في ظل الحديث عن العودة الى المفاوضات نسأل هلا فعلا نجح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأستئناف المفاوضات ، وان نجح بذلك بعد فشل هذه المفاوضات على مدار عشرين عاما من إطلاقها ستكون على حساب الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس
ان استئناف المفاوضات وفق الشروط الصهيونية، وبالرعاية الأمريكية خطيئة كبرى وأمر خطير، سيلحق ضررا كبيرا بالمشروع الوطني الفلسطيني، وسيشكل غطاءلدولة الاحتلال لمواصلة ارهابها ضد شعبنا الفلسطيني من نهب الأراضي ومصادرتها وتهويد القدس والمقدسات.
ان العودة لمسار المفاوضات تطيح بكل الانجازات النضالية التي حققها الشعب الفلسطيني و قد تعيق قدرة الشعب الفلسطيني على استعادة المبادرة و وضع النقاط على الحروف حول التعقيدات و المشكلات التي تمخضت عن مثل تلك السياسات و المواقف و التي بدأت تفعل فعلها السلبي في صفوف الشعب و الثورة.
ومن نافل القول التذكير بأن ارتدادات تلك المواقف السياسية بالعودة الى المفاوضات ستزيد من صعوبة واشكالية استنهاض الحالة الوطنية على حساب التناقض الرئيسي مع الاحتلال و مخططاته الاجرامية بحق الانسان والشجر والحجر الفلسطيني، وهذا ما يكشفه الواقع الراهن الذي تعيشه الجماهير الفلسطينية، سراب ماتفكر به " القيادات والنخب" التي تعيش أحلام يقظتها. وهي تقدم التنازلات من خلال أعضاء مبادرة جنيف ومثيلاتها عن استكمال وظيفتهم في المجتمع الفلسطيني وداخل المشهد السياسي، خاصة أن معظم القوى والفصائل التزمت الصمت عما دار في اللقاءات. وماصدر من مواقف لبعض القوى لم يكن بمستوى الحدث" قراءة لخطورته، وكنا نتوقع اخذ اجراءات ضد بحق عبد ربه، ولكن كانت المفاجأة باعطائه حق حصري بالتحدث باسم القيادة الفلسطينية ، وهذا اكيد لان هكذا قيادات تستحق الكثير لما تقدمه من تنازلات على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعه .
ان العودة الى مسار ما يسمى المفاوضات اتت مباشره بعد اللقاءات والحوارات التي قام بها عبد ره والعجرمي ولم تعلن بعد أهدافها، في ظل ما تتعرض له بعض الأقطار العربية من هجمات استعمارية صهيونية رجعية، من خلال قوى عالمية وإقليمية، وأدوات محلية تعمل على تنفيذ مشروع التفتيت والهيمنة والتبعية والتخلف، وهو ما يشير إلى أبعاد خطيرة تمس أسس الصراع العربي الصهيوني من جهة، وتكشف من الجهة الأخرى،عن مسار موازٍ للقاءات جون كيري التي تمت في عمان .
وامام معالم الصورة الضبابية، نرى تصريحات رئيس حكومة العدو بأن الدولة الفلسطينية، التي سيوافق عليها ائتلافه الحكومي، ستكون منزوعة السلاح، وتعترف بـإسرائيل كـ"دولة للشعب اليهودي "، وهذا الموقف يؤكد إصراره على انتزاع استسلام فلسطيني تاريخي غير منقوص، حاول طوال سنوات ولايتيه ، تسويق فكرة الاستيطان وتهويد الارض والمقدسات ، وحيثيات ذلك لا تتعلق فقط بإلقاء القبض المسبق على كافة مفاصل السيادة الفلسطينية، وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، و"شرعنة" طرد وتهجير فلسطينيي 1948، وإنما تتصل أيضاً بإخراج القدس من دائرة التداول كونها "العاصمة الأبدية" للدولة العبرية، والعمل على ضم غور الأردن ومناطق واسعة أخرى من فلسطين المحتلة، فضلا عن رزمة أخرى من الإجراءات التي ستدفن ما يسمى بحل الدولتين .
وفي ظل هذه التحديات نرى ان العرب يطبلون لذلك ، والراعي الأميركي مرتاحا لهذا المشهد الكاريكاتوري،وليس مهم ان تبقى فلسطين، بل المهم حفظ المقامات من خلال التفاوض للوصول لاحقا الى تقسيم المنطقة وتصفية القضية ، وكل ما يجري هو جريمة بحق الحقوق المشروعة لشعب قدم وما زال يقدم التضحيات على مدار خمسة وستون عامل من اجل استعادة حقوقه في الحرية والاستقلال والعودة
إن القراءة الموضوعية تؤكد ان ظروف الاحتلال و الارهاب و القهر الذي يتعرض لها الشعب الفلسطيني لا يمكن تخفيفها في ظل مواقف المراوحة و الانتظار و الاتكال و الحسابات السائدة في الساحة الوطنية .
من هنا كنا نتطلع الى رسم مسار واضح للتحركات السياسية و الدبلوماسية الفلسطينية بما يعطي زخما ومكانة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني بامتياز ومن اعدل القضايا و اكثرها انسانية في التاريخ العالمي المعاصر من خلال استراتيجية واضحة وعدم التردد بالذهاب الى الهيئات والمنظمات الدولية المختلفة من جهة و تشديد الادانات و العقوبات لحكومة الاحتلال باعتبارها كيانا عنصريا يمارس سياسة التمييز العنصري والاجرام و الارهاب بحق الشعب الفلسطيني بما يستوجب مواقف اكثر صرامة وعدالة من تلك المؤسسات وبما يؤهلنا للدفاع الايجابي عن حقوقنا في ارضنا و يعزز مكانة قضيتنا على المستوى الدولي و يزيد من عزلة قادة الاحتلال وتقديمهم للمحاكم الدولية و بما يساهم في التخفيف من المزايا الكبرى التي حظى بها الكيان من الرعاية الغربية و الحماية له و لجرائمه و ممارساته ، وكذلك الاستفادة من التأييد الشعبي العالمي للقضية الفلسطينية والفرص التي يوفرها هذا الدعم لمزيد من العزلة و الادانة للممارسات و الجرائم الصهيونية التي تفوق في بشاعتها ما ارتكبته النازية و العنصرية بحق الانسانية.
امام كل ذلك نرى ضرورة التوجه الجاد لاستنباط استراتيجية وطنية قائمة على قواعد التمسك بالثوابت والحقوق الوطنية و حق الشعب الفلسطيني الغير قابل للتصرف بمقاومة الاحتلال بكافة الاشكال الممكنة طالما بقي الاحتلال جاثما على الارض الفلسطينية .
ان الاستجابة لنبض الشارع ومراعاة حقوقه الوطنية من خلال اعطاء الأولوية والأهمية التي تكمن في استعادة الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقسام وتطوير الدور والاداء والمكانة للمؤسسات الوطنية التي انتزعت بتضحيات جسام يجب ان تكون من اولويات الجميع ومتابعة الكفاح و النضال الوطني المشروع والعادل و ربطه بميزان القوى والظروف الاقليمية و الدولية.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت