سوق الموسكي من اقدم أسواق مصر، وهو من معالم القاهرة التجارية، وتعرض فيه البضائع من الرخيص حتى الغالي، ومن المحلي حتى المستورد، ومن زار سوق الموسكي يكتشف الزحام على أصوله، وهو يرى الأعداد المهولة من البشر؛ الذين لا أول لهم ولا آخر، إنه سوق الموسكي الذي يخدم ملايين المصريين القاطنين في مدينة القاهرة الكبري وضواحيها، فكيف استطاع وسط مدينة خان يونس في قطاع غزة أن يحاكي سوق الموسكي، وأن يضم هذا العدد المهول من الناس في الفترة الزمنية الممتدة بعد الإفطار وحتى منتصف الليل، وأن يحتوي على كل أصناف البضائع رغم ما يعانيه قطاع غزة من حصار.
إنها إرادة الحياة لدى سكان قطاع غزة؛ فهي العامل المهم في كسر الحصار الإسرائيلي، وفي تخطي الإجراءات المصرية الأخيرة في التضييق على مرور البضائع عبر الأنفاق، إرادة الحياة قد اسهمت في توفير كل ما يحتاجه الناس، وبأسعار هي أرخص من سوق الموسكي.
وإنه الأمن المتوفر في قطاع غزة، والذي شجع الناس على الازدحام في الشوارع، وأعطى لبعضهم الفرصة للتسوق وهم آمنين، وأعطى لبعضهم الفرصة للتسكع وهم طامعين.
وإنه ضيق الحال وانعدام أماكن الترفية، وأماكن السهر، والأماكن العامة التي تسمح بقضاء الأمسيات العائلية بين أحضان الطبيعة، وفي الأماكن المخصصة للتمتع بالحياة، بحيث لم يبق للجمهور الذي ضاق بحر الصيف إلا شوارع المدينة التي تنز عرقاً.
وإنها الرواتب التي لم تتأخر هذا الشهر، والتي تم صرفها في موعدها إكراماً لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، إذ لا يصير أن تستأنف المفاوضات وتتأخر الرواتب.
من يطف في أسواق قطاع غزة بعد الإفطار يظن أن كل الناس تشتري وتبيع، ومن يذهب إلى البحر، يحسب أن كل الناس تغفو على ذراع موجه، ومن يذهب إلى المساجد في قطاع غزة يكتشف أنها تعج بالشباب، إنهم متحررون من أغراض الدنيا، إنهم يعتكفون فرحين طائعين طامعين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت