"طلبنة" حلب

بقلم: راسم عبيدات


المعلومات الواردة ان جماعة طالبان ستقوم بإفتتاح مقر ومكاتب لها في الشام،وكذلك فإن العصابات التي إستقدموها من كل صوب وحدب من الخارج والتي جيء بها،من قبل أمريكا والغرب الإستعماري والحالمين بالسلطنة والإمبراطورية في تركيا ومشيخات النفط والكاز في الخليج العربي،كانت بغرض تحقيق هدفين،الأول منها هو تجميع كل هذه العصابات المجرمة في الشام،حتى يقوم النظام بتصفيتها،حيث تم إطلاق سراح المجرمين وقطاع الطرق والمتهمين بأعمال إرهابية في اكثر من بلد من السجون وإرسالهم الى سوريا،وكذلك سمح للإرهابين في اكثر من بلد بالذهاب الى سوريا ،والهدف الاخر من ذلك هو تخريب وتدمير سوريا،بالحد الذي يحولها الى دولة فاشلة خارج تأثير المعادلات العربية والإقليمية،وبما يفتح الطريق أمام تصفية محور الممانعة والمقاومة،وهذه العصابات التي جاءت تحت مسميات "جبهة النصرة" و"جند الله" و"الجهاديين" وا"لقاعدة" وغيرها من التسميات الأخرى،لم يكن الهدف لها هو إسقاط نظام الطاغية"بشار" وإقامة دولة الخلافة الإسلامية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإشاعة الديمقراطية والحريات ومحاربة الفساد،فهذه الجماعات جزء منها مأجور،والجزء الآخر همه الأول والأخير المال والنفوذ والسلطة،حيث وجدنا ان تلك العصابات قبل ان تنجح في مسعاها في إسقاط النظام،بدأ الصراع والخلاف يدب بينها من اجل إقتسام الغنائم ووصلت الأمور حد القتال والتصفيات الجسدية،وبما يثبت أن مصلحة الشعب السوري،هي ليست بوارد حساباتها،ولعلنا نذكر ما قامت به تلك العصابات من عمليات جلد للمواطنين وسحل وقتل واكل اكباد البشر،وهذه العصابات لا تتورع عن فعل أي شيء في سبيل الإمساك بالسلطة والظفر بها،حيث شاهدنا ما فعلت حركة الإخوان المسلمين،والتي بعد سقوط حكمها في مصر وعزل رئيسها مرسي،أعلنت انها مستعدة للتحالف مع الجن والشياطين،وليس مع امريكا واوروبا الغربية من اجل العودة للسلطة،فما يهمها السلطة وليس اي شيء غير السلطة.

اذا نحن امام عصابات مستقدمة غير متجانسة ولا مشتركة الهدف ولا الرؤيا،ولمسنا ذلك من قيادتها التي كانت تقتتل وتتصارع على المناصب والأموال والنفوذ والمصالح والمكاسب،واكثر من مرة عقد تحالفاتها وقياداتها كان سينفرط،لولا التدخلات من اطرف عربية وإقليمية ودولية،تجبرهم على السير معاً،من خلال المال والإغراءات بالمناصب تارة والتهديدات تارة أخرى.وفي المرة الأخيرة التي جرى فيها استبدال رئيس ما يسمى بالائتلاف الوطني السوري جورج صبرا ب أحمد الجربا،وهو شيخ قبيلة،يثبت ان تلك القوى لا تمتلك أي رؤيا او اجندة وطنية تجاه سوريا ومستقبلها،فهي في خيارها تريد عودة العشائرية والقبلية الى الشام على حساب الإنتماء الوطني.

إن القوى التي جلبت هذه العصابات من اجل ان تقوم بمحاربة النظام السوري،تحت ذريعة الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية،والتخلص من النظام"الدموي"والقمعي،هي من إستخدمت هذه القوى نفسها في أفغانستان،بتمويل خليجي لمحاربة الشيوعية،عندما كانت افغانستان تخضع للنفوذ السوفياتي،وفي حينه وصف الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان هذه العصابات بالمناضلين من أجل الحرية،وعندما كفت عن خدمة المصالح الأمريكية،وانهارت الأنظمة الشيوعية في الإتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية،وجدت امريكا والغرب،بان هذه العصابات من شأنها ان تشكل خطراً على مصالحها ووجودها،وخصوصاً بعد سقوط فزاعة الخطر الشيوعي،ليجري إستبدالها بفزاعة الإسلام المتطرف، ورأينا كيف أصبحت القاعدة وحركة طالبان اللتان إستولدتهما امريكا والغرب الإستعماري ،حركات إرهابية شنت عليهما امريكا حرباً ضارية، وكانت أحداث البرجين في أيلول/2001 المبرر لها لتشن حربها على القاعدة وطالبان،وليجري إحتلال افغانستان وتنصيب حكومة تخضع للنفوذ الأمريكي.

وهذا السيناريو مرشح للتطبيق والتنفيذ في سوريا،حيث ان هذه الحركات "الجهادية"الإرهابية التي إستقدمتها امريكا والغرب الإستعماري،إذا ما تم إسقاط النظام السوري،ستقوم امريكا والغرب بشن هجمات عليها،لأن صالحيتها ودورها يكونان قد إنتهيا،اما إذا لم يسقط النظام السوري،فتستمر امريكا والغرب في دعمهما،ففي الخلاص منهما وتصفيتهم من قبل النظام السوري فائدة ومنفعة بالتخلص منهم،وبالمقابل يواصلون عمليات القتل والتدمير وإنهاك النظام سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً،ناهيك عن إثارة الفتن المذهبية بين أبناء الشعب الواحد،وبإختصار هناك ربح صافي لأمريكا والغرب وبعض الدول العربية في كلا الحالتين( القاتل والقتيل)،هم ضمن مشروع التصفية الأمريكي،ويوفر عليهم اموال وبشر،وايضاً لا يعرضهم لإنتقادات وإثارة الراي العام ومنظمات حقوق الإنسان ضدهم،ففي كلا الحالتين القتل يتم بأيدي عربية وإسلامية والتمويل عربي وإسلامي.

إن هذه الحركات خطر على المجتمع بكل تلاوينه ومكوناته،فهي تعاني من الفوبيا والأنا،ولا ترى غيرها في الساحة والمجتمع،وهي غير مستعدة للتعايش حتى مع اقرب من يشاطرونها الفكر والمبدأ،فهي لا تعترف بوجود الآخر ولديها فكر إنغلاقي وإقصائي،ولا تؤمن لا بالشعب مصدر التشريع ولا السلطات،ولا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بالتعددية ولا بالحريات العامة ولا الخاصة،فهي لها فلسفتها وطقوسها وتعاويذها وشعوذاتها الخاصة بها،والتي ترى فيها أنها جزء من الشريعة،وهي مصدر السلطات والتشريع.

ومن هنا نرى بأن النظام السوري،رغم كل ما لديه وعليه من أخطاء وإنتقادات،فهو يبقى نظاماً تتوفر عنده وفيه الكثير من الحقوق والحريات،قياساً لما ستكون عليه أوضاع الشعب السوري،فيما لو وصلت تلك العصابات للحكم في سوريا،فهي خطر على الشعب والجغرافيا والنسيج المجتمعي السوري،وربما تدخل سوريا في حروب مذهبية وطائفية،تنهي وجود سوريا كدولة،وتخلق بدلاً منها كيانات إجتماعية هزيلة.

هذه العصابات تأكل نفسها وأبناءها قبل أن تصل للحكم،فكيف لو قيد لها ان تصل للحكم في سوريا،نجا الله الشعب السوري من هذه العصابات المجرمة،وليقتلعها الجيش السوري من جذورها،وفك الله أسر حلب،وابعد عنها شبح الطلبنة والدمار والخراب.



القدس المحتلة – فلسطين

15/7/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت