رأيته يعمل بكل عزم وحيوية، بأحد محلات السوبر ماركت ،كأجير يومي كانت علامات الحزن تخيم على ملامح وجهه ،التفت إليّ بكل براءة وبعفوية همس بأذني وكأنه يعرفني منذ سنوات طوال حيث قال باقتضاب شديد :وماذا افعل وقد انقطع راتبي منذ سيطرت حكومة حماس على غزة وبما انه محسوب كموظف حكومي لدى أجهزه السلطة الفلسطينية رام الله ..قالها والألم يعتصره بكل كآبة خاصة أنه متزوج ويعول عائلة وليس له بعد الله سبحانه سوى راتبه الذي كان يتقاضاه ،قلت له الم تتابع ملفك عبر احد المسئولين الشرفاء الذين يكابدون ألآم المعذبون في الأرض ،وأولئك الذين يشعرون بكوارث الآخرين ويتعاطفون معهم وهم كثر ..رد عليّ وتنهيدته قد طرقت مسامعي فبدا ،وكأنه إنسان قد أوشكت أنفاسه الحيرى على الانتهاء فتكاد تبتلعه دوامات البحر الهائجة، فقال : لقد طرقت كل الأبواب والكل وعدني بالمساعدة والكل أوعظ إلىّ بإشراقات، الأمل لكن بلا جدوى ،ولا أعرف لما يصر المسئولون بكل عزم على طمس اسمي من قائمة الموظفين،وهل لوكنت ابن أومن أقرباء ، أحد كبار المسئولين أوصِغارها.. هل كان سيحدث ما حدث معي أم أن الوضع سيختلف تماما ،وقد تصبح قضيته ..قضية رأي عام ،ولانقلبت الدنيا على أعقابها ..!! المصيبة ياسيدي أني إلى الآن منذ سبع سنوات ،لا أعلم ما السبب ، بل لم يفيدني احد بالسبب..!! ثم لو كان الأمر سهوا لتعدلت الأمور ، طالما أن الوضع يمكن استدراكه لكن بكل أسف لقد أسقطوا اسمي عمدا مع سبق الإصرار والترصد.. فصرت على هامش الحياة فلا انأ موظف محض ولا أنا عاطل بصورة رسمية ..الغريب حقا حسبما عرفت عنه، انه لا ينتمي لأي تنظيم سواء مؤيد أو مناهض للسلطة بكل بساطه هو غير مقتنع بالتنظيمات أساسا ،وانتمائه بعد الله سبحانه لم يكن سوى للمؤسسة العسكرية التي خدم بها ،حقيقة أمرٌ خطير بل في غاية الخطورة هل يعني ذلك أن هناك تقارير كيدية قد ارتكبت بحقه ؟! أو أن هناك تشابه أسماء بينه وبين شخص آخر من أقاربه ؟..وإن كان ذلك فمن المسئول عن الظلم والجور الذي ألحق به، ومن المسئول عن معاناة وتدمير أسرة كاملة تحلم كأقرانها بالعيش والحياة الآمنة ..رحم الله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي قال :"لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر" ،فما بالنا اليوم يابن الخطاب عندما يتعثر الإنسان وتتعثر الرحمة والشفقة بأدنى حقوق الإنسان في الحياة ..أما البغال والحمير وسائر الدواب فهناك من يحافظون عليهم بكل وفاء وإخلاص عبر المؤسسات الدولية من خلال جمعيات الرفق بالحيوان ..حقيقة لقد غادرت المكان وقد تأثرت كثيرا ،بعدما قمت بالتسوق ولسان حالي يقول : رحم الله أيامك ياعمر ..!! فكم يحتاج البشر في أيامنا إلى جمعيات الرفق بالإنسان من باب أولى !! ثم أيها المسئولون عن مصير المساكين ،أسألكم بالله أين أنتم اليوم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "متفق عليه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت