على مدى ما يقرب من 65عاما من بداية الصراع العربي الاسرائيلي في فلسطين اصدرت الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي العديد من القرارات الدولية حول حقوق الشعب الفلسطيني في وطن وحقه في العودة الى دياره وممتلكاته لضمان سيادة الامن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. ان تحليل جوهر الصراع بيننا وبين العدو الإسرائيلي كصراع عربي إسرائيلي إلى جانب الوضعية الرئيسية لدولة العدو الإسرائيلي التي تحولت اليوم إلى حالة امبريالية صغرى عززت دورها ووظيفتها في تكريس مصالح نظام العولمة الامبريالي ، لم يكن مستغربا في مثل هذه الأوضاع تمسك التصور الصهيوني بلاءاته الخمسة : لا انسحاب من القدس، لا انسحاب من وادي الأردن ، لا إزالة للمستوطنات ، لا عودة للاجئين، لا للدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة .
امام ذلك نسأل اين الشرعية الدولية التي تقوم على قاعدة الحق في استقرار الانسان في اطار حياته وحقه بالبقاء في بلده ومغادرته والعودة اليه, وإلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ القرارات الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني القاضية بحق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة بعاصمتها القدس .
ومن هنا نرى ان دولة الاحتلال تستفيد من العودة الى دائرة المفاوضات لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية الاستعمارية ومن اجل تغير صورتها امام العالم انها مستعدة للسلام بعد ان حصلت على الدعم المطلوب من الراعي الأميركي .
ان الحكومات العربية الموافقة على المفاوضات هي متورطة في ترتيب هذا الفصل الجديد من النكبة الفلسطينية ، حيث تلتزم الصمت اليوم بناء على حساب أميركي افتراضي يرسم لها معادلات متخيلة عن توازنات المنطقة تضعها واقعيا في الصف الإسرائيلي ومجرد إشادة هذه الحكومات بصيغة التفاوض إشاعتها للوهم بشأنها ليست سوى تثبيت لقبولها بتهويد القدس الذي بات مكرسا قانونيا وعمليا، وان ما يجري قد رفضه الرئيس الرمز الشهيد ياسرعرفات سابقا باعتبار اعطاء رقعة من ضواحي القدس على تلة أبوديس عاصمة فلسطينية انطلاقا من قبول التهويد و الرضوخ لنتائجه المفروضة .
ان تهويد القدس بلغ أوجه في السنوات الماضية اضافة الى إزالة طابع المدينة التاريخي والديني لترسم دولة العدو هوية القدس على طريقتها ولتضع شروطها وفق رؤيتها للمستقبل.
اصبح ان المفاوضات الجارية هي رضوخ للمشاريع الامريكية الاسرائيلية والقاضية بتهويد القدس و شطب حق العودة وهو ما ضمنه الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل سلفا وفقا لما على ان تتكفل الحكومات العربية الصديقة بأن يكون أمر استيعابهم حيث يقيمون مسؤوليتها المباشرة، وهذا ما اكدت عليه زيارة الوفد العربي اخيرا لواشنطن من اجل التمرير التدريجي لخطة تبادل الاراضي وتسوية القدس وشطب حق العودة من غير ضجيج سياسي ، بحيث يصبح الصمت بمثابة تسليم واقعي بما تفرضه إسرائيل والولايات المتحدة وليغدو التعبير الدارج هو إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، سيوضع عمليا في عهدة النخوة العربية تمويلا للتوطين و التهجير عبر أصقاع الأرض ، وبخطوات تنال الرضا الإسرائيلي والأميركي.
أمام كل ذلك لم يعد مفهوما لدى الشارع الفلسطيني عما تخطط له السلطة الفلسطينية ،لذلك لا بد من التحذير من أن بقاء الحال على ما هو عليه، وترك المسألة برمتها تحت رحمة الشروط الامريكية الاسرائيلية والتفاوض العبثي، سيؤدي الى إفساح المجال أمام المشروع الصهيوني الامبريالي لتصفية الحقوق الوطنية ، وهذا يستدعي من كافة القوى الوطنية بما فيها حركة فتح الى تحديد مواقفها من خلال ممارسة كل اشكال الضغط الشعبي من اجل الحفاظ اولا على منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني وثوابت الشعب الفلسطيني وتطوير البنية الفلسطينية في الوطن والمنافي، لكي تصبح هذه البنية عصية على الانقسام أو الاختراق أو الصراع الدموي، وعلى كل مظاهر الإحباط واليأس التي تتجلى اليوم بصورة غير مسبوقة في أوساط الشعب الفلسطيني ، ومواصلة النضال من اجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني .
وفي ظل هذه الظروف نقول لا بد من العمل لاطلاق سراح جميع الاسرى وخاصة القدامى والقادة والمناضلين والمناضلات ولكن يجب ان يكون عامل اطلاق سراحهم دون ابتزاز او ورقة مساومة او على دفعات ، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي بأسره أن يمارس دوره الإنساني ، وأن يقوم بدوره بالضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء معاناة الأسرى وذويهم كما نصت عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية، واذ لم نتمكن فليكن خيار المقاومة هو البديل .
ختاما : لا بد من القول ان المشهد الفلسطيني يتطلب العودة الى الشعب صاحب الموقف والمحرك والرافعة للسقف النضالي والعمل من اجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية لانقاذ المشروع الوطني الفلسطيني وتطوير الأدوات الكفاحية لمواجهة الاحتلال وسياساته وإجراءاته.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت