قبل أن تعزل قيادة الجيش المصري الرئيس محمد مرسي، كان الرجل سجيناً في قصر الرئاسة، فلا هو بالرئيس الفعلي للشعب المصري؛ الرئيس القادر على اتخاذ القرارات الميدانية التي تتواءم وطموح الثوار، وتلهب حماس الجماهير، وتعزز من الولاء والانتماء والثقة بالغد الذي يعد فيه الرئيس، ولا هو بالمواطن الذي يصطف بالطابور.
ظل الرئيس المصري سجيناً في قصر الرئاسة لمدة عام كامل، يحسب عليه كل قصور مجتمعي، ويحاسبه الشعب على أخطاء الاخرين، ويلقي على كاهله بعبء انقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، وارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة الجنية المصري مقابل الدولار.
لقد تعامل المواطن المصري مع الرئيس المنتخب على أنه مصدر القرار، ومصدر الفعل والتشريع والتقريع، وأنه واجهة مصر السياسية، حتى تم عزله، ليكتشف المواطن العربي المصري أن رئيسه المنتخب لم يكن السبب في العلل والأمراض التي أصابت مصر على مدار عام، لقد اكتشف المواطن العربي المصري أن أنصار الدولة العميقة؛ هم من كبل ساقي الرئيس المنتخب، وهم من أحبط خطواته التصحيحيه، وحرف مسار قراراته المصيريه، لقد اكتشف المواطن العربي المصري أن رئيسه المنتخب كان سجيناً في قصر الرئاسة، لا حول له ولا تأثير على مجمل الحدث الحياتي واليومي للمجتمع المصري، فالدولة التي عمق أركانها حسني مبارك ما زالت تعمل بانسجام تام، وبكامل طاقتها، ونجحت على مدار عام كامل في تجويع وترويع وتجريع الشعب المصري مرارة العيش كي يكفر بقراره، ويغير مساره، ويهتف ضد إرادته.
لقد اندهش المواطن المصري من سرعة المتغيرات، ففي غضون أربع وعشرين ساعة من عزل الرئيس مرسي تم حل أزمة غاز الطهي، وتم توفير الوقود، فلا طوابير على محطات الوقود، ولا مشاكل للكهرباء المصرية التي تفيض عن حاجة المجتمع. فأين هو الخلل؟ ومن هم أولئك الذين تعمدوا فعل العجز، وتعمدوا إفشال أول تجربة ديمقراطية لانتخاب رئيس مصري؟.
لقد صار الدكتور محمد مرسي رئيساً حقاً للشعب المصري بعد أن صار سجيناً، لقد أطلقت الأسوار أجنحة الرئيس، فصار يرفرف بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية على كل قطاعات الشعب المصري، الذي أدرك أن رئيسه المنتخب كان مظلوماً.
الشعب المصري الذي عرف الظلم والقهر والإذلال من نظام حسني مبارك يرفض أن يرى رئيسه مظلوماً، الشعب المصري سيتحول بقضه وقضيضه من منتقد لحكم مرسي، إلى متعاطف مع مرسي، ومع الأيام سيتحول مزاج معظم المصريين من معترض على طريقة عمل الرئاسة إلى معترض على قرار عزل الرئيس المنتخب.
لقد صار مرسي السجين رئيساً، بعد أن كان مرسي الرئيس سجيناً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت