الديمقراطية ،البيروقراطية ،الرأسمالية ،البرجوازية ،الدوجماطيقية ،التكنوقراط ، العلمانية ،الليبرالية ، الإسلام السياسي ،كلها مصطلحات شائعة في عصرنا الحديث ،هي مجرد مصطلحات وهمية زائفة ،تحيط بنا كالإلكترونات في دورانها بعيدا عن نواة الذرة ،وإن كانت الالكترونات أكثر تنظيما ،وديناميكية رغم عدم احتضانها النواة ..بل أن مثل تلك المصطلحات الموجودة على أسطح المجلدات الضخمة ،هي كالسراب أو كخطوط الطول ودوائر العرض وإن كانت هذي الخطوط يستفيد منها أهل العلم في واقعنا سواء في البر أو البحر أو الجو فمن خلالها يتم تحديد إحداثيات الموقع للجنود في تطبيق مشاريع الطبوغرافيا وللسفن وللطائرات ،أما تلك المصطلحات ،التي ندرسها ، لا أساس من صحتها على أرض الواقع ،هي نظريات بلا تطبيق ،ماذا لو تمسكنا بشريعتنا الإسلامية ،وطبقنا تعاليم ديننا الحنيف بالتأكيد ، لما احتجنا أن نكون عبيدا للغرب، ولا للفكر الشاذ ،ولتمكنا من الإفلات من كل تلك المصطلحات ،كما يفلت صاروخ الفضاء من الجاذبية الأرضية ،ولوطبقنا الدستور الإسلامي بعيدا عن المظاهر البراقة المخادعة ،واستعمال مصطلح التقية كما عند الشيعة ،ولو اتبعنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، لتمكنا من علاج أو حل كافة المعضلات التي تواجهنا على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أوغيره،سواء أكان ذلك بالصندوق الديمقراطي المحض،أو بالطاولة الديمقراطية والتي هي الأساس ،وهي المخرج عندما يفشل الصندوق أو تتفتت أواصره ،لأنها أي تلك الطاولة تحتضن الجميع ،وتلتف حولها أنسجة المجتمع بكل أطيافه فهناك مصالح عليا يجب أن تلبي مطالب الجماهير ،وهناك مصلحة عامة يذوب فيها الكل طربا وشوقا وإلا ماذا نسمي مثالا لاحصرا.. تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عن الخلافة لمعاوية هل كان التنازل ضعفا أوتقاعسا أو خذلانا للمسلمين ،وعدم مقدرة على القيادة أو لأنه لم يكن أهل لمسئولية الخلافة ..طبعا كلا ..لم يكن هذا أو ذاك بل لما كادت الحرب أن تدق أوزارها بينه وبين معاوية وأنصاره من الشام كان عليه أن يحدد موقفه ويقدر الموقف كما بلغة العسكر اليوم حيث أدار الأزمة بحكمة بالغة حرصا على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة،ولكن لم يكن التنازل بصورة هزيلة أو تنازل محض كما يمكن أن يظن البعض ، بل كان بشروط تتعلق بالحكم وتتعلق بالأمن والدين وبشروط اجتماعية ومالية ،وكان الهدف الأسمى عند الإمام الحسن رضي الله عنه لتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء كان من الممكن أن يقول الحسن رضي الله عنه أنا ومن بعدي الطوفان أو عليَّ وعلى أعدائي ..لكن مخافته لله هي التي كانت صمام الأمان ..وبلا أدنى مقارنة كذلك شارل دي جول في ثوره الشباب المطالبة بتنحيته، لم يعاندهم أو يخمد ثورتهم بالقوة العسكريه وإنما طرح عليهم وعلي سائر الشعب أن يدلي برأيه في استفتاء علي سياسة في الإصلاح، وأعلن صراحة انه لن يبقي في الرئاسة يوماً واحداً إذا لم يوافق الشعب علي سياسته في الاستفتاء الذي دعا إليه وخاطب شعبه علي شاشات التليفزيون يحثه علي إعطائه الدعم والتأييد ولكن الشعب خيّب أمله واسقط مشروعه في الاستفتاء واعتبر ديجول أن كرامته تأبي عليه أن يبقي في قصر الإليزيه يوماً واحداً، فأعلن استقالته من منصبه ظهر يوم 28 ابريل 1969..المشكلة النفسية وعقدة النقص التي تعترينا هي عندما يخرج علينا اليوم من يرفضنا بعدما كانوا بالأمس أشد تمسكا بنا ..مشكلتنا دوما أننا نتمسك بالخيار الأول قولا واحدا فلا تراجع عن الاختيار الأوحد ونسينا أو تناسينا أن سائق الحافلة لابد له من المغادرة ،لكن الحافلة تقف صامدة لذا علينا أن نميز جيدا بين المصلحة الخاصة ومصالح الآخرين ،أن نميز بين إرادة الحزب والإرادة الجماهيرية ،حتى لو كان في الأمر مؤامرة أو خداع أوكمين سحيق من قبل الغير ، إلا أننا يجب أن نعترف بأن الحالة السائدة في أوطاننا .. هي أزمة ثقافة وأزمة عقيدة وأزمة سلوك .لو كانت أعمالنا اليوم قادة ورؤساء ،ومرؤوسين وساسة وإعلاميين خالصة لله لما تدهورت أعمالنا ،وأحوالنا ولما تولدت البطالة ولا تفشت السلوكيات السلبية من قتل أو سرقة أو اغتصاب ،ولوكانت أعمالنا خالصة لله لما احتجنا إلى القيام بالثورات المليونية أو المليارديرية، فلاربيع ولا خريف بل سنستشعر جمال الفصول وروعتها ..!! ، لاكما هو الحال اليوم في بلداننا العربية التي أقصت برومانسية حالمة أو بتعنت بقية الفصول الأخرى ،واقتصرت برؤيتها الضيقة الأمر ،على فصل واحد مخالفين الناموس الحياتي والكوني حتى ولو كان ذلك تفاؤلا منا إلا أننا يجب أن نخاف أن ينطبق علينا قول الحق سبحانه وتعالى :"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . ..!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت