يشاع أن بعض عائلات المجني عليهم والذين قتل ابنائهم في جرائم خطيرة اثارت الرأي العام وشكلت صدمة وحزن شديد لدى الناس، وعدوا من قبل مسؤولين في الحكومة بغزة انه سينفذ عقوبة الاعدام بسرعة بحق المجرمين، وطالبوا عائلات الضحايا الاستمرار في الضغط على الحكومة من اجل تنفيذ عقوبة الاعدام.
قبل عدة ايام ارتكبت جريمة خطيرة راح ضحيتها شاب، و خلال الاشهر والسنوات الماضية ارتكبت عدد من الجرائم بطريقة بشعة وتداولها الناس بجزع وألم، وعدد من الجرائم نفذت بعد التخطيط لها بجرأة عالية، وخشية الناس من تكرار مثل هذه الجرائم في أي وقت قائمة.
فالجريمة أياً كانت مبرراتها فهي غير مبررة ومدانة، ويجب عدم التهاون في محاسبة مقترفيها، كما ان البحث في اسباب وقوعها واجب وطني وأخلاقي، فالأوضاع قاسية وصعبة، و نحن بحاجة الى دراسة الحال الذي وصلنا اليه من عنف وصل حد ارتكاب الجرائم الخطيرة والمنظمة، والحلول يجب ان لا تكون امنية فقط، بل هناك حلول لها علاقة بدراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، يجب عدم اغفالها.
وهنا لا يقتصر دور الحكومة والمطلوب منها على مكافحة العنف بالردع فقط، من دون ان تتوفر لديها الارادة السياسية ومصارحة الناس بشفافية عن ما يجري، مثلا عن حجم متعاطي الحبوب المخدرة وخطورة انتشارها، لمشاركتها في مكافحتها ومكافحة العنف والفقر و دور الحكومة في التدخل لوضع حد لبعض الآفات الاجتماعية.
هناك اعتقاد خاطئ لدى المواطنين وبعض من السياسيين و المثقفين من موقف مؤسسات حقوق الانسان الرافض لتنفيذ عقوبة الاعدام، وانها تعارض تنفيذ عقوبة الاعدام من اجل المعارضة، ضاربة بعرض الحائط الجرائم الخطيرة الآخذة في الازدياد خلال الفترة الماضية، وجرأة بعض المجرمين في تنفيذ جرائمهم ويمكن تصنيفها كجرائم منظمة، وبناء على مواقف مخالفة للقانون الفلسطيني الذي ينص على تنفيذ عقوبة الاعدام.
عدد من دول العالم تنفذ عقوبة الاعدام في الجرائم الخطيرة وغير الخطيرة التي تؤثر في الرأي العام وتشكل خطرا على المجتمع والسلم الاهلي وتزعزع اركان المجتمع ونسيجه المجتمعي، ودول اوقفت العقوبة نهائيا وأخرى جمدتها.
في فلسطين عقوبة الاعدام يتم تنفيذها لان القانون الفلسطيني ينص على تنفيذها، وخلال السنوات الماضية تم تنفيذ العقوبة تحت ضغط الرأي العام وتطبيقا لما يسمى عدالة الشارع، وخدمة لأهداف وطنية كما في عقوبة التخابر مع الاحتلال، ولأسباب اخرى تنفيذا لسياسات حكومية رادعة للمجرمين ومن يفكرون في ارتكاب الجرائم.
خلال السنوات الماضية من عمر السلطة تم تنفيذ عقوبة الاعدام تحت ضغط عائلات المجني عليهم، وكان لقوة بعض العائلات وحجمها في المجتمع تأثير كبير في استجابة السلطة لضغطها من خلال تنظيم الاحتجاجات في الشارع، وما سمي في حينه عدالة الشارع، وفي قضايا اخرى تم تنفيذ عقوبة الاعدام خارج اطار القضاء بذرائع وحجج مختلفة سواء كان المتهمين متعاونين مع الاحتلال او لأسباب اخرى في مشهد من الاعتداء على سيادة القانون.
و غياب الحد الادنى من أسس المحاكمة العادلة وضمانات التقاضي، وحفظ حقوق المتهمين في التقاضي وأجريت محاكمات عسكرية سريعة لم تتعدى ساعات قليلة ارضاء لعائلات المجني عليهم، وثبت لاحقا براءة بعض المتهمين من التهم الموجهة لهم.
لا لعدالة الشارع في تنفيذ عقوبة الاعدام، وتطبيق القانون والاستجابة لضغط العائلات، وواجب أي حكومة تطبيق القانون وضمان حقوق الناس سواء المجني عليهم او المتهمين، وتقديمهم لمحاكمات عادلة وعرضهم امام قاضيهم الطبيعي وليس امام القضاء العسكري، وتطبيق القانون على الجميع و المساواة و العدل بين الناس من دون تمييز، و التأكيد على قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية والتسامح، وقبول الاخر، والشراكة في اتخاذ القرارات والحد من البطالة ونسب الفقر المتفاقمة.
مصطفى ابراهيم
6/8/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت