القرار الاوروبي ضد الجناح العسكري لحزب الله ليس وليد الصدفة

بقلم: عباس الجمعة


القرار الأوروبي ضد حزب الله هو تلبية للمشيئة الأميركية الإسرائيلية وقد جاء سياسيا حاملا معه بصمات الأم المولدة لجميع مصائب الشرق بريطانيا صاحبة الإفتاء الدولي بافتراض وجود جناح سياسي وجناح عسكري لحزب الله بهدف التحايل على الهزائم الإستراتيجية وحالة العجز الكلي التي لحقت بالغرب الاستعماري وربيبته إسرائيل أمام المقاومة اللبنانية.
ليس من المفاجئ أن يأتي توقيت القرار الاوروبي في الذكرى السنوية لانتصار تموز وبعد إعداد أمريكي صهيوني ، وبعد تعثر تحقيقها بنيران العدوان الصهيوني في تموز ، حيث فشلت الحملة العسكرية، وتراجعت بذلك مؤقتا أحلام المحافظين الجدد بجعل لبنان بداية التطبيق العملي لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" كما صرحت بذلك علنا وزيرة الخارجية الأمريكية رايس انذاك.
ومن هنا نرى ان القرار الذي اتخذته ثمانية وعشرون دولة ليس وليد الصدفة، بل هو قراراً جديداً لمشروع قديم يستهدف تطويق المقاومة بقيادة حزب الله في محاولة للإجهاز على عوامل القوة التي حققتها انتصارات المقاومة وصمودها الأسطوري وصلابة إرادة شعبها تطوراً نوعياً ذا دلالات هامة في تاريخ الصراع بين مشروع المقاومة والتحرر وبين المشروع الصهيوأمريكي الهادف لاجتثات المقاومة وكسر إرادتها وفرض الهيمنة الصهيونية على المنطقة بأكملها ,
صحيح ان بعض القوى التي كانت تمهد لهذا المشروع مستفيدة من الشرخ حول مشروعية المقاومة والحاجة إلى وجودها وفعلها وثقافتها ودورها إلا أن البيئة التي تحتضن المقاومة كفيلة بإفشال محاولة الاستغلال الجديدة أولاً ، لأن المقاومة متجذرة في عقول الشعوب ، وثانياً ان هذه المشاريع الخارجية لن تتمكن من فرض ارادتها على خيار المقاومة.
إن الاتحاد الأوروبي لا يمثل الشرعية الدولية بل مصالح أوروبا و«إسرائيل». وإن الإرهاب ليس صناعة شعبنا. إنه صناعة غربية بتوقيع «إسرائيلي» وعباءة أصولية تكفيرية متطرفة. أما المقاومة الأبية فدرعٌ واقية من الإرهاب وظاهرة نبيلة اعتنقها شعبنا لتشكيل معادلة الردع الضرورية في وجه الظلم والاغتصاب والعدوان.
وهنا السؤال للاتحاد الاوروبي الذي صفقت لقراره حكومة الاحتلال ومجرم الحرب شمعون بيريز ،هل ما يجري اليوم في فلسطين من قتل وارهاب وحصار واستيطان وتهويد للمقدسات ليس (جريمة حرب) وإرهاباً من قبل دولة عدوانية مزروعة عبر التآمر الدولي الذي لايزال يحميها بكل ما تعنيه الكلمة من معاني ودلالات.
أرادت السياسة الأمريكية شرق أوسط جديدا بدون أدنى مقاومة للهيمنة الأمريكية والصهيونية وبدون أي أطروحة مقاومة أو تيار قادر على النضال والممانعة، لكن حزب الله بمقاومته نجح في مواجهة أعتى قوة إقليمية مدججة بأكبر ترسانة عسكرية ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكيةوالدول الغربية، حيث أسقطت المقاومة اللبنانية منطق العجز والتخاذل والتذرع بفارق القوة بين العرب وأعدائهم لاعتماد سياسات استسلامية، معززة فكرة المقاومة بوجود إيمان قوي مصحوب بإرادة المقاومة ورفض الخنوع، فحيثما وجد هذا الإيمان وهذه الإرادة، ستتمكن من مواجهة مشاريع التسوية الصهيو-أمريكية الظالمة التي هي ليست قدرا محتوما وأن استعادة الحقوق المشروعة ممكن بمنطق ولغة المقاومة.
نحن أمام مرحلة جديدة تشكل منعطفا مفصليا في التاريخ السياسي للمنطقة، الأمر الذي ينبغي التأسيس عليه من أجل بناء حركة مقاومة جماهيرية لمواجهة التحديات في اتجاه صياغة برنامج حقيقي يخرج المنطقة كلها من حالة الانتظار والترقب المزدوج، أمام الدرجة المخزية من التخاذل والتواطؤ ، والبدء في الإعداد لمرحلة المواجهة الشاملة، حيث تحتشد الأمة بكامل طاقاتها الشعبية والرسمية حول المقاومة في المنطقة، انطلاقا من وحدة المعركة ووحدة المصير والقضية والمقاومة باعتبارها حالة ثقافية ونفسية واجتماعية ذات عمق كفاحي مستمر وخلفية مدركة لأبعاد وطبيعة المشروع الاستعماري الجديد، وروحا تسري في الأمة وليست حالة عسكرية فقط.
ان القرار الاوروبي بادراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب هو في غاية الخطورة لأنه يندرج في إطار تبرير العدوان الإسرائيلي واستمراره باحتلال الأراضي العربية، منها مرتفعات الجولان ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، وانتهاكه للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتهربه من تطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 الذي يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم.
ان المقاومة بكافة قواها وفصائلها واحزابها هي جزء من حركة تحرر وطني قامت نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لوطنها وبالتالي فإن المقاومة هي رد فعل على إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل المدعومة أميركيا.
ختاما : لا بد من القول أن المقاومة ليست إرهابا، وإنما هي نضال مشروع وفق الأعراف والقوانين الدولية والشرائع السماوية، وهي تستمد شرعيتها من التفاف شعبها وأمتها ومن التضحيات الجسام التي رسمها دماء الشهداء، ومن تمسكها باستعادة الارض والانسان.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت