نتنياهو يلعب الدومينو ويعتبر العرب الفلسطينيين حجارة يمكن أن ينقلهم من هنا إلى هناك ,أو يخرجهم من الملعب كليا ثم يعيدهم إلى ملعب آخر كيفما يشاء , ويمكنه بالقوة أن يأخذ منهم أرضهم ويطردهم إلى ألا مكان ,إنها العنصرية بكل ألوانها اليوم تتجلي في النقب العربي الفلسطيني البدوي صاحب النكهة البنية المصبوغة بلون القهوة العربية ,لوحة أكثر من عنصرية في النقب ولوحة أخري بالضفة الغربية والقدس بعد أن جهز أكثر من نصف مليون وحدة سكنية للمستوطنين , استجاب لطرح كيري الطويل الذي أوصاه بتجميد الاستيطان لفتح الباب أمام المفاوضات مع الفلسطينيين وبالذات لان الإدارة الأمريكية تسعي في برنامج قد يعيد قليل من ماء الوجه لوجهها المشوه على خلفية الانحياز مع طرف ضد طرف آخر من أطراف الصراع وهذا بات معروفا للجميع ,فلم تكن أمريكا حيادية يوما من الأيام في تعاملها مع ملف السلام بالشرق الأوسط ولو كانت هكذا لما استمر الصراع أكثر قرن من الزمان , لذا فان نتنياهو اليوم يوافق على تجميد الاستيطان وإطلاق سراح المعتقلين القدامى مقابل تخلى الفلسطينيين عن شرط التفاوض على أساس حدود 1967بهدف إعطاء الجهود الأمريكية المبذولة للسلام في المنطقة فرصة ما لتنجح وتنطلق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جديد .
في هذه الأثناء يطل علينا قانون "برافر" العنصري ليهجر أهل النقب من بيوتهم ويصادر أرضهم لصالح مستوطنات صهيونية تعمر الجنوب وتصبح الحزام اليهودي للنقب بدلا من العرب الفلسطينيين الذين يسكنوا هذه الأرض منذ مئات السنيين , وبحسب هذا القانون الذي تم قراءته الأولى بالأمس في الكنيست الإسرائيلي فان ما يقارب.000 800 دونم سيتم مصادرتها وسيتم تهجير عشرات الآلاف من المواطنين العرب البدو من النقب إلى المجهول , وكانت جلسة الكنيست الإسرائيلي الخاصة بإقرار "برافر" صاخبة جدا وتخللها عملية طرد لكل النواب العرب الذين قاموا بتمزيق مسودة القانون العنصري المسمى " برافر – بيغن" ,بعد أن تم التصويت لصالح القانون باعتراض 40 صوت وموافقة أغلبية 43 لينقل القانون بعد ذلك صوريا للقراءة الثانية , لكن إسرائيل كعادتها لا تحتكم لقوانين ولا تنتظر قوانين وقراءات الكنيست المتأخرة فقد بدأت بالفعل في ترحيل أهل النقب وعشرات القرى الفلسطينية دون احترام لحقوق هؤلاء الناس ولا خجل من المجتمع الدولي لان إسرائيل عرفت ماهية المجتمع الدولي وإمكانية عقابها , ولا يعنيها ماذا سيفعل إن كان سيفعل شيء...!, ورغم ذلك عقدت محكمة الصلح في بئر السبع جلسة للنظر في أوامر إخلاء وهدم قرية "أم الحيران" في النقب، وذلك اكبر دليل على مضي السلطات الإسرائيلية بتطبيق قانون "برافر" حتى قبل المصادقة عليه نهائيًا. وتخطط السلطات الإسرائيلية إلى هدم قرية "أم الحيران" العربية البدوية الفلسطينية بهدف إقامة مستوطنة يهودية باسم حيران على أنقاضها.
إن نكبة "برافر" هي من اخطر نكبات القرن الحادي والعشرين والذي يعتبره الكثيرين القرن الذي سيتحقق فيه السلام بالمنطقة العربية ,لكن لا يبدو كذلك فإسرائيل ماضية في كل أشكال الاستيطان والتهجير والتدمير , و يبدو من هذا السلوك أن إسرائيل تحاول بنفس الزمن الإجهاز على التواجد العربي الفلسطيني ضمن حدود معينة رسمتها مسبقا للدولة اليهودية وهذا للقول للعرب أن الدولة اليهودية أصبحت الأمر الواقع وفي النهاية ستطبق دولة القومية الواحدة دون اعتراف بالدولة الفلسطينية أو أراض الدولة الفلسطينية لأنها تريد من الفلسطينيون ليبقوا شيعا وقبائل بلا كيان سياسي وان حاولوا تجميع كيان سياسي لهم فان هذا الكيان سيكون مقطع وغير قابل للتواصل جغرافيا وغير قابل للتطور والازدهار بسبب الانفصال الجغرافي و بسبب تحكم إسرائيل بالبوابات الكبيرة التي أبقت يدها مغلولة داخلها لتتحكم في اتصال وتواصل الدولة الفلسطينية مع العالم الخارجي .
"برافر" اليوم اقر جريمة صهيونية ترتكب مع سبق الإصرار والترصد والغريب أن العالم يسمع ويشاهد خطوات إسرائيل نحو إكمال ارتكاب الجريمة , ويشاهد إسرائيل وهى تهجر البدو الفلسطينيين بعيدا عن أرضهم لتقوم بتدمير بيوتهم لحساب الاستيطان , "برافر" اليوم تثبت أن إسرائيل بادعائها للديمقراطية كيان لا يعترف بالديمقراطية وينكر حق الأقلية الذين يتواجدون ويعيشون في امن وسلام على أرضهم وينكر كافة القوانين الدولية والإنسانية الداعية لاحترام حق الأغلبية في العيش والحماية ؟, وإسرائيل بعملها هذا تثبت أنها كيان عنصري بامتياز , كيان لا يرغب بالعيش في امن وسلام واستقرار , كيان لا يكترث بأي قوانين إنسانية أو شرعية وقوانينه الوحيدة التي يعترف بها هو بقائه كيانا عنصريا مستوطنا سارقا ناهبا لأراضي الفلسطينيين التي ملكوها عن أجدادهم وأقرتها كل هيئات الأراضي على مدار التاريخ الفلسطيني , والعالم اليوم يشاهد هذه الجريمة بات عليه التحرك سياسيا وإنسانيا ليمنع إسرائيل من ارتكاب هذه الجريمة وتمرير قانونها العنصري المسمي "برافر" , ولعل تحرك العالم ومنظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن و كافة المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان واستمرارية الأمن والاستقرار عليها إدراك أن تنفيذ هذا القانون سيلقي بتبعات كبيرة وخطيرة أولها تشريد عشرات الآلاف والزج بهم في مناطق قد تكون مناطق خصصت للعزل الديموغرافي أو مناطق ساخنة الاحتكاك وإبعادهم عن ارض أجدادهم التاريخية وبالتالي سيعيد المنطقة إلى دائرة العنف الأولى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت