قامت بلدية غزة في السنوات الثلاثة الاخيرة بجهد ملموس في مختلف المجالات ؛ من أجل مصلحة المواطنين ، وربما لم يشهد تاريخ قطاع غزة طفرة نوعية متميزة في العطاء والابداع كما شهدها في عصر السيد رفيق مكي رئيس البلدية ، وهي هنا جديرة بالشكر والتقدير على الرغم من الأخطاء التي تقع بها البلدية ، والمشاكل التي لا زالت تواجهها ، والتي تشكل لها تحديا كبيرا ... ومن الأخطاء التي لا يمكن فهمها لبلدية غزة ملاحقتها لبائعي الذرة على كورنيش بحر غزة بدءا من تاريخ 2 / 7 / 2013 م ، وعدم السماح لهم بالبيع ...
فإذا كان البائعون قد خالفوا قوانين البلدية فلماذا سكتت البلدية عن كل تلك المدة السابقة ؟ وماذا نفهم من حرمان عشرات الباعة من أرزاقهم ونحن مقبلون على شهر رمضان ، ومن ثم العيد ، وبعد العيد يأتي موسم دخول المدارس ، وكل بائع خلفه أسرة ؟ لماذا تعاقب بلدية غزة مئات الأطفال والنساء من خلف هؤلاء الباعة ؟ علما بأنني رأيتهم يبيعون ليس على رصيف الكورنيش بل على الرمال المجاورة للرصيف ، بمعنى آخر انهم لا يشكلون ادنى إعاقة للناس ولا يزعجون أحدا ، وتتذرع بلدية غزة بأن وجودهم غير قانوني ، وان البلدية غضت البصر عنهم كل تلك الفترة لأسباب إنسانية ، فهل زالت تلك الأسباب الانسانية في تفكير وعقل بلدية غزة لكي تقوم بمحاربة هؤلاء المساكين بأرزاقهم في هذه الأيام الصعبة والقاسية والتي يشهدها قطاع غزة ... بل الأصعب من ذلك أنها وعدت أصحاب البسطات من الباعة بأكشاك بديلة ، وعندما ذهبوا للتسجيل رغبة في الحصول على الاكشاك وجدوا أن الامر خدعة فقط من بلدية غزة ، لتسجل بلدية غزة استخفافا جديدا بآدمية الانسان الفلسطيني !!!.
لقد رأيت بعيني الاستفزازات التي يتعرض لها هؤلاء الباعة المساكين من قبل موظفي بلدية عزة ، وسمعت منهم كلاما بحق الباعة وبحقي أيضا لا يليق بموظف أن ينطق به ، وذلك عندما تدخلت ذات مرة لفض مشكلة وقعت بين موظفي البلدية وبائع ذرة على كورنيش بحر غزة ، فجن جنون موظفي البلدية عندما علموا انني كاتب صحفي ، وانني سأنقل ما حصل منهم إلى السيد رئيس البلدية مباشرة ، وإلى السيد مدير قسم المتابعة والتفتيش ، وإلى وزير الداخلية ووسائل الاعلام ، إلا انهم تراجعوا في نهاية الأمر وتم حل المشكلة فورا... وهم تارة يصادرون ما يملك بائع الذرة من أدوات بيع بسيطة جدا ؛ لكي يرغمونه على دفع مخالفة قيمتها عشرين شيكلا ، أي حوالي خمسة دولارات ربما لا يكسبها البائع طول يومه ، وتارة يأتون ببائع ذرة ويطلبون منه البيع مكان بائع آخر لكي تقع المشادات بين البائعين ( لاحظوا ) ، وتارة يفتخرون بأنسابهم وبعائلاتهم من أجل تهديد الباعة المساكين ، وتارة يتعاملون بفوقية وبعنجهية لا نظير لها ، وتارة يقولون للبائع المغلوب على أمره وبالفم الممتلئ : نحن القانون ... اذهب وارفع بنا شكوى ... نحن إن وضعنا احدا برأسنا لن نتركه ( لاحظ التهديد بأسلوب بلطجي ) ... سنسمح لجميع بائعي الذرة بالبيع على شارع الكورنيش إلا انت !!! ( لاحظ التكبر والاستعلاء )... فهل هذا هو القانون التي تطبقه بلدية غزة خاصة على المساكين من هؤلاء الباعة !!!؟.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : ماذا لو تعرض هذا الشاب لحالة من الضغط النفسي وقام بحرق نفسه ؟ وماذا لو اعتدى هذا الشاب على موظفي البلدية وتطور الأمر إلى ما لا تُحمد عقباه ؟ عل ستشعر بلدية غزة عندئذ بالسعادة !!؟ وهل تعلم بلدية غزة ما يجرب فعلا على الأرض هناك أم لا تعلم ، وكما قال الشاعر : إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ...
ظروف قطاع غزة ظروف استثنائية ينبغي وبالضرورة اعتبارها قبل القيام بأي خطوة ضد المواطنين ، وينبغي عدم الزج بالمواطنين بسبب قرارات المسئولين إلى مزيد من الضغط النفسي ، فيكفي ما يتعرض له الناس في غزة فهو غني عن التعريف ... والسيد أبو العبد رئيس بلدية غزة يعرفني جيدا ، وقد زرته سابقا مع وفد من شخصيات المجتمع المدني لمناقشته بكثير من المشكلات التي ترهق المواطنين ، وهنا ومن خلال وسائل الاعلام أهيب بحضرته أن يعيد النظر بالتعامل مع هؤلاء الباعة رحمة بهم وبأسرهم من خلفهم ، ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك ... ولا أريد أن أطرح مزيدا من معاناة المواطنين على أيدي بلدية غزة ، بل سأترك ذلك لمقالات قادمة وقريبة بإذن الله تعالى ، وسأخاطب السيد رئيس البدلية من خلال وسائل الأعلام أيضا ، متمنيا أن تصل هذه الرسائل إليه ، وان يعمل بها انطلاقا من الالتزام الاخلاقي والانساني تجاه شبابنا في غزة .
للاتصال بالكاتب :
من داخل فلسطين 0599421664
من خارج فلسطين 00972599421664
بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب مستقل – 6/7/2013م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت