الإخوان تنظيم سياسي قوي وحديدي له أيدلوجية حديدية , لهذا فان هذا التنظيم يصلح لان يشارك سياسياً و يكون جزء من منظومة سياسة كتعددية الأحزاب لكن ينقص هذا الحزب أو هذه الجماعة الكثير ليبنوا إمبراطوريتهم في كيان سياسي ما لوحدهم , ولان أيدلوجية الإخوان لا تقبل من هم خارج الجماعة ليشاركوا الجماعة فأنهم لا يقبلوا أن يشاركهم احد الحكم وان ادعوا أنهم للجميع وهذا ادعاء غير صحيح لأنهم حسب التجربة السياسية الفاشلة في مصر كانوا يجيروا كل ما في الدولة لخدمة الجماعة على حساب باقي الشعب , ولعل ما حدث في مصر من ثورة على حكم الإخوان خير دليل أن هذه الجماعة لا تصلح للحكم ليس في مصر وإنما في كل بقاع الأرض , ويبقي السؤال الرئيس في هذا المقال , لماذا فشلت تجربة الإخوان؟ فإذا حاولنا الإجابة علية واستخدام أبجديات الفكر السياسي الذي ‘يدرس في سنة أولي سياسة يوضح أن وصل الإخوان المسلمون للحكم في مصر بالوقت المناسب، وذهبوا بالوقت الضائع، وكما حلم الكوابيس جاءت الثورة فعصفت بكل شيء، ومثلها سقط مبارك،..
فالإخوان الذين خططوا لخلافة إسلامية قاعدتها مصر منذ خمسة وثمانين عاماً لم يدركوا أن الأزمنة اختلفت وأنهم يعيشون بتوقيت الماضي، وأنه لا يمكن جمع طرفي قارة آسيا وأفريقيا كأن تدمج اندونيسيا بنيجيريا في دولة واحدة، ثم أنهم تعاملوا مع الشعب، وتحديداً ممن لم يحمل هوية الجماعة بالعزل التام، وهي صيغة إقصاء جاءت نتائجها كراثية......
فصندوق الاقتراع لا يعطي الحصانة التامة أو يُرى بأنه مقدس، فأكبر دولة في العالم قوة ونظاماً ديمقراطية عزلت رئيسها «نيكسون» لأنه خالف القوانين، ومرسي في دولة ناشئة ديموقراطياً أخطأ بالحسابات، ولم يعتقد أن الذين أدخلوه مكتب الرئاسة باقتراع، هم من احتشدوا في مدن مصر بأكثرية أكبر من المقترعين من أجل عزله وجماعته، واكتسبوا شرعيتهم من ذلك الزخم الكبير، ولم تقتصر أخطاء الحكم على أسلوب الإدارة المحلية، فقد ذهبوا لما هو أبعد عندما حاولوا لعب ورقة إيران ثم سوريا، وكذلك تحديات الاقتصاد زادت أسعار الأغذية والضرورات الأخرى، وعطش بلد يعيش على أطول نهر في العالم، وانفلات الشارع وتمزيق القاعدة الاجتماعية ثم اختيار أثيوبيا دورة المتاهة المصرية بإنشاء سد النهضة الذي يهدد أمن مصر المائي، والتعامل مع هذه التحديات وغيرها بنفس اللامبالاة، وصرف الجهد لخطط الجماعة أضاف ضغطاً اجتماعياً هائلاً، جعل الثورة على الثورة ضرورة، ولعل مشاهد الاحتفالات بعد قرارات المجلس الأعلى العسكري، هو الكاشف الأعظم بأن إرادة الشعب تغير موازين الأشياء وتفاجئها.. ..... ولا ننسي أبدا في فكرنا إن نُدرة الخبرة السياسية إن لم يكن انعدامُها لدى جماعة الإخوان المسلمين وقفزهم إلى السلطة بصورة كانت مفاجئة للجميع حتى للجماعة نفسها ، هي ما أدت إلى فشلهم في حكم دولة بحجم مصر ، حيث لم يستفد الأخوان منذ نشأة حركتهم قبل خمسة وثمانين عاماً من تجارب الآخرين ويعملون على تأهيل كوادر سياسية قادرة على تحمل المسؤولية بمجرد أن تناط بهم ، فقد ظلوا على مدى العقود الماضية معتمدين على العمل السري في تنظيمهم دون الانفتاح على الآخر المختلف معهم ، وحصر الحقيقة فيما يفكرون فيه هم ، ودون مسايرة الواقع والتكيف معه ، عن طريق التدرج في التعاطي مع الأحداث الداخلية وكذلك المحيطة بهم ، وقراءة الواقع قراءة مُتانية ، إضافة إلى اعتمادهم خطاباً واحداً غير قابل للتغير أو التراجع ، ما سببَّ حالاً من السخط والغضب في أوساط المجتمع..وهناك الكثيرُ والكثيرُ من الملاحظات ، لكن الأهم من ذلك كله ، هو أن الحياة دروس ، والسعيد من اتعظ بغيره واستوعب الدرس جيداً حينما يقع في الخطأ لتفادي ذلك في المستقبل ، والسؤال هنا هل سيستفيد الآخرين من تجربة مصر وتلبية طموحات شعوبهم أم لازالوا ينتظرون و نتمنى أن تفهم كل القوى السياسية الأخرى جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني والاجتماعي سواء في بلدنا أو البلدان العربية والإسلامية الأخرى ، فالسياسة بمفهومها الواسع والطبيعي أن تؤمن بالآخر كما يؤمن هو بك ، وتحترم رأيه مهما بلغت حدة الاختلاف معه ، ومسايرة الواقع بما ليس مخلاً بالثوابت ، وخدمة المصالح المشتركة ، ونبذ العنف بكل أشكاله وصوره ، والاحتكام لصناديق الاقتراع كوسيلة حضارية للتبادل السلمي للسلطة ،،، ولا شك أننا جميعاً معنيون للاستفادة من هذا الدرس ، كي يعيد الجميع ترتيب أوراقهم وينأوا بوطنهم من الوقوع في مثل هذا الفخ الخطير ،، حفظ الله مصر وفلسطين والأمة العربية والإسلامية من كل مكروه ،، والله الهادي إلى سبيل الرشاد ..
بقلم د.هشام صدقي ابويونس
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت