فلسطين: التعصب الاعمى

بقلم: مصطفى إبراهيم


ليس جديدا ما نراه وما نسمعه من مفردات الخلافات العميقة بين الناس في فلسطين، و عدم قبول الاخر والتخوين الناتج عن التربية الحزبية المقيتة والتقليد الاعمى والتعصب الظلامي، وهو من اعظم الامراض التي تنخر في جسد الفلسطينيين، والخروج عن الاهداف الحقيقية التي اقيمت لها احزابنا الفلسطينية للنضال ضد الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة، و في وقت هم بأمس الحاجة لنبذ الخلاف و التعصب الاعمى.
التعصب من العصبية وهي ان يدعو الانسان لنصرة عصبيته سواء كانت ظالمة او مظلومة بالنصرة و المحاباة والمدافعة والمحاماة، بالأفكار والمشاعر والقول والفعل.
من حق الناس التعبير عن ارائهم من دون تعصب و خجل او مواربة او خشية من احد، ومن حقهم الاختلاف مع الاخرين، وتوجيه النقد للسياسات التي تنفذها السلطة والفصائل الفلسطينية والإسلامية وفي مقدمتها حركة حماس وحكومتها، وكل يوم تثبت لنا الاحداث أن الحزبيين في شعبنا اكثر تطرفا من غيرهم في تخوين الاخرين و التعصب لأحزابهم، من دون التفكير في الاخرين وحقوقهم في التعبير عن أرائهم بحرية أو إقصاء.
فليس بإمكان هؤلاء القيام بأي بتغيير جذري في العقيدة الوطنية وهيكلتها من جديد، ومن يبررون و يدعون للتعصب وضرب الناس والاعتداء عليهم لن يستطيعوا الانتصار للضحايا والوطن، واحترام كرامة المواطن وحريته، فمن لا يحترم المواطن لا يحترم الوطن وحريته، ولن يكون بإمكانه اعلاء شأن الوطن.
وبهذه الطريقة لن يتغير شيئ في بلادنا طالما السلطات الحاكمة هي من تشجع على عدم تطبيق القانون واحترامه ولا تؤمن بحريات الناس وحقوقهم، وعليه اصبح ذلك ثقافة لدى غالبية من الحزبيين ضد احترام الاخرين و القانون وحقوق الناس وحرياتهم، و يؤيدون القمع والتعذيب ومنع حرية الرأي والتعبير وتقييدها والاعتقالات خارج اطار القانون.
وليس غريبا ان تقوم السلطات بمنع التجمع السلمي وتقييد حرية الرأي والتعبير، وهي من تحرض ضد الكتاب والمعارضين الذين ينتقدون سياسات السلطة كما حدث قبل شهر عندما شنت المؤسسة الامنية في الضفة الغربية حملة ضد الدكتور سفيان ابو زايدة لمجرد انه انتقد الرئيس والسلطة، فهم مع القانون واحترامه من اجل مصالحهم وخدمة مشروعهم السياسي، و كما حدث من قمع الاعتصام السلمي في غزة ضد برافر وتهويد النقب، وقمع الاجهزة الامنية في رام الله بالاعتداء بالضرب واعتقال المتظاهرين من قبل الشرطة و الاجهزة الامنية للمتظاهرين التي اقامتها الجبهة الشعبية في ضد المفاوضات.
وما قام به المتعصبين الحزبيين من شن هجوم خطير بأسلوب مخزي بالسب والشتم والتخوين وتزوير الحقائق والكذب من دون التفكير في حق الناس بالتظاهر، وان الوطن للجميع ومن حقهم ممارسة نشاطهم السياسي بحرية.
اصحاب السلطة ومن على هامشها غير مؤمنين بحقوق الناس وحرياتهم، فحرية التجمع السلمي والحق في التظاهر مكفول بالقانون، وهناك سوء فهم للحق وحق الناس بالتظاهر والتجمع السلمي، وما زال هؤلاء ينظرون للناس بعصبية و بشكل فوقي وغير ديمقراطي، وهم غير مؤمنين بحرية التجمع السلمي التعبير عن الرأي، وغير مدركين انها ليست منة من احد.
وان من حق الناس المعارضة بالتعبير عن افكارهم بحرية بالكلمة والمظاهرة والمسيرة والتجمع، من دون تعصب و ارهاب وتخوين وقمع، فهذا هو التعصب من اجل الاستفراد والاستئثار بالحكم والتقرير في مصير الناس من دون مشاركتهم في اتخاذ القرار، وشكل من اشكال الاقصاء و الديكتاتورية.
قد يقول قائل ان هناك ايجابيات و فوائد للتعصب ولكن ايجابياته ضيقة، هذه الفوائد لهذا التعصب الأعمى فإن أحداً لن يستفيد منه غير الأحزاب المنهارة، و هي من يجني العلقم، وهذه ثقافة خطيرة ولها نتائج أخطر و مقيتة تنم عن إحساس من يقومون به ويربون ابنائهم الحزبيين عليه بالفشل المريع في مستوى وعي الأفراد.
في واقعنا اليوم نرى تلك الاحزاب و متحزبيها أكثر افلاسا وانكشافا امام الناس في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وهذه الاحزاب ان ظلت على هذه السياسة تشكل خطرا على قضيتنا الوطنية، ومستقبل ابنائنا الذين يرضعون يوميا هذا التعصب الاعمى.
فالتعصب في مواجهة الاحتلال ومشاريعه والانتصار لقضايانا الوطنية العادلة لا يعتبر تعصبا، فمن واجبنا التعصب في الحفاظ على ثوابتنا والانتصار للمظلومين ومساندتهم والوقوف معهم.

مصطفى ابراهيم
30/7/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت