في البدء كان الإستعمار في بلاد العرب، فكان التقسيم لها وفق إرادة السادة سايكس وبيكو، فأصبحت البلاد الواحده أقطار وممالك، وبعد ذلك حدث التحرر بشكلين. نوع من التحرر الثوري كمصر وسوريا والجزائر واليمن، وآخر شكلي ظاهري بإنتداب عائلات تحكم البلاد كدول الخليج مثلاً...النوع الأول حولها لاحقا لشكل من اشكال النوع الثاني في طريقة الحكم مع حفاظه على مواقف سياسه إلى حد ما ضد السياسه الغربية وفيها بعضاً من القومية...اما النوع الثاني فكان دوره أعمق من شكل التكون الأول، فقد لعبَ دوراً أساسياً في جلب النوع الأول لمستنقعه، وحين بدأ المال ينساب مطراً بين يديه، سخّرَه لقلب التحرر للتبعية، وحين وجد أن المال وحده لا يكفي، صنع مذهباً تكفيريا وأنتج أشباه العلماء لغسلِ أدمغة فقراء المسلمين، وبدأ هؤلاء يشكلون رأس حربه وخط دفاع أولي في المحاربه لصالح التابعين السارقين لأموال العرب والمسلمين وأسيادهم.
البدء كان أفغانياً لمحاربة الكفار الشيوعيين، وجاء بعده الحادي عشر من أيلول، وإنتشر ليشمل ويغطي كُلّ شيء، من فتاوى وقتل ونحر وذبح، بدأ وهابيا في نجد وتعاون مع بريطانيا وكان تحركهم دمويا فلم يبقوا أحداً يخالفهم في غزوات زعيمهم "محمد بن عبد الوهاب النجدي" الذي ضخم المسائل الفرعية المُختَلف عليها لدرجة التكفير والتفسيق، والذي إستندت جماعته لاحقا لفكر متشدد مثله، فكر الشيخ "إبن تيمية"...وتطور الأمر وأصبح لدينا شريعه سلفية وليس شريعه إسلامية، ودعوة سلفية وليس دعوة إسلامية، وفقه سلفي وليس فقه إسلامي، وتم إختصار الإسلام وعظمته في فكر تكفيري يدعو للذبح ويدعو لقتال أهل الإسلام وترك أهل الأوثان، فهؤلاء تم صناعتهم لخلق الفتن ولإستدعاء الغرب للتدخل، فحين يتحالفون مع الغرب كالحال في سوريا وما حدث في ليبيا يتم التغاضي عنهم، وحين يبدأون في مواقع أخرى دون التنسيق مع الغرب أيضا يأتي الغرب لمحاربتهم، لكن الهدف الأساس هو إبقاء الغرب مسيطرا على رقاب العباد والبلاد.
لكن "سفر التكوين" الأخطر حديثا، أن يتجمع الإخواني وعلماءه والسلفي وعلماءه في "القاهرة"، تجمع غريب، يُظهر بوضوح ان السيد واحد، السيد الغربي والسيد النفطي، والهدف، النفير والجهاد في سوريا، وحيث أن النفير يكون في سبيل الله، أي في رضاه، وفي موالاته، ويكون في الأخذ بآياته، بالإصلاح بين الفئتين المسلمتين المتقاتلتين، والتأليف بين قلوب المسلمين، وقتال من يدّعون أنها الفئة الباغية لا يكون بإرسال القتله ولا الدعوة للنفير، فأولا يجب تحديد من هي الفئة الباغية، ومن هي الفئات المؤمنة حقاً، وحيث أن الدولة الإسلامية ليست قائمه، في حين الإسلام قائم، فدرء المفاسد أهم من دعوات القتل، فالظلم في سوريا الذي كان، تحول على أيديهم إلى قتل وتدمير، تصوروا كيف كانت سوريا؟ وكيف أصبحت؟!!!! ألم يكن من الأفضل البحث عن إصلاح وتقريب بين وجهات النظر المختلفه؟!!! أم أنّ السياسه لها أهداف أخرى؟!!! والسياسة هنا لا تبتعد عن أشباه العلماء الخاضعين للسلاطين المدافعين عن أولياء نعمتهم، ومن لا يعصم دماء الأهل والمسلمين فهو الباغي، ومن يصبُّ الزيت على النار فأهدافه سياسية وليس للدين مكان فيها، ومن يحلم بأن الخلافة ستأتي من الغوطه فهو يضحك على جمهور المسلمين لأنه ينفذ سياسه وأجندات ليست عربية.
في البدء كان ربيعياً، حولوه أدعياء الدين ومُفتي السلاطين جحيماً...في البدء كان ثورة، فحولوه مُشتهيي السُلطة لفوضى وفِتن وطائفيه وتكفير وسَحل وذبح ونحر ونبش قبور...في البدء كانت حُرية، فأبوْ أصحاب الإسلام السياسي إلا أن يحولوه لديكتاتورية بإسم الدين البريء منهم، فمن ينتقد الرئيس المؤمن فهو علماني كافر، ومن ينتقد العلاقة مع الولايات المتحده، فهو يساري مُجرم وكافر، ومن يرفض ثورة القتل والتدمير في سوريا، فهو ليس فقط كافر، بل فاجر وآثم...ليست هذه الحرية التي نريد، ولا هذه الديمقراطية التي نهوى، فإما حرية حقيقية وديمقراطية تستند لثقافه في المسلك قبل الكلام، وإلا كما مصر العروبية، مصر عبد الناصر، الشعب في الشارع إلى أن ترحل تلك النُخب التي تدعي الدين وتلبس لباس السياسه التجارية كوكلاء جدد للإستعمار...هذه قصة الربيع ومنابع التكفير التي تزعمها علماء أدعياء دين وسياسه، وقد صدق رسول الله، نبينا، وسيدنا، صلوات الله عليه وسلم حين قال: عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العلماء أُمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، ويدخلوا في الدنيا، فإذا خالطوا السلطان ودخلوا في الدنيا، فقد خانوا الرسل، فإحذروهم وإعتزلوهم"...وهؤلاء الجدد على السياسه وحتى على الدين، قد خانوا الأمانة، وفي مصر بدأت عملية الغربلة وإعتزالهم، وفي سوريا العملية اصعب ولكن نتيجتها عروبية بالتأكيد، والقادم بإذن الله حرية حقيقية وديمقراطيه فِعليه...اللهم نحن عبادك وخَلقك..فإفعل ما تريد بعبادك وخَلقك، فأنت ألأرحم والأعلم...اللهم آميين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت