تكمن أهمية الإعلام بوسائله المختلفة (المسموعة والمقروءة والمرئية)، كونه أحد أهم الوسائل الحديثة في مخاطبة المجتمعات الإنسانية والتأثير على سلوكياتها الثقافية والسياسية والاجتماعية، وبالتالي يُؤثر على نتاجها الفكري والإبداعي بما يتميز به من قدرة فائقة في التأثير من خلال مخاطبة الحدث وتحليل مجريات الأحداث.
وأصبح الإعلام أحد المكونات الأساسية المتحكمة في حركة الإنسان، خصوصا بعد تسارع حركة التطور المعرفي في كافة الأبعاد الإيديولوجية والتقنية.
وبناء عليه فإن الإعلام اليوم لم يعد مجرد ناقل لخبر، بل تعداه إلى نقل المعلومات السياسية والثقافية والقيام بدور التوعية والتوجيه في كافة مناحي الحياة، مما يعطيه المزيد من الأهمية في هذه اللحظات المصيرية.
وفي ضوء الحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في المراحل المختلفة تحدد مفهوم الإعلام الفلسطيني ، تجاه خدمة القضية الفلسطينية ودعمها على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية، بما يحقق توظيف الرأي العام نحو الضغط المتواصل والمنظم على القيادات الفاعلة وصناع القرار في مختلف أرجاء المعمورة لاتخاذ المواقف والقرارات التي من شأنها أن تجعل من القضية الفلسطينية محوراً دائماً لاهتمام المجتمع الدولي، وتوفير الدعم للشعب الفلسطيني، لتحقيق أهدافه الوطنية.
ولهذا يجب أن نوضح أنه وقبل وجود الصحافة الإلكترونية، كانت تحتاج وسائل الإعلام المختلفة لوقت طويل نسبيا، حتى تصلها المعلومة، او حتى تصل هي إلى المصادر والتي كانت شحيحة إذا ما قورنت بالوقت الحالي، وبالتالي فإن شريحة الصحافيين كانت ولا تزال من أهم الشرائح التي إستفادت من هذا الفضاء الإلكتروني، وتحديدا بما يتعلق بشبكات التواصل الإجتماعي، خاصة وأنها أصبحت مصدر إخباري هام لرصد الأخبار العاجلة والجارية .
وامام كل ذلك نرى شبكات التواصل الاجتماعي ودورها في العمل السياسي، والإعلامي، وغيره الكثير من المجالات. ومنذ انطلاقتها حملت تلك الشبكات العديد من العادات وأثرت في الكثير من الأمور التي ترتبط بالعالم الافتراضي من قريب أو بعيد، حتى طال تأثيرها عالم الإبداع والأدب فأثرت على أسلوب الكتابه، ودفعتني وغيري إلى الاختصار والتركيز في الكتابة، ولكنها في المقابل أدت إلى تشجيع الكثيرين من روادها على التعبير بمكنونات نفوسهم وشجعتهم على الكتابة، ولو كان على حساب بناء الجملة قواعديا ولغويا ، فأضحى من حق الجميع أن يكتب ويعبر ويتلقى الإعجاب ويتبادله مع الآخرين.
لقد استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي في البداية للدردشة ولتفريغ الشحن العاطفية، ولكن مع الوقت سارت موجة من النضج، وأصبح روادها يتبادلون وجهات النظر من أجل المطالبة بتحسين إيقاع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتخطت تلك الأفكار التابوهات المفروضة وحطمت القيود المرسومة ووضعت بديلاً عنها قيما جديدة رافضة للواقع بسهولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حتى باتت هذه الشبكات تنذر بمنافسة الإعلام التقليدي القائم عن طريق الانتقال من الكتابة الشكلية على الإنترنت إلى التأثير الحقيقي في العملية السياسية، وسنشهد عند حدوث ذلك تحولا من كون الإعلام الجديد منبراً سياسياً إلى أداة اجتماعية ، وسيجد الخطاب السياسي مساحة أكبر وتأثيراً أوضح.
ان ظهور وسائل التواصل الاجتماعي اعطت تأثير للانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة إلا بشكل نسبي محدود، فكونت لدى رواد العالم الافتراضي نظرة جديدة، وخاصة الشباب، عن طريق تكوين الوعي في نظرتهم إلى المجتمع والعالم، حيث أوجدت قنوات للبث المباشر توقف احتكار صناعة الرسالة الإعلامية لينقلها إلى مدى أوسع وأكثر شمولية، وبقدرة تأثيرية وتفاعلية لم يتصورها خبراء الاتصال ، فشرعت الأبواب أمام الجميع وكسرت طوق احتكار المنبر، وامنت طرق التواصل بين الكاتب والجمهور، كما كان لهذه الشبكات الاجتماعية أيضاً دورا مهما في ظهور نمط جديد من الكتابة الأدبية والشعرية وحتى الصحفية .
ان مواقع التواصل الاجتماعي سهلت لدى الكتاب صياغة أفكارهم الإبداعية، لإيصال صوتهم إلى شريحة كبيرة، عبر آليات تواصل أكثر فاعلية ، ونحن نرى ان تعدد المنابر والرغبة بالاستقلالية حق مشروع ويجب أن يكون مصاناً ، لهذا يجب أن نجعل من مبدأ الدفاع عن الحرية السياسية غير المقيدة والمشروطة هي الاساس ، كما يجب تعزيز المساواة التامة بين المرأة والرجل وحرية العقيدة والتعبير عن الرأي ، وهذه القضية لا يختلف عليها اعلامي وهي تصب في مصلحة المجتمع وترتقي بمستوى وأساليب إدارة الصراع والاختلاف السياسي نفسه وتضمن تجنب الكثير من الويلات.
من هنا نرى ان الاعلام يعتبر المحور الرئيس الذي من خلاله تستطيع الامم ان تستفاد من تاريخها وحاضرها بمحاكاة العقول والتصورات لتلك الامم وتوجيهها الى المسار الصحيح الذي يخدم مصالح تلك الامم والشعوب ويعتبر الاعلام هو الرقيب على كل مفاصل ومكونات الامم لا فرق بين الحاكم والمحكوم ولا بين الشارع والمشرع ولا بين القاضي والمقضي عليه أي يعتبر سلطة رقابية ذات صلاحيات عالية ضمن مساحة واسعة المفروض لا تقيدها ألا الموازين الاخلاقية والشرعية والوطنية ، وتركز على السلبي والخطأ منه وتقومه من خلال النقد البناء والتذكير وعلى الايجابية والصحيح منه لتجعل منه قدوة ومثل يقتدى به وبدون هتك لحرمة الشخص وأنسانيته ولذلك يعتبر الاعلام من اهم المؤسسات التي تؤمن للامم الاطلاع والمعرفة على مجريات الامور ، وبذلك يعتبر الاعلام في الدول التي تتخذ الديمقراطية منهج للحكم في بلدانها هو السلطة الرابعة .
أما اليوم نحن نعيش حالة من انقلاب الموازين والثوابت فبدل ان يكون الاعلام رقيب وسلطة رقابية تحولت بعض الوسائل الاعلامية المسموعة والمرئية والمكتوبة اضافة الى بعض صفحات التواصل الاجتماعي الى ابواق تحريضية تسعى الى تسعير نار الطائفية والمذهبية متناسية انها المفروض تحمل اشرف رسالة لان الاعلام يفترض ان يكون على مستوى عال من المهنية والشفافية والمصداقية وللاسف اليوم الاعلام يفتقدها كلها والسبب انه لم يعد حرا ولايمتلك الصلاحيات بل قيد نفسه بفتات الدنيا وحبائل الخوف بل الادها والامر انها اصبحت تحارب كل من يصدح بمعنى من معان الانسانية والاخلاق ليصحح المسار وليركز الثوابت الانسانية والاخلاقية وبكافة المستويات سواء السياسية منها او الدينية او الاجتماعية ..
في ظل الحديث عن دور الاعلام نؤكد ان على كافة الاعلاميين العمل على تأسيس ساحة شعبية مكشوفة للحوار يتجمع الناس فيها يوميا وان يكون ثمة حراك شعبي وسياسي لا نخبوي أو فئوي ، حتى نستمع لخطابات اعمق وأكثر جدوى تتطلبها مجريات العمل الاعلامي .
ان على الاعلام الفلسطيني العمل من اجل دعوة قيادات الفصائل الفلسطينية للتوحد على برنامج النضال والصمود ومقاومة الاحتلال الصهيوني ، ومطالبة العالم برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة وتوفير مقومات الصمود .
ان على وسائل الاعلام فضح وتعرية لقاءات التطبيع السياسي التي تجري من وراء ظهر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من خلال أشكال التعامل مع العدو الصهيوني في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية والسياحية وغيرها وحث كل الفصائل والقوى والهيئات من اجل توحيدها لملاحقة العدو الصهيوني وفضح جرائمه عبر المحافل الدولية.
ختاما : لا بد من القول ان الحوار الآن هو منبر اعلامي مفتوح من مفكرين وقادة ونشطاء. وهو مصدر لعدد هائل من القراء، ونحن نؤكد على المشاركة الإيجابية في كافة القضايا الوطنية التي تؤدي إلى وحدة الشعب الفلسطيني ودعم صموده في مواجهة الاحتلال سيما وأن قضية القدس وخق العودة هما الاساس وحولهما يلتقي الكل الفلسطيني ، كما ندعو الى توجيه كل الإمكانيات لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة في مواجهة جرائم العدو الصهيوني بكل السبل.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت