفائض القوة كما يحلو للشخص، وأزعم أن قوة المقاوم تكن في قدرته على الخضوع للقانون، وفي تلطفه بالتعامل مع بني قومه، وفي ترققه بالحديث مع المسئولين عن الأمن العام، وفي تشدده بتطبيق القوانين بدءاً من عدم قذف القاذورات في الشارع، وانتهاءً باحترام حقوق الجار، وعدم التطاول على الحق العام.
إن التحقيق العادل في مقتل أحد رجال المقاومة المنتمين لحركة الجهاد ـ جراء المشادة بينه وبين رجال الشرطة ـ لهو الكفيل بترطيب النفوس، وإن تطبيق القانون الفلسطيني بصرامة لهو البديل عن الجموح، وعن التفرد بالقرار، وهو الملاذ الذي تحتمي فيه جميع الأطراف في قطاع غزة، فمجتمعنا الفلسطيني بحاجة إلى الحركتين الإسلاميتين المقاومتين اللتين تمكنتا من فرض إرادة الشعب الفلسطيني على الصهاينة، وصنعتا الندية مع العدو الصهيوني.
إن شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة أحوج إلى الوحدة منه إلى الانقسام، ولاسيما أن النافخين في نار الفتة كثر، والمتربصين بالمقاومة لا يفغرون الأفواه، وإنما يتحفزون لتفجير فتنة طائفية في قطاع غزة، هي الأسوأ مما يجري في بلاد العرب من تدمير متعمد للطاقات، وإهدار لوعي الجماعة القادر على استيعاب المتغيرات.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت