فلسطين بين مفاوض فاشل ومقاومة غائبة

بقلم: جادالله صفا

بموافقة الطرف الفلسطيني بالعودة الى المفاوضات بالمعايير التي وضعها كيري، والتي تخلى الطرف الفلسطيني بها عن شروطه السابقة، وفي ظل غياب موافقة اغلبية او اجماع فلسطيني على هذه العودة، اضحى الطرف الفلسطيني اكثر ضعفا وقابلا اكثر للانكسار من اي لحظة، حيث فقد ما تبقى له من اوراق قد تساعده باي جولة مستقبليه بعد انتهاء فترة الاشهر التسعة التي حددت لانجاز اتفاق بين الطرفين، فاطلاق سراح الاسرى القدامى لا يعد انجازا بالمعنى الوطني، لان تم التعامل مع الاسرى على قاعدة تقسيمهم وعدم طرح قضيتهم كرزمة واحدة أو اعتبارهم مناضلين من اجل الحرية، حيث جاء اطلاق سراحهم ضمن الشروط والمعايير الصهيونية، وان ما صدر عن ديوان نتنياهو بأنه اذا انسحب الجانب الفلسطيني من المحادثات فان عملية الافراج عن الاسرى ستتوقف، لتؤكد حالة الابتزاز التي يمارسها الجانب الصهيوني على الطرف المفاوض الفلسطيني والتي تنذر بعواقب وخيمة لمزيد من التنازلات.

فهل يجوز للمفاوض الفلسطيني مستقبلا ان يطرح على طاولة المفاوضات شرط ايقاف الاستيطان اذا تخلى عنه بهذه الجولة؟ وهل يجوز له المطالبة بدولة على حدود ال 67 ايضا؟ وهل يجوز له الحديث عن حق العودة اذا تخلى عنه منذ توقيعه على رسالة الاعتراف المتبادلة بين عرفات ورابين واتفاق اوسلو؟ وهل يجوز له مناقشة قضية القدس كعاصمة لدولته الهزيلة اذا وافق على ان تكون بعض جولات التفاوض بين بالقدس واريحا؟ اسئلة مشروعة.
من خلال هذه الجولات الجديدة من المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني، شرع الكيان الصهيوني بخطوات جديدة ممثلة بتوسيع حلقة الاستيطان، وادعى مسؤول الاعلام اوفير غنديلمان في ديوان رئيس وزراء الكيان الصهيوني "ان الفلسطينيين قد وافقوا خلال الجولات السابقة من المفاوضات على بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى تحت السيادة "الاسرائيلية"، وعليه فانه لا مانع من مواصلة اعمال البناء في هذه الكتل وفي احياء من القدس".
لا مؤشر لنجاح المفاوضات واحتمالات الفشل واضحة كالشمس، فليس بالضرورة الانتظار 9 اشهر لنرى ما تسفر عنه المفاوضات، حيث الوقائع الجديدة التي تتمثل ببناء المزيد من الوحدات السكنية ومصادرة الاراضي والتضييق على حياة المواطن الفلسطيني قد تنذر خلال فترة السنوات القادمة الى هجرة جماعية فلسطينية بحثا عن مصادر رزق جديدة مما يسمح بتفريغ الارض من سكانها، حيث تثبت الايام ان قطعان المستوطنين يسرحون ويمرحون دون اي رادع اطلاقا، ويتصرفون بالارض كما يشاءؤن، حيث يشعر المواطن الفلسطيني كل يوم بانه غريب بارضه وليس له حق التصرف واذا فكر بالدفاع عن ممتلكاته فهو معرض للقمع من الطرف الفلسطيني قبل قمعه من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.

المبررات التي يطرحها الطرف الفلسطيني حول الضغوطات التي مورست عليه من قبل الحكومات العربية، للعودة الى المفاوضات متماشيا مع الموقف الامريكي، غير مقبولة اطلاقا، فالموقف الفلسطين هو طبيعته موقف متخاذل مهادن ومساوم، وبمجمله يشكل كفرا بعدالة قضيتنا وحقوقنا الوطنية والشرعية والتاريخية، فالحكومات العربية لم تحمي يوما الثورة الفلسطينية وانما طعنتها وعملت على تصفيتها سواء بالاردن، او لبنان، ولاحقت اجهزة المخابرات العربية الفدائيين والمناضلين الفلسطينين والعرب على مساحة الوطن العربي، وهي ليست سياسة وموقف جديد من الحكومات العربية بتأمرها على القضية الفلسطينية، وانما مواقف تابعة للموقف الامريكي تنتهز التراجع بالمواقف السياسية للقيادة الفلسطينية التي تاتي نتيجة الطبيعة الطبقية لهذه القيادة، ونتبجة للانتكاسات العسكرية التي صادفتها الثورة الفلسطينية بمعاركها ومواجهاتها مع الكيان الصهيوني.
فسياسة الاستجداء افقدت هذه القيادة احترام قطاعات واسعة من شعبنا، فمتى هذه القيادة ستتعض من تصرفاتها وتغير من مسلكياتها؟ فبدلا من ان تبحث القيادة الفلسطينية عن بدائل لتعزيز مقومات الصمود والتصدي والمواجهة والتحدي لكافة ممارسات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه، نراها غارقة بمستنقع المفاوضات والتنازلات.

فالانجازات الفلسطينية والاعتراف الدولي بالحقوق الفلسطينية جاءت من البندقية المشرعة بوجه الاحتلال، كان ثمنها دماءا سالت على كامل التراب العربي من اجل فلسطين، وجرحى واسرى حرية خلف القضبان بسجون النازية الصهيونية وسجون الحكومات العربية الشقيقة، صرخات الامهات وهتافات الاطفال ضد الاحتلال، بمجملها شكلت رافعة اساسية بمسيرة النضال على طريق الحرية والاستقلال، لتقول لا للاحتلال نعم للمقاومة والبندقية، هكذا اكتسب شعبنا اعتراف العالم بحقوقه واحترامه لنضاله.

جادالله صفا – البرازيل
13/08/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت