خرج من بيته دون أن يودع أهله مع طلوع الشمس،ومعظم الناس نيام،متوكلا على الله واثقا فيه ساعيا لرزقه حريصاً على مصالح الناس خائفاً أن يتأخر عليهم في تحضير العيديات أو تأخر شراء حاجيات العيد ليفرح بها الطفل والكبير ..... فلماذا يُقتل
جواد عمران القواسمة صرّاف شهد له جميع أهل المدينة بل المحافظة بالشرف والنزاهة، يأتمنه الرجال والنساء على أموالهم دون قلق أو خوف رغم كثرة المخادعين والمراوغين، رجل في جميع المواقف يشهد له أهل الخليل عامة وأبناء عائلته بشكل خاص، يأبى أن يترك الحق لحظة ولو كان على حساب مصلحته أو حياته، أبٌ لشهيد اختار أن يصيب سرطان الاستيطان حين قرر أن يهاجمه في قلب مدينته ليكسر عزيمة المغتصبين ويرفع معنويات أهل المدينة التي ترزح تحت الظلم والاستبداد منذ سنين، وأسير قضى تسع سنوات في أقبية الاحتلال الصهيوني ،كان ينتظر أن يرافق والده في جولة العيد على الرحم والأصدقاء هذا العام، أخ لمبعد إلى مرج الزهور قضى عمره في فداء للوطن ،أخ لأحد رجال الإصلاح، مرب فاضل شغل مسؤولية التربية والتعليم في الخليل بأمانة وإخلاص، عضو في مجلس بلدية الخليل ..... فلماذا يقتل.
اسمحوا لي أن أهذي على الورق فلم يعد رأسي يستوعب صراخ الأفكار التي تتجادل هناك ...
هل قتل لأن الأمانة قد ضيِّعت، وأصبح يصدق الخائن ويكذب المؤتمن، يُجَلُّ الرويبضة ويهان الإنسان الملتزم ويستهدف في ماله ونفسه، هل افتقدنا تعظيم شعائر الله والشهر الذي استعظمه وميزه وأمر بزيادة الطاعات والابتعاد عن المعاصي ،هل هان على البعض أن يحطم فرحة العيد في قلوب أهل مدينتنا.
هل قُتل حتى نعود إلى عصر الانفلات الأمني وعصابات السلب والنهب التي كانت تطعن الاقتصاد الوطني في مقتل، وتبث الرعب في قلوب المطمئنين وتسلب الناس الأمن والأمان الذي كدنا نشعر به في ظل حكم القانون ...
هل قتل حتى يظن العالم أننا لا نُجلُّ عائلات المناضلين والمجاهدين بيننا ،ولا نقدّر لهم تضحية أبنائهم وإخوانهم، بل نسحقهم في سبيل حفنة من المال ،هل أصبح دم الشهداء وتضحيات الأسرى والمبعدين هباء منثورا، هل انتهت في نفوسنا قيمة الشهادة والتضحية في سبيل الوطن، وبدلا من أن نواسي الشهداء ونهنئ الأسرى بالحرية في العيد نزين بيوتهم بدمائهم.
هل قُتل لأن الاحتلال قد يئس من الإيقاع بين الأقطاب السياسية في الوطن لترفعهم عن النزال العسكري ولاقترابهم من المصالحة، وقرر الإيقاع بين مدن وعشائر وعائلات الوطن، ليعود الثأر يسلبنا أبناءنا كل حين، فنعود إلى عصر الغاب، وينزع من قلوبنا الرحمة.
أبو عمار ليس الأول وقد لا يكون الأخير إن لم يقف المجتمع بأسره لأخذ القصاص من القتلة الذين اغتالوا العيد في مدينة الخليل قبل ميلاده، وترك الناس في رعب وخوف من مستقبل مختبئ في عتمة الجرم والطغيان، يحق لنا أن نطالب الأجهزة الأمنية بسرعة الوصول إلى المجرمين وكشف كافة أبعاد الجريمة، وعرض القضاء لهذه الأبعاد على الرأي العام، فلم يعد الأمر يخص أهله أو مدينة الخليل بل كرامة الوطن والمواطن
أسامة نجاتي سدر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت