امام التطورات الراهنة في المنطقة العربية نتساءل اين الاجماع الوطني الفلسطيني في رفض التطبيع السياسي، وخاصة بعد ان تكشفت السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وهي تفتقد لأي بعد أخلاقي قادر على التغطية على أهدافها الحقيقية والمباشرة وخاصة في فلسطين ، والتي تقوم على أساس تأمين مصالح الكيان الاسرائيلي العنصري وتأمين مصالحها التي ترسمها وتحددها احتكاراتها النفطية والتي تمثل عصب الاقتصاد الأمريكي .
ان زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الى المنطقة كانت واضحة وهي تحمل انحياز كامل لحكومة الاحتلال الصهيوني على حساب الحق الفلسطيني ، وهذا الموقف الامريكي لا يحتاج إلى جهد كبير لتحديد ما تهدف إليه الادراة الامريكية من جراء سياساتها التي اصبحت واضحة سواء منها في فلسطين أو تجاه إيران وموضوع سلاحها النووي وعموم منطقة الشرق الأوسط
لقد سقط البعد الأخلاقي الذي تدعيه السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الوقوف مع الحقوق الفلسطينية المشروعة ، لانها لا تؤمن بحقوق الشعوب إنما تؤمن بالمصالح ، ولا تحترم الأخلاق أو القانون الدولي ، وإنما تؤمن بالقوة وتقدسها ، إن السياسة الخارجية الأمريكية تهدف إلى تأمين سيطرة الولايات المتحدة على منطقة الشرق الأوسط لذاتها ولما تمثله تجاه العالم أجمع ، لذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال سياستها التي تبدو مضطربة في الشرق الأوسط إلى إدامة قضاياه ومشاكله وأزماته ذلك ما يوفر لها الظرف المناسب لإحكام سيطرتها عليه والإبقاء على تدخلها السافر في شؤونه العامة الداخلية والخارجية .
وفي ظل الظروف الراهنة نرى ما تقوم به حكومة الاحتلال من تكريس الاستيطان والتهويد و تحويل قضية الحقوق الوطنية الفلسطينية إلى نزاع حول مساحات من الأرض وتثبيت للاعتراف بالكيان الصهيوني وبما فرضه بمرور الزمن من وقائع التهويد فالمبادلة بين مساحات المستوطنات الصهيونية في الضفة و مساحات أخرى من أرض النقب الفلسطيني المحتل ليست سوى حيلة خبيثة لتغطية تصفية قضية فلسطين كليا والرضوخ للهيمنة الإسرائيلية بكل شروطها والكلام عن تحريك التفاوض انطلاقا من هذا التعديل يعني الاستعداد لتنازلات لاحقة سيكون أخطرها التسليم العلني بسقوط حق العودة وتحريك مشاريع العدو لتوطين الفلسطينيين و لتهجير سكان الأرض المحتلة عام 1948 و بدا واضحا من التقارير الإعلامية الغربية المهللة ، رغم تمسك القيادة الفلسطينية بمبادرة السلام العربية ، ما يقوم به وزير الخارجية الامريكية كيري من جولات جديدة في ظل الدعم الامريكي السافر لكيان العدو اضافة وللاسف التحالف العلني بين إسرائيل وبعض الدول العربية المتورطة في خطة تبادل الاراضي وتعزيز عمليات الترابط والتنسيق الاقتصادي الإسرائيلي التركي الخليجي.
وامام هذا الواقع نرى اصحاب النهج التفريطي يواصلون لقاءاتهم تحت دعوة من نشطاء "مبادرة جنيف" لبحث مواقف الفلسطينيين والاسرائيليين اتجاه بعضهم وكذلك وجهات نظرهم فيما يتعلق بعملية السلام ، هذا النموذج الصارخ لتجاوز الاجماع الوطني الفلسطيني وتجاوز م.ت.ف ، فهولاء لا يعبرون الا عن انفسهم ونطالب بمحاسبتهم كوننا ما زلنا في مرحلة تحرر وطني ، كما يتطلب من الجميع الالتزام بالثوابت الفلسطينية وعدم تجاوزها ، حيث تعطي لقاءات التطبيع السياسي بالغ الخطورة في النضال الوطني .
ان حق العودة هو حق مقدس وقد حذرنا من مقولة العودة الى ارض الوطن والدولة ، فهذ الحق هو حق العودة للاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار الاممي 194، وهو حق فردي وجماعي وغير قابل للتأويل والتفويض والإنابة ويشكل برأي الكثيرين إن لم نقل الغالبية العظمة من شعبنا أساس وجوهر نضالنا الوطني .
ان ما يجري من مواقف رسمية وغير رسمية على الساحة الفلسطينية لا تلقى أي قبول وطني وشعبي على العكس تحظى برفض قاطع من كل تجمعات الشعب الفلسطيني، فبالتالي أن تلك اللقاءات مع العدو تحت مبادرة جنيف تشكل طعنة ونكسة جديدة لمساعي إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لأنها تشكل مزيدا من التأزيم للأوضاع الداخلية وتساهم في تعكير صفوة الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام مما يلحق أفدح الأضرار بالمصالح العليا والتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني هذا يفترض من جميع الفصائل والقوى أن تضع حدا لهذه اللقاءات في ظل استمرار علامات الاستفهام حول اصحابها ، وهذا يتطلب توحيد الموقف الفلسطيني وتعزيز أرادة الصمود والمثابرة للحركة الوطنية الفلسطينية لتمكينها من وضع كل إمكانياتها في خدمة المعركة المصيرية للشعب الفلسطيني حيث لايجوز أن تقف الحركة السياسية والدبلوماسية الفلسطينية عند حدود الاعتراف الدولي بدولة فلسطين كعضو غير مراقب في الأمم المتحدة بل يجب تسخير مثل هكذا انتصار لمحاكمة الكيان الصهيوني وقادته السياسيين والعسكريين على جرائمهم وإرهابهم للإنسان والشجر والأرض الفلسطينية في مختلف المحافل والمنتديات الدولية.
أن التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم دفعت بالقضية الفلسطينية بعيدا عن سلم الأولويات على الأجندة الدولية والإقليمية وفي ظل حالة العجز والرتابة التي تمثلها تحركات شخصيات فلسطينية باتجاه التطبيع مغ الكيان الاسرائيلي و، بدلا من أن نطور ونعزز كافة أشكال وأساليب النضال بما يستجيب لعدالة القضية الفلسطينية وموجبات نصرها على كافة المستويات والصعد بامتلاكنا لأدوات وعناصر مؤثرة ، فالواقع والظروف الراهنة والتي تعزز من فعالية العناصر الايجابية لحقوقنا والتي يجري امتهانها من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة التي تسعى لترسيخ حقيقة وجود الكيان ودوره كأولوية من أولوياتها في المنطقة بالاستفادة من الثغرات التي فتحت في الجسد العربي بفعل الإرهاصات التي تشكلها التحركات المشروعة للشارع العربي بمواجهة الثورة المضادة وتحديدا في مصر والتي ستمهد الطريق إذا ما أحسن استغلالها لإعلاء القيم الوطنية والقومية وتعزيز الديمقراطية والحرية والعدالة ، وبدون تحقيق العدالة في فلسطين ستبقى المنطقة على فوهة البركان .
ان مغادرة المسار الانتظاري هو الكفيل بإخراج الوضع من مرحلة الجمود الى مرحلة ستمكن الشعب الفلسطيني وقيادته من طرق منافذ و طرق اخرى اكثر جدوى وفاعلية للنضال الوطني فلا رجاء من ادارة امريكية وضعت كل امكاناتها في خدمة كيان عنصري صهيوني ،علينا ان ندرك ان الطريق الاصوب والاسلم هو عقد المجلس المركزي الفلسطيني لاتخاذ مواقف حازمة تصون المصالح الوطنية الفلسطينية ، وعدم انتظار كيري وزياراته لانها زوبعة في فنجان و لذر الرماد في العيون و التغطية على جرائم و ارهاب الكيان الصهيوني و تطمينا له .
ختاما : نؤكد على اهمية الوحدة الوطنية والتمسك بخيار المقاومة الشعبية بكافة اشكالها الى جانب الجهد السياسي والدبلوماسي في هذه اللحظه المصيريه وحتى نتمكن من مواجهة المشاريع الاستعماريه الاسرائيليه.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت