الاسير المحرر أبو ستة.. أعتقل شابًا وعاد الشيب يغزو رأسه ..!

خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء
عاد الاسير الفلسطيني المحرر علاء الدين أبو ستة ( 42 عامًا) من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة بملامح جديدة، فلم تعرفه العائلة فور مشاهدته، بشعره الأسود الذي اشتعل شيبًا وملامح كبر السن التي بدت على وجهه، خلاف ما كان عليه قبل نحو 20 عامًا عندما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وتحرر أبو ستة ضمن الدفعة الأولى من الأسرى القدامى، والتي شملت 26 أسيرًا منهم 15 من قطاع غزة، بعد اعتقال دام نحو 20 عامًا من أصل محكوميته البالغة 99 عامًا، بتهمة قتل جنود إسرائيليين.

وارتسمت ملامح الفرح على وجه الاسير المحرر فور وصوله مسقط رأسه، على الرغم من المعاناة والألم الذي كابده على مدار اكثر من ربع قرنٍ من الزمن، وكذلك الحال بالنسبة لعائلته التي لم تُصدق بأن ابنها الاعزب خرج من مقابر الأحياء، ويتنسم الحرية بعدما أن حُكم عليه بهذه المدة القاسية.

ولم يستطيع أبو ستة معرفة كل من قدم لاستقباله والسلام عليه حتى من أشقائه، ومن كثرة تدافعهم من حوله للسلام عليه لم يتسن له السؤال عن اسمائهم، وينتظر الأيام القادمة حتى يتمكن من التعرف عليهم رويدًا رويدًا وعلى ملامح المحافظة والحي الذي تربى فيه بعدما تغير كُليًا..

واختلطت مشاعر الاسير المحرر ما بين الفرح بأن تخلص من براثن السجن والسجان ووحشيته وعنجهيته التي مارسها بحقه وجميع الأسرى مُنذ الاعتقال حتى أخر لحظات التحرر، وبالحزن لتركه أشقاء عايشهم سنوات طويلة وشاركهم حياتهم بتفاصيلها الدقيقة.

معاناة الـ 20 عاماً والثلاثة أيام..
وشكل خبر نية الاحتلال الإفراج عن أبو ستة ضمن الدفعة الأولى من الأسرى القدامى، من أصل 104 أسرى صادقت حكومة تل أبيب على إخلاء سبيلهم على اربع دفعات في إطار استئناف المفاوضات، مفاجئة كبيرة، كون الاحتلال حسب أبو ستة - كان يتلاعب بالأسماء ويحاول بشتى السُبل إخفاء تلقيهم خبر الإفراج بالفرحة، "حتى عندما أخبروهم بقرار الإفراج لم يشعروهم بشكلٍ مباشر به، بل مارسوا أساليب أخرى توحي بأنهم سيبقوا داخل الأسر. "

ومن بين تلك الأساليب نقلهم من سجن "نفحة" الصحراوي لسجن "الرملة" قبل ثلاثة أيام من الإفراج وإخضاعهم للتحقيق أكثر من ست مرات يوميًا، وتكبيل أيديهم وأرجلهم طول الأيام الثلاثة، وحرمانهم من الاستحمام ومياه الشرب، وسلب مقتنياتهم سوى ملابسهم التي يرتدونها، وتهديهم بالقتل في حال العودة للعمل المسلح.

ويصف الاسير المحرر لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" الساعات الأخيرة قبل التحرر بالصعبة فاختصرت العشرين عامًا من المعاناة والظلم والتفتيشات العارية وقطع الماء البارد والساخن وسلب انجازات الأسرى, والتنقلات المستمرة والضغط النفسي والعزل الانفرادي والاعتداءات الليلية..".

ويتابع "كنا في حالة ترقب مضنية ومعاناة شديدة ولكن بمجرد أن بدأت الأمور تتضح وصدور أول قرار بخروج أول دفعة كانت الفرحة عارمة داخل السجون"، وعكست إجراءات الأيام والساعات الأخيرة مدى حقد وكراهية الاحتلال الإسرائيلي للأسرى".

ويستطرد "هذا ديدن الاحتلال وليس جديدًا عليه حرمان الأسرى وذويهم من فرحتهم وإفراغ الفرحة من مضمونها، ولكن الحشود المستقبلة لنا على معبر بيت حانون كانت غير متوقعة، وأذهلتنا رغم أن الاحتلال تعمد تأخير الإفراج عنا لساعات الليل في محاولة لطمس فرحتنا وفرحة عوائلنا وحدث عكس ذلك".

سعادة وحزن..
ويختزل الاسير المحرر أبو ستة وصفه للعشرين عامًا التي قضاها بالسجون الإسرائيلية قائلاً: "كانت سنوات صعبة جدًا مليئة بالمعاناة والقهر والحرمان وشتى أنواع التضييق والاعتداءات التعسفية، ولكن الإصرار والوحدة والصبر كانت تجعلنا نتحمل تلك المعاناة، وبمجرد أن خرجت من السجن أصبحت المعاناة مجرد ماضي".

ويضيف "أشعر بسعادة لا توصف بعدما حققت حُلمي وأصبحت حرًا بين أهلي وأحبابي وأبناء شعبي, وأشكر كل أبناء شعبي الداعمين لقضايا الأسرى واللجان والمؤسسات المهتمة بهم وبقضيتهم العدالة, وإن شاء الله ربنا يتمم على خير خروج باقي الأسرى".

ويتمنى أبو ستة لكل الأسرى الفرج القريب, قائلاً: "نحن معكم دائما ولن نخذلكم ونحن معكم حتى خروج آخر أسير من سجون الاحتلال"، مطالبًا الجهات المختصة بالعمل الفور والجاد لإطلاق سراح الأسرى بشتى الطرق سواء بأسر الجنود أو المفاوضات المبنية بصالحنا وليس على حساب قضايانا."

وكانت عائلة الاسير المحرر – حسب شقيقه- متخوفة لآخر لحظة بأن يتراجع الاحتلال بالإفراج عن شقيقه وبقية الأسرى لأنه تعود على ذلك، فماطل كثيرًا مُنذ اتفاقية أوسلو مطلع التسعينيات بالإفراج عنهم، حتى أنه ماطل بالمفاوضات الأخيرة التي سبقت عملية الإفراج.

وعبر شقيق الاسير المحرر عن فرحته الكبيرة لعودة شقيقه سالمًا غانمًا لبيته وعائلته وأصدقائه ومُحبيه، بعدما كاد أن يفقد الأمل بالإفراج عنه، متمنيًا الفرج لبقية الأسرى بالقريب العاجل، وتنتهي معاناة عائلاتهم التي حُرمت منهم لسنوات طويلة ولدت وماتت فيها أجيال.