تكتسب زيارة الرئيس محمود عباس " ابو مازن " اهمية كبرى في هذه اللحظات المصيرية التي تمر بها القضية الفلسطينية الى لبنان ، والتي تأتي في ظل ظروف بالغة الدقة والتعقيد تشهدها المنطقة ، ونحن على ثقة بأن هذه الزيارة تأتي بهدف تعزيز العلاقات اللبنانية والفلسطينية ، ولتأكيد الموقف الفلسطيني بسياسة النأي عن الدخول في التجاذبات اللبنانية .
ان اهمية الزيارة تأتي بعد زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية كيري الى فلسطين والتي لم تسفر عن اي نتائج رغم الضغوط التي تعرضت لها القيادة الفلسطينية من اجل العودة الى مسار المفاوضات ، وهذا يستدعي العمل من اجل إقفال هذا المسار ، والبحث عن مسار جديد قادر على تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.
ان نجاح سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الفصائل والقوى الفلسطينية من الأحداث منذ فترة طويلة في لبنان، وإعلان كافة القوى الفلسطينية إصرارها على الوقوف بحزم أمام أية محاولة لاستدراج الساحة الفلسطينية الى بحر الأزمة اللبنانية الهائج، والحيلولة دون تكرار تجربة نهر بارد جديدة، وبالتالي الحرص على عدم تحويل المخيمات الى بؤر أمنية لا يستفيد منها سوى أعداء القضية الفلسطينية الذين يضمرون الشر للشعب والقضية.
ان وضوح الموقف الفلسطيني من الأزمة اللبنانية الداخلية، وعدم مشاركة أي فصيل أو حركة فلسطينية الى جانب هذا التيار أو ذاك، وعدم انزلاق أي منها في الصراع الداخلي المفتوح، فإن الفلسطينيين لم يسلموا من بعض الأقلام أو التصريحات أو صفحات الصحف ووسائل الاعلام...
رغم الموقف الفلسطينى الرافض للدخول فى الأزمة اللبنانية، والالتزام بمبدأ الحياد الإيجابى لما فيه خير لبنان والقضية الفلسطينية.
لا شك ان العلاقة اللبنانية الفلسطينية الايجابية تتطلب ان تحد ممن يستعملون فزاعة التوطين دون مبرر ، وان رفض التوطين لا يكون في الشتم والتهجم، ولا يكون في الحصار والحرمان من العمل، ولا يكون في النفي والتشتت، ولا يكون في تأجيج صراعات وفتن طائفية، سياسية .
وامام ذلك نرى ان زيارة الرئيس محمود عباس يجب ان تشكل خطوة في المطالبة من اجل اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية اي إعطاء اللاجىء الفلسطيني الحد الأدنى من الكرامة وحق العمل وفي إعادة النظر بكيفية بناء المخيمات أو إعادة ترتيب البنى التحتية في المخيمات ربما البناء العمودي وحق التملك بالصيغة التي تلائم الجميع كي نخرج من دوامة لا للتوطين وحتى لا تبقي الفلسطيني في حالة من البؤس واليأس وما أدراكم ما ينتج عن ذلك
وفي هذه الظروف تزداد معاناة الفلسطينيين النازحين من سوريا وتزداد معها حال أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان في ظل تباطؤ الجهات المعنية بالنازحين الفلسطينيين وفي مقدمتها الأونروا عن القيام بمسؤولياتها تجاه هؤلاء الفلسطينيين النازحين من مخيمات الموت في سوريا إلى مخيمات البؤس في لبنان التي تفتقر بدورها إلى ادنى مقومات الحياة..
فأزمة الفلسطينيين النازحين من سوريا تتخطى توفر "المساعدة المالية او العينية,فهي أزمة حقيقية لها جوانب متعددة ومشاكل متنوعة قانونية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية ، وهذا يتطلب من وكالة الانروا والمجتمع الدولي والدول العربية ومنظمة التحرير اعطاء الاهتمام لقضية النازحين من مخيمات سوريا لحين عودتهم الى مخيماتهم ومن ثم الى ديارهم ووطنهم في فلسطين
لهذا فان اهمية زيارة الرئيس ابو مازن بما تحمله من مؤشرات ايجابية نرى انه بات من الضروري العمل من جميع الفصائل والقوى الارتقاء بالمسؤولية الوطنية بعيدا عن التأثيرات الخارجية والحسابات الحزبية والفصائلية الضيقة من اجل الخروج من المأزق الراهن ، والالتزام بالموقف الفلسطيني الموحد وخاصة لجهة سياسة النأي بالنفس بشأن الأزمة اللبنانية ومتفرعاتها، والعمل على صيانة أمن واستقرار المخيمات، وتعزيز الهدوء ، وتطوير العلاقات مع الجوار لمواجهة اي فتنة تضمر الشر للفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء، وابقاء بوصلة النضال نحو فلسطين وحق العودة .
ختاما : لا بد من القول ان فلسطين تفتخر بما قدمه لبنان من تضحيات جسام دفاعا عن فلسطين وهي تتذكر الشهداء الذين استشهدوا على ارض فلسطين، ليؤكدوا على الانتماء والهم الواحد، علينا ان نحفر في ذلك في مسيرتنا الواحدة والتي شكلت المقاومة عنوانها الرئيسي في موجهة العدو الصهيوني ، ونحن نرفض التدخلات الخارجية في شؤون الدول من اجل اشاعة الفتن في المنطقة ، ولهذا نرى ان العلاقة مع لبنان الشقيق وقواه الوطنيه هي علاقة متينة وقوية في مواجهة من يسعى لنشر التفرقة الطائفية والمذهبية ، وهذا يستدعي تكريس العيش المشترك وترسيخ العلاقات اللبنانية الفلسطينية التي باتت اليوم تشكل نموذجا رياديا في العلاقة الأخوية من خلال التاريخ العريق الذي يجمع الشعبين اللبناني والفلسطيني.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت