مالي لا أرى مصر ..مصر البساطة ،وخفة الظل، ومصر الأمل.. عندما يكثر الهرج والمرج حتما لا يمكن أن نرى مصر ،وللأسف كل أناس يتصورون أنهم هم عين الفضيلة ،وما دونهم أكوام الرذائل والفتن..مالي ، لا أرى العيد وبهجته في عيون أبناء مصر هذا العام ..،ولما قد انتحرت البسمات ،بعدما ..سادت حالة ضبابية من الحزن ،والأسى واليأس فخيمت على الوجوه التي غدت كالحة السواد ..مالي لاأرى العيد في عيون الأطفال،والنساء والشيوخ وقلوب الذين سقطوا صرعى على التراب الطاهر ،حتى كحك العيد ما عدنا نتنسم حوائجه العطرة في الحارات والبيوت والشوارع ،وقد امتزجت روائحه بدماء الأبرياء ..!! وآسفا على الحدائق ،والمنتزهات ، التي باتت كأعجاز نخل خاوية،جاء العيد ومضى والحالة السائدة يهيمها الخوف والفزع والضجر ..عندما قال سيدنا سليمان عليه السلام مالي لاأرى الهدهد فتلك هي قمة المسئولية والقيادة الحكيمة في تفقد من هم تحت طائلة المسئولية.. أما اليوم عندما أقول مالي لا أرى مصر فأني لا أجد حقيقة من يتحمل مسئولية مصر بعد ضياعها ، وقتل بسماتها ..فالمشهد الدراماتيكي يذكرني بذات المقطع القصير الذي هز جوانحي وتقشعر له بدني عند مشاهدتي لفيلم واسلاماة ذاك الفيلم تاريخي والذي هو من إنتاج مشترك بين مصر وإيطاليا حيث استند إلى رواية وإسلاماه للمؤلف علي أحمد باكثير حيث يقول أحد ممثلي الفيلم محمد صبيح في دوره كتيغا ،وكتيغا هو ذاك القائد التركي المسيحي البارز من قبيلة النايمان التي هي جزء من المغول ، والذي كان مقرباً لهولاكو خان وأحد أبرز قادته رغم كبر سنه..المهم بالعودة السريعة إلى الوراء من ذاك المقطع، بعدما بدأ أيبك وأقطاي محاولاتهما للزواج من شجرة الدر للحصول على العرش فتتزوج من أيبك وتقتل أقطاي خشية انقلابه عليها ،وتقتل فيما بعد أيبك لأنه كان يريد العرش الأمر الذي جعل أرملة أيبك تحاول قتل شجرة الدر وبعد شجار مميت بينهما قتلتا معاً ثم وصل رسل التتار وعرش مصر خالٍ من السلطان ثم قال كتيغا قولته تلك التي انتفض لها كياني حيث قال عندما أريد أن أخاطب شعب مصر فمن أخاطب قالها بسخرية شديدة لأنه متيقن تماما أن مصر خالية من القيادة والإدارة ،صحيح أن قطز تلك الشخصية التي جسدها بكل براعة الممثل أحمد مظهر،وقطز لمن يقرأ التاريخ هو السلطان المصري ذو الأصل المملوكي، والذي تولى الملك سنة 657 هـ. يعتبر أبرز ملوك المماليك على الرغم أن فترة حكمة لم تدم سوى عاما واحدا؛ لأنه نجح في إعادة تعبئة وتجميع الجيش الإسلامي والذي انتصر على المغول في معركة عين جالوت ..المهم كان رده بدون كلام من أقوى الردود.. مزلزلا ،مثلجا للصدور ولكل من تابع الرواية فقد كان الرد هو قيامه على عجالة بضرب الورقة ..ورقة الامتلاءات ، حيث قام رفعها في الهواء ،وضربها بالسيف فشطرها نصفين ..رافضا سياسة الانبطاح للمغول، وفرض سيطرتهم ،وبسط نفوذهم رافضا سقوط مصر في أيدي الغدر والخيانة ..وفي أيدي أولئك المستعمرون تلك الفترة .. كنت أتمنى أن يأتينا قطز القرن الجديد ليحي الأمل في نفوس الحائرين والجرحى ،فيقول لقد جئتكم بنبأ سار وبشرى يا أهل مصر ،فقد أعلنا انتهاء الخصومات، وأشرق فجر جديد ،بعد التوحد والجهاد ضد كل المؤامرات التي ،تحاك بمصرفي الأروقة العالمية والمحلية،ولنضع الحزبنة، والحزبية جانبا ولنغادرها قليلا حتى نظفر بالنصر ..!! ، لكن هناك فرقا شاسعا بين الذين يشيعون الوشاية والأكاذيب وبين الهدهد ..وفرق واسع بين القائد الحكيم سيدنا سليمان عليه السلام وبين من يتناحرون من اجل كراسي قيادية واهية رحم الله أيام الهدهد ،وما جاء به من حقائق غيرت مجرى الإنسانية.. لكن الأهم هنا وهو سؤال يراود ذهني هل من قطز جيد يمكن أن تنجبه ضفاف النيل ،من قلب مصر؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت