طولكرم - وكالة قدس نت للأنباء
خرج بخطىً واثقة وقوية لا يخشى أي شيء... فباغته جنود الاحتلال الاسرائيلي الذين لا يعرفون إلا القتل والجرح والإيذاء وأطلقوا عليه ومن معه في السيارة وابلاً من الرصاص ... استشهد من كان معه وبقي هو حياً لكنه ينزف ويئن جراء الإصابة.
يسرد مركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان في هذه المقدمة، ما جرى للأسير مهراج إبراهيم عبد الوهاب شحادة (38 عاماً) من مخيم طولكرم، والذي كان الاحتلال ينوي قتله بل نفذ ذلك وظن أنه تحقق عندما أطلق النار عليه بتاريخ: 29/4/2001، حيث استشهد رفيقه غانم غانم (35 عاماً) الذي كان معه في السيارة، وهو من المخيم أيضاً.
مهراج شحادة... الأسير الذي كان مطارداً منذ بداية انتفاضة الأقصى، كما أكدت أم جهاد زوجة الأسير، والذي عمل في الشرطة الفلسطينية، كان الاحتلال يلاحقه أينما تواجد، وحاول اعتقاله مراراً لكنه لم ينجح، أما في المرة الأخيرة وبعد ارتداء الزي المدني تمكنوا منه وأصابوه بالشريان الرئيس للرئة.
وتكمل الزوجة بمرارة تذكرها بالأيام السابقة قائلة:" بعدما هاجم الاحتلال السيارة التي كان يستقلها مهراج وأطلقوا عليه وصديقه الرصاص، غادر الجنود المكان، ظناً منهم أنهم تخلصوا منهم، وبقي الاثنين جثثا على قارعة الطريق، ومع تواجد إحدى المارة الذي شاهد مهراج لا زالت به أنفاس، استقل سيارة وأخذه للمشفى وهناك كانت حالته سيئة للغاية فالرصاصة أحدثت له نزيفاً".
وتقول الزوجة:" تم إعطاء مهراج 24 وحدة دم في مشفى طولكرم وبقيت حالته تسوء، وأكد الأطباء على ضرورة نقله إما لنابلس أو رام الله، وبالفعل تم نقله عبر سيارة إسعاف إلى نابلس... لكن فوجئنا على الطريق بأن الاحتلال قد علم بأن مهراج لم يستشهد فأوقفوا سيارة الإسعاف وطالبوا بإنزاله، ورغم أن الطبيب رفض تسليمه إلا عبر سيارة إسعاف، إلا أن جنود الاحتلال رفضوا ذلك وأخذوه في جيباتهم العسكرية مصاباً ينزف ويصيح من ألمه".
اشتدت المصيبة على العائلة وازداد الحال هولاً مع اعتقال مهراج وهو بتلك الحال، لتعلم العائلة بعد أيام إن ابنها في إحدى المشافي الاسرائيلية هناك... يعاني وضعاً خطيراً ورغم ذلك كان مقيد الأيدي والأرجل، ومن حوله الجنود يطوقونه.
وعندما أحس الاحتلال بمهراج يتعافى، استاقوه لمركز تحقيق الجلمة لمدة شهرين، وهناك كان العذاب الحقيقي، الذي كان أقسى بكثير من عذاب الإصابة، ومن إحدى أبشع طرق التعذيب كانت: سحب البربيش الموصول برئته المصابة، ثم أخذه للمشفى لإدخاله من جديد وتكرار تلك العملية أكثر من مرة.
توالت الأيام عصيبة على العائلة وعلى مهراج في سجنه، فالعائلة كانت تعاني من استمرار احتجازه ووضعه الصحي في تدهور، ومهراج يكابد آلام التعذيب والتحقيق في الأسر.
أما الزوجة أم جهاد، فلم يرق لها جفن خوفاً على مصير زوجها، وكان الابن البكر جهاد لا يزال صغيراً، فعمره عند اعتقال والده كان عاماً ونصف، لكنه الآن وقد أصبح عمره 13 عاماً، يحفظ ويعرف والده وما كان يفعل ويقول إنه فخور بأبيه وإن الانتفاضة لو تعود لكان أول أشبالها الذين يتصدون للاحتلال وينتقم لوالده.
بقي مهراج على التعذيب والتنقل من سجن لآخر إلى أن صدر الحكم ضده عام 2005 وهو السجن ثلاثين عاماً والتي تم تخفيضها فيما بعد إلى 15 عاماً، بتهمة أنه شخص خطير يخطط ضد الاحتلال.
وبعد الحكم، ظل مهراج صابراً ومحتسباً يواسي عائلته وخاصة ابنه جهاد، الذي بقي يشد من عزمه ويقول لي سنخرج سوياً وسنكون أنا وأنت معاً، وهذا السجن لن يطول.
أما الزوجة وأم مهراج، فظلتا تعتمدان على رحلة الزيارة للاطمئنان عليه في كل مرة، بالرغم من أن الاحتلال تلاعب في مواعيد الزيارة أكثر من مرة، ورفض إعطاء تصاريح الزيارة لهم.
وخلال اعتقال مهراج وبالتحديد عام 2003 دخل حزن شديد للعائلة بوفاة والد مهراج الذي لم يزر ابنه في الأسر إلا مرة واحدة، ومات وقلبه من الشوق له يئن ويتألم.
وضع الأسير مهراج الصحي لا يزال سيئاً، فإصابته في الشريان الرئيس المتصل بالرئة تسبب له بضيق دائم في التنفس وخاصة في فصل الشتاء، وفي كثير من الأحيان يتسبب له ذلك بالحرمان من النوم، ووضعه يستلزم إجراء عملية جراحية له، الأمر الذي رفضه الاحتلال.
وكان الأسير مهراج قد تعرض للاعتقال خلال الانتفاضة الأولى وقضى في السجن سنتين وأربعة أشهر.
فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى قال إن مهراج شحادة يعمل ليلا ونهاراً من أجل الأسرى وخدمتهم وتمثيلهم أمام السجان وانتزاع حقوقهم وهو من رموز الحركة الأسيرة الفلسطينية.