أيها السادة الأعزاء ..الآن فقط استطيع أن أقول أن طفرة الربيع العربي قد سقطت،والتي هلل لها الكثير من البلهاء ،والحمقى ،وصفق لحلولها من هم دائما يزيفون الحقائق ،ويعبثون بالتاريخ ،فيعيثون في الأرض الوشايات ..سذاجة منهم ،وعدم رؤية للواقع المؤلم ..بعد كل الأحداث الساخنة ،والملتهبة التي شهدتها كل البلدان العربية التي جاب بمحطاتها قطار الربيع ،فلم يركب سوى من لا يرون إلا أنفسهم ،وبعدما تصوروا أن في اللحاق النجاة ..والأمل المنشود نحو إقامة إمبراطورياتهم الواهية ،وليسقط المتخاذلون تحت عربات القطار لتطحنهم تلك هي إيديولوجياتهم واستراتجياتهم المارة مرور السحاب ،دون أن ينزل الغيث ،رغم أن السحاب يمرفي القمم والأعالي ، لكنهم لم يعلموا أن سحاباتهم تسري في الحضيض ، وفي قيعان المستنقعات ..ليس معنى ذلك هو التشميت مني والازدراء نحو الشعوب الثائرة ،ولكني كنت أتوقع حقيقة ذلك من أن من يكتفي بشم رائحة الورد، لا يدرك الشوك أبدا ..وهذا أمرٌ طبيعي كذلك عندما نقصي بكل سفاهة جمال اللوحة الربانية الفصلية فنهجر الصيف والشتاء والخريف ..فنكتفي بالرقود والانبطاح ،تحت ظلال الربيع وقد تناسوا أن الربيع يتنسم عبقه الجميع وليس حكرا لأحد ،ونسوا أن كل شيء يمضي في الحياة ، والتي لا تتوقف أبدا عجلاتها ،وليس معنى ذلك أني أرفض الثورات أو أستهجن إرادة الجماهير الطامحة نحو التغيير ،والبناء ..تلك الجماهير التي طالما حلمت باندثار الدولة البوليسية ،واستبدالها بالعيش والحرية والرخاء ..!!..فبالعكس ،قلت وما زلت أني أحترم إرادة الجماهير ،لأنها خيار متوافق عليه من قبل الجميع ،ولكني كنت أتوقع بأن لا يطول الربيع ليصبح فصل من فصول السنة،وذلك لأن الأهداف لم تكن واضحة المعالم ،ولم تكن هناك قيادة مركزية واحدة يلتف حولها الجميع ،بل على النقيض من ذلك تماما فتناثرت أوراق الزهور ولم يبق اليوم سوى أكوام الشوك المتشعبة والمتراكمة بعيدانها العفنة، فتنخز كل من حاول الاقتراب منها ..!!
برأيي سبب فقدان وتراجع الربيع ..هو تفشي فساد الحرية المفرطة ،والتي كشرت عن أنيابها فسقطت كل الأقنعة وتوارت فتعرت النفوس الدنيئة وبدت على حقيقتها ،تلك النفوس الضعيفة ذوي البزنس فحسب أولئك الذين يركبون الموجة أي موجة، تحملهم للسعي دأبا عن الربح والمكسب ولا يعنيهم مشروع أم غير مشروع..حلال أم حرام ..طالما أن الأمر لم يكن على نفقتهم الشخصية بل على خراب ونهب وانتهاكات ، ممتلكات الدولة ،وسفك دم الأبرياء ..فلا رقيب ولا حسيب ،ولما غابت نظرية الإيمان بالثواب والعقاب ..انتشرت الفوضى لأن الخوف لم يكن من الله سبحانه ،وهكذا لما سقطت الرقابة ..سقط الكثير في براثن الخيانة والجبن ،وكأن الهدف الأسمى لديهم ضياع هيبة الدولة ليعيثوا في الأرض الفساد ،وإلا ماذا نسمي ما يحدث في بلداننا العربية من فوضى عارمة ،ودمار ذاتي لمكنوتات الدولة،والتي بناها الشرفاء بسواعدهم عبر العصور ..وأكبر مصيبة هي اليوم عندما يختار الأغلبية عبر ما يسمى بصناديق الانتخابات من يمتطي الحصان ، فيتصور من سولت له نفسه بكل غرور وتحدي وكبرياء ، بأنه الفارس المختار لمرة واحدة ،بكل مدعاة وافتراء كما قالت بني إسرائيل من قبل أنهم شعب الله المختار ولم يعلم أمثال أولئك أن اختيار الله تعالى إن حدث فإنما يكون بالتقوى والعمل الصالح لكنهم يصرون بعدم النزول أبدا ،حتى تُحترق الصناديق .. أو يُقتل الحصان .. !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت