رغم التمنع الفلسطيني الإعلامي، إلا أن استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين قد بات في حكم القائم، وذلك رغم ثقة كل الأطراف المشاركة في المفاوضات بعدم جدواها، وأنها مفاوضات محكومة بزمن محدد، ولن تحقق شيئاً، وإنما هي مفاوضات من أجل إيهام المجتمع الفلسطيني العربي بأن الأجواء الإيجابية هي السائدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لقد شجع الانقلاب على الشرعية في مصر الطرف الفلسطيني على استئناف المفاوضات، ولاسيما بعد أن تحرر السيد محمود عباس من ردة فعل الجماهير الفلسطينية التي تعيش حالة انعدام الوزن من النكبة التي حلت بأكبر دولة عربية، وهذا ما أدركه وزير الخارجية الأمريكية الذي كان واثقاً من نجاح جهوده في فلسطين حال نجاح تآمره على مصر، وكان واثقاً من صدور تصريح وزير الخارجية المصري الجديد المؤيد لاستئناف المفاوضات.
قد يقول قائل منهم: يكفي الفلسطينيين أن يفرج الإسرائيليون عن عدد من الأسرى، ولاسيما أولئك الذين خذلتهم اتفاقية أوسلو، ولما يزل يقبعون في السجون الصهيونية، ولا بأس بعد ذلك أن ينسحب المفاوض، ويقلب طاولة المفاوضات على رأس نتانياهو.
هذا الرأي السلس الناعم قد تنبهت له إسرائيل، فاشترطت أن يتم إطلاق سراح الأسرى على دفعات بعيدة المدى، بحيث يظل المفاوض الفلسطيني مجبراً على مواصلة التقاط الصور التي تشير إلى استئناف المفاوضات، إلى حين تطلق إسرائيل سراح الدفعة الثانية من الأٍسرى المعذبين على مشانق الانتظار.
إسرائيل ستطلق سراح بعض الأسرى، ولكنها ستحاصر مقابل ذلك مزيداً من الأراضي الفلسطينية المقدسة، وفي الوقت الذي سترقص فيه رام الله لإطلاق القيادة الإسرائيلية سراح الأسرى، سترقص مستوطنة "بيت إيل" لإطلاق القيادة الفلسطينية سراح الأرض.
فإذا كانت الدولة الصهيونية قد قامت على أسس الاغتصاب بالقوة مرة، وبالحيلة مرة أخرى، فإن الاستعداد الصهيوني لإطلاق سراح بعض الأسرى على دفعات قد جاء هذه المرة من باب الحيلة، التي ستكون مثل التوابل الهندية التي تغطي رائحتها على العفن المنبعث من طبخة المفاوضات.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت