وأخيراً انتصر مرسي، فيتوجب

بقلم: فايز أبو شمالة


ثلاثون يوماً من الانقلاب على الديمقراطية في مصر، أثبت خلالها الشعب المصري أنه أكثر وعياً من بعض السياسيين والعسكريين الذين حاولوا الالتفاف على صوته الانتخابي، وتشويه وعيه الجمعي؛ الذي يكره الانقلابات العسكرية، فهب بكامل طاقاته على مدى ثلاثين يوماً يطالب بحقه في وطنه، وحقه بالحرية، وحقه في الحياة الكريمة بعيداً عن سطوة العسكر، ونفوذ اصحاب رؤوس المال، وتجبر الإعلام.
ثلاثون يوماً من الوفاء للديمقراطية؛ أحرجت من فكر في الانقلاب إلى حد التخبط، ووضعت من مهد له الأرض في مرمي نيران الإنسانية كلها، بعد ان ظن المنقلبون أن أربعاً وعشرين ساعة من التلويح بالقوة والقمع والحبس وتكميم الأفواه كفيلة بإعدام الشعب المصري، وإعادته إلى قمقم الرعب، فكانت المفاجئة فيما أظهره الشعب المصري من نفس طويل في التحمل، ومن قوة ساعد في التحدي.
إن ثلاثين يوماً من وقوف مصر على ساق الإرادة كفلت الإعلان عن انتصار الحق الذي يمثله الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وهزيمة تحالف من تآمر عليه، وهذا ما كشفت عنه الوفود الزائرة لمصر، ولاسيما زيارة السيدة كاترين أشتون، ولقائها مع الرئيس المنتخب، إن هذا الحدث الهام جداً لم يأت من باب العشق لشخص الدكتور مرسي، ولا من باب الإنسانية والشفقة على أسرته، زيارة ممثلة الاتحاد الأوربي للرئيس مرسي تندرج في إطار الاعتراف بالفشل في التغطية على إرادة الجماهير، والتسليم بضرورة إيجاد المخرج الآمن للعسكر الذين تورطوا بالانقلاب، وورطوا مصر فيما هي فيه من فوضى ستنعكس سلباً على مصالح أمريكا وأوربا، وعلى مستقبل الأنظمة العربية في المنطقة.
لقد تحقق انتصار الشعب المصري على أرض الواقع، ولم يبق إلا الإعلان الرسمي عن هزيمة المنقلبين، والفضل في ذلك يرجع إلى وعي الشعب المصري الذي اكتشف المؤامرة، وأطاح بتحالف الاستبداد الذي تتضاءل بمقدار ما تنامى تحالف القوى الوطنية المؤيدة الشرعية.
إن التحالف الوطني المؤيد للشرعية ليفرض على حزب الإخوان المسلمين أن يتعلم من أخطائه، وأن يراجع حساباته، وأن يخفض لمصر جناح الذل من الرحمة، ويبادر إلى توثيق العلاقة مع قوى ثورة 25 يناير، تلك القوى التي استثمر العسكر عتبها أو غضبها على الإخوان، فامتطى صهوتها في انقضاضه، وهذا هو الدرس الأهم الذي يتوجب على الإخوان المسلمين أن يحفظوه عن ظهر قلب، وأن ينتبهوا للحكمة القائلة: من أراد كل شيء خسر كل شيء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت