سلام " نتنياهو " الإقتصادي وحلم الدولة الفلسطينية

بقلم: آمال أبو خديجة


يدور في الإعلام هذه الأيام إمكانية عودة المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي بعد إنقطاعها فترة طويلة بسبب عدم مصداقية الجانب الإسرائيلي بتحقيق السلام العادل المزعوم وإعادة مناطق 67 إلى الفلسطينين لإقامة دولتهم عليها والتي تم الإعتراف بها مؤخرا في الأمم المتحدة .
ومن أهم الدوافع التي حركت التفكير بالعودة للمفاوضات جهود الشيخ الأمريكي " جون كيري" التي أقنعت " نتنياهو" قبوله بتجميد الإستيطان كما يدّعي والإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينين القدامى ،مقابل أن يتنازل السيد الرئيس " محمود عباس " عن حُلمه بدولته المستقلة على حدود عام 67 ويكتفي فقط بما يُعطيه " نتنياهو" وولاة أمره من فتات وأوهام الإستقرار الإنساني والوطني على الأرض الفلسطينية .
بالمقابل نتنياهو وجد فرصته الكبرى بالترويج لذلك لعل ذلك يحقق طموحه الأكبر المزعوم على أراضي الضفة الغربية، ففي الوقت الذي يسيطر على الجزء الأكبر من الأرض الفلسطينية ويملأها بالمستوطنين يتم تحويل مناطق السلطة الفلسطينية لسوق تجاري ومنافع إقتصادية وبعض التسهيلات والتعاون الإقتصادي المشترك الذي لن يعود بالنفع الكبير إلا على الجانب الإسرائيلي بتحسين إقتصاده، وبالمقابل تُنهب أموال السلطة الفلسطينية المشروعة وحسابات التجار والمواطنين الفلسطينين مقابل ما يحلم به " نتنياهو " بالسلام الإقتصادي .
الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة لن يَصدّقا ولن يَصدّقا أبداً في تحقيق السلام العادل للمواطن الفلسطيني فكل ما يُسعى إليه أن يزداد الإمتداد الصهيوني داخل الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأن تنتشر بؤر الإستيطان في كل المناطق وخاصة بمحيط المدن والقرى الفلسطينينة وأن يتنقل المستوطنين بحرية وأمان دون أن يروادهم شعور الخوف والرحيل عن أرض الفلاح الفلسطيني التي تم سرقتها بقوة السلاح والقهر ، وأن تزداد عنجهية المستوطنين وإعتداءاتهم علي المواطن الفلسطيني وشرعية حقه بالوجود على أرضه ليتم إقلاعه وترحيله منها .
فأي مفاوضات سيعود إليها " جون كيري" "ونتنياهو " ويمدان يدهما إلى السلطة الفلسطينية بالعودة إليها سريعاً دون الشروط المسبقة التي حسب ما يزعمان أنها توقف وتعطل عجلة المفاوضات المزعومة نحو السلام والتي من أهمها إصرار الرئيس الفلسطيني التفاوض على ما قامت عليه فكرة السلام بالأساس وهو إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 .
هل إفراج الكيان الصهيوني عن الأسرى الفلسطينين القدامي هو شرط أساسي لعودة المفاوضات للسلام العادل المزعوم، ووجود الأسرى الفلسطينين داخل المعتقلات الإسرائيلية أصلاً يخالف كل القوانين والأعراف الدولية والإتفاقيات الموقعة، أم أن تجميد وليس وقف الإستيطان داخل أراضي المواطنين الفلسطينين أصحاب الشرعية الحقيقة كما يزعم " نتنياهو " بوعده هذا هو الشرط الآخر لتحقيق حلم السلام المنشود للفلسطينين، رغم أن حقيقة وجود وإستمرار الإستيطان الإسرائيلي هو أيضاً مخالف لقرارات الإمم المتحدة وإتفاقية جنيف ولا يُثبت إلا سوء النوايا الإسرائيلية الأمريكية إتجاه المواطن الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وإعادة حقوقه المشروعة .
ورغم كل التصريحات التي ظهرت في الإعلام حول عودة المفاوضات قريباً إلا أن السلطة الفلسطينية قد نفت ذلك وأصرت على شرطها الأساس وهو أن لا يتم العودة للتفاوض إلا على حدود عام 67 كما أعلنتها الأمم المتحدة في قرارها الأخير " فلسطين " دولة مستقلة لها حق الوجود والإستقلال كباقي دول العالم ومُنحت مقعدها في أروقة الأمم المتحدة .
إن كل ما يحاول " نتنياهو " و" جون كيري " أن يفعلانه هو إجبار الفلسطينين بالتسليم بالأمر الواقع وفرض ما هو موجود وممكن تحقيقه بالقوة من خلال تغير القناعات واللعب على المصالح المشتركة حيث أن ترديد فكرة أستحالة التفاوض على حدود عام 67 من أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، وتقديمهم لبعض النوايا الحسنة المزعومة وذلك لمحاولة سحب الجانب الفلسطيني وإقناعه بالعودة لطاولة التفاوض المعطلة وتحقيق السلام الذي يطمح له " نتنياهو ".
لعل غاب عن ذهنهم أن من يمتلك قوة الإيمان بالحق المشروع وقوة التفاوض والتنبه للأخر " المحتل " بمحاولاته الخبيثة للسيطرة على الحقوق وتدمير الحلم الفلسطيني لا يمكن أن يسمح لهذا المخطط المزعوم أن يستمر ضد أبناء الشعب الفلسطيني حتى لو وضع " نتنياهو " وولاته كل إغراءاتهم الإقتصادية لتحقيق ما يدّعيه من سلام إقتصادي فلن يتنازل الفلسطيني عن حقه بإقامة دولتة المستقلة وإسترداد حقوقه المشروعة مهما مُورست الضغوط من حوله.
كما أن السنوات الطويلة من التفاوض منذ توقيع إتفاقية أوسلو حتى اليوم لم تقنع الجانب الإسرائيلي والأمريكي بضرورة المسارعة بإعطاء الفلسطينين حقوقهم وعدم المماطلة وكسب الوقت لصالح الكيان الإسرائيلي ليستمر في إمتداده على حساب الحق الفلسطيني في الحياة الكريمة وحرياته الأساسية أم هو مجرد التراوغ السياسي القائم على وهم المفاوضات المزعومة للسلام الموهوم .

آمال أبو خديجة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت