مقال مفاجآت 14 آب لغزة

بقلم: محمد القيق


يطلق قادة فتح في رام الله تصريحات تمهل حماس حتى 14 آب القادم لقبول المصالحة بشروطهم ومزاجهم بالتزامن مع تصوير طائرات مصرية لمواقع عسكرية في غزة وهي ليست رحلات استجمام، كما أن قادة "تمرد" يتحدثون عن استكمال "ثورة 30 يونيو" التي هي الانقلاب العسكري ليطال حماس وغزة في الوقت الذي يحشد فيه الجيش المصري كتائب وألوية وعتادا في سيناء؛ وهذا ليس لمحاربة الكيان الصهيوني طبعا، بالإضافة إلى حالة الترقب الأمريكية لما يحدث وانطلاق المفاوضات التي هي كالجسد بلا أطراف وعقل، وكأنها مرحلة تجميلية لما سيحدث في غزة، ولا ننسى إغلاق المعبر والتضييق على المواطنين في شح المواد الغذائية والمحروقات.. كل ذلك لماذا؟! وكيف ستتلقى غزة المفاجآت؟!
باعتقادي الشخصي أن التفكير هو ذاته من فتح والسيسي والأمريكان والاحتلال الصهيوني يقابله التفكير ذاته من الشعوب المقهورة والنية الطيبة لدى الإخوان المسلمين وحماس، فهل هذا سيكون المدخل لعملية عسكرية واسعة من الجيش المصري للأسف على أشلاء الفلسطينيين في غزة؟، وهذا يقودنا إلى أن حركة فتح تعلم مسبقا بأن ثمة أمر يدبر في ليل لغزة من خلال مجزرة وحدث سيرتكب بحق الجنود المصريين والمواطنين الأبرياء، وسيكون المخطط أن تتهم غزة بأنهم هربوا لها وتعطى حماس مهلة كي تسلمهم وإن لم تفعل فإن القوة هي البديل، وعندها فإن حماس في موقف لا تحسد عليه حينما يتجرأ جندي مصري على دخول أرض العزة في إطار حرب مغلفة أنها ضد الإرهاب، وما سيل الدماء المصرية على يد الجنود والبلطجية إلا مشهد يراد له التكرار حتى لا يستهجن إراقة دماء غير مصرية.
والتهديدات التي تتلقاها حماس من فتح تشبه الصيغة ذاتها ما قبل حروب الاحتلال السابقة؛ غير أن الجديد هو شدة التهديد وتعدد الأفواه الناطقة به، ولو أخذنا حديث المدعو توفيق عكاشة عن فلسطين وحماس وإزالة المقاومة لعرفنا أن تلك التصريحات كانت قبيل الانقلاب في الوقت الذي كان فيه السيسي يطمئن الرئيس ومكتبه أن لا خلاف بينهم، فهل تتلقى حماس وحكومة الشعب المنتخبة في غزة تطمينات لنفس السيناريو؟!.
ومن السيناريوهات الأخرى هو تسريع قرار بانتخابات رئاسية كي تتم شرعنة وجود فتح في السلطة على حساب الديمقراطية الحقيقية ورأي الشعب، وبالتالي أمام المجتمع الدولي ستقول فتح بأن حماس تسيطر على غزة دون وجود مسوغ شرعي لها فالانتخابات لم تفرزها وهذا مدخل يتزامن مع إحداث بلبلة على الحدود والطلب من جيش السيسي الذي سيكون مختارا بعناية لتلك العملية وليس من شرفاء الجيش المصري ليكون العمل من الداخل والخارج ضد غزة تحت إطار "الإقليم المتمرد والذي يضم الإرهابيين".
وسيناريو ثالث هو استمرار التضييق على غزة حتى ييأس الشارع من الوضع القائم ويستخدم ورقة في تحريك داخلي وخارجي، ورأس حربة تلك المرحلة أفراد أجهزة أمنية سابقين في غزة من أتباع دحلان لإحداث فوضى أمنية تستكمل بمراحل تصل إلى ضربات توجه للجيش المصري واستنجاد السلطة بالسيسي للتدخل ووقف العنف، وهذا يعني أن غزة في نظرهم إما أن تعاد لحكم فتح أو تبسط عليها السيادة المصرية العسكرية فقط وليس من كل الجوانب ليكون المرار أكثر والقهر أكبر.
وهذه كلها مخططاتهم باعتقادي؛ وبالتالي بات واضحا أن رأس المقاومة مطلوب في فلسطين والفخ الذي نصب لها بجرها للتدخل لصالح بشار الجزار في سوريا قد نجحت في الإفلات منه ووقع فيه حزب الله ونجحت حماس في الصمود، ويراد الآن أن تقحم في معركة مع الجيش المصري على أرض غزة بصورة خسيسة.
ما ذكر سابقا قراءة واقعية لمجريات الأحداث على الأرض وتحركات سلطة رام الله وقوات السيسي على الأرض وتصريحات من مصر ومن قادة فتح، إلا إذا كانت تلك المجريات كلها ضد الاحتلال الصهيوني وعندها نقول إن السيسي فيه خير!!! ولكن من المتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة نقلة جديدة في المقاومة مع الاحتلال الذي يتحضر ليكون المتفرج الوحيد على حرب بالوكالة لتدمير من مرغ أنفه بالتراب في أرض فلسطين.
وفي هذا الصدد قد يقول قائل لا تدخل في الشؤون الداخلية للدول وهي كلمة حق يراد بها باطل؛ فهل دخول الطائرات المصرية وعليها عناصر دحلان لأجواء غزة ليس تدخلا؟ وتصريحات تمرد وعكاشة وحصار غزة ليس تدخلا؟ ومباركة عباس للرئيس الانقلابي في مصر ليس تدخلا؟ ونقل تلفزيون فلسطين أحداث ميدان التحرير قبل وبعد الانقلاب مباشرة على الهواء وعمل تغطية خاصة ليس تدخلا؟، وهذا تسميم إعلامي لعقول المواطنين وتوطئة لمرحلة خطيرة تبرر على أنها رد على تدخل ما أو فشل في إلقاء القبض على إرهابيين تسللوا إلى سيناء.
والمطلوب مصريا أن تبقى الجماهير في الميادين إذا أراد الشعب المصري حماية جيشه من جريمة بشعة ستنفذ بحقه وبحق المقاومة الفلسطينية في غزة باسمه، والتصعيد السلمي من المهم أن يتصاعد أكثر فأكثر وأن تتحرك الجماهير في دول أخرى كي لا تبقى مصر وغزة وحيدتان أمام تلك المؤامرة، وأدرك أن الله سيطفىء نار الحروب التي يريدون إشعالها والله غالب على أمره وقدر الله سيتدخل لكي يمنع خفافيش الليل من استغلال جيش مصر العظيم والجغرافيا والسياسة في تدمير المقاومة ومَن قصفَ قلب الكيان بصواريخه المحلية، أعانك الله يا كتائب القسام على مرحلة قادمة وأزال الغمة عنك وأجزم أن الله سينجي الذين آمنوا وأصحاب الحق وسينتصرون، والآن هل عرفتم من يستفيد من الانقلاب على الشرعية والدكتور محمد مرسي في مصر؟ وهل عرفتم التناقض بين حرية وديمقراطية الشعوب العربية وراحة وأمن الاحتلال الصهيوني وأعوانه؟، لذا عودة مرسي ستكون هي انتصار ثورة 25 يناير وهي نقطة التحول نحو حرية لشعوب العرب وإلا فدمار آخر وتبعية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت