ضاحية المقاومة والصمود استمعت جيدا الى سماحة السيد حسن نصر الله وحديثه الصادق عن انتصار تموز ، رغم الجرح الاليم الذي اصابها ، فهي بكل تأكيد لم يهزها انفجار الخونة والمأجورين المرتبطين بكيان العدو الصهيوني .
اوضح سماحته عدة أمور ليصبح المشهد أكثر وضوحا في الشكل والمضمون ، وهي رسالة قوية ومعبرة وخصوصا مشهد احتفال النصر ، حيث اكد سماحته بلغة هادئة عن الانتصار وصمود عيتا الشعب ومدينة بنت جبيل، وما تتعرض له المقاومة ضمن ، مؤكدا ان خيار المقاومة هو مشروع مبني على الإرادة والوعي والتضحيات وقد أخفقت جميع المحاولات الإستراتيجية الكبرى التي قادتها الولايات المتحدة منذ العام 2000 مستخدمة العقوبات والقرارات الدولية وتأليب واستخدام أطراف لبنانية محلية وتوظيف إمكانات وأدوات بما فيها مشاركة بعض العرب وكذلك الحشد الكبير الذي قادته الادارة الامريكية خلال حرب تموز لسحق هذه المقاومة وكل ذلك لم يفلح في تغيير واقع المقاومة وتحصينها .
خطاب السيد نصرالله يشكل نقطة ارتكاز لمواجهة مشاريع الفتنة المتلاحقة ، وخاصة انه اكد ان استهداف الضاحية الجنوبية من قبل يد الإجرام الآثمة فاليد التي فجرت في ضاحية المقاومة اليوم هي نفسها اليد التي قصفت في حرب تموز ، كما اكد ان اعمار ما تم في التفجير الارهابي سيكون اولا من خلال الدولة وان المقاومة لن تتخلى عن اهلها وستعيد ما تم تدميره .
المشكلة الحقيقية التي تواجهنا هي القوى المتطرفة الارهابية التي تتغزى من القوى الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل والتي تلعب على وتر الطائفية ومحاولة تفتيت المنطقة إلى دويلات طائفية ولكن صمود المقاومة سيفشل كل المؤامرات والمنطقة اليوم تشهد ولادة جديدة وسورية ستكون قطب من أقطاب السياسة العالمية وستقود المنطقة إلى نصر مؤزر.
اليوم نشارك ضاحية المقاومة ألمها والشهداء الذين ارتقوا اليوم في بيروت انضموا إلى ركب الخلود ، ونقول ان الضاحية الجنوبية،ستبقى معقل من معاقل المقاومة،ورمز ومثال لكل المقاومين العرب، ولن يتمكنوا من الضاحية الجنوبية، فهي عصية على الكسر والتطويع.
لقد تعلمت الشعوب المناضلة وعبر التاريخ على قهر الموت والانتصار لإرادة الحياة وتخطئ تلك القوى إن ظنت أن القتل سيؤدي للاستسلام ، فا هو الشعب الفلسطيني ما زال يقاوم ويناضل ويرفض كافة المشاريع والمخططات التي تستهدف النيل من حقوقه ، رغم ما يتعرض له من عدوان واستيطان صهيوني عنصري يطال الشجر والحجر والبشر بدعم وانحياز سافر من الادارة الامريكية، ولكنه لم يتخلى عن قضيته وحقوقه ،ولم يتمكن هؤلاء المجرمين الارهابين من قتل إرادة الشعب اللبناني الشقيق الذي ينتصر لمقاومته البطلة في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني.
إن المقاومة في لبنان هي من تضع السياسات, فالمقاومة بدأت بعد نصر تموز بطرح إستراتيجية دفاعية تحمي لبنان وبدأ بطمأنة الداخل بأنه لن يقدم على أي عمل يعرض اللبنانيين لأي أذى, حيث شكلت هذه الخطوة من قيادة المقاومة رسالة متوازنة من اجل إشاعة الهدوء في الداخل اللبناني، وطمأنة الخارج .
إن نصر تموز علم العالم كله كيف ينتصر الدم والسيف بعقيدة راسخة وإيمان ثابت وانضباط وقدرة وعقلانية ستقضي على ذاك العدو المتفاخر وقوى المرتبطة معها وفي مقدمتهم القوى التكفيرية , حيث تثبت المقاومة أنها قادرة على صنع النصر ، رافعة راية النضال وخيار المقاومة الشعبية مهما كلفها ذلك من ثمن وتضحيات.
ان ما جرى في الضاحية يهدد استقرار لبنان والسلم الأهلي فيه، ومن قام بهذا العمل يريد جر لبنان الى مستنقع الحروب والفتن المذهبية والطائفية،لكي تصبح المبررات والذرائع امامهم سالكة لخلق سلاح فتنة مقابل سلاح المقاومة.
وهنا لا بد من القول وبكل وضوح ان ما يسعى اليه بندر واسرائيل وامريكا ومن لف لفهم لم يتمكنوا من تحقيقه ولا يمكن ان تنجح اهدافهم في سوريا ولبنان ومصر، وهذا بكل تأكيد سيضع المشروع الأمريكي- الإسرائيلي في مهب الريح ، واذا كان الامريكي اراد من خلال وزير خارجيته كيري الضغط على الطرف الفلسطيني من اجل العودة الى المفاوضات ، فهذه المفاوضات سيكون مصيرها الفشل الذريع لان الشعب الفلسطيني بوحدته وقواه لن يسمح للمشروع والمخطط ان يمر لتصفية القضية الفلسطينية، وهو سيبقى متمسكا بنضاله ومقاومته الوطنية وحقوقه الوطنية المشروعه وبقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة حتى الحرية والاستقلال والعودة .
ولهذا نقول للجميع ان المشروع الامريكي وادواته في المنطقة تتراجع،وتتقدم وتبرز دول وقوى عالمية بمواجهته ، وفي مقدمتها روسيا والصين ودول البركس ومعها ايران، اضافة الى قوى حركة التحرر العربية التي تسعى بنضالها من اجل اعادة تصويب مسار الثورات العربية في مواجهة القوى المتطرفة والتكفيرية ، واستعادة الثورة الى مسارها الصحيح من خلال تحقيق مطالب الشعوب العربية بحقوقها وكرامتها وموقعها الوطني والقومي في قلب المواجهة مع المشروع الأميركي- الصهيوني.
ان التفاف كافة القوى اللبنانية حول الخطر الذي اتى بعد التفجير في الرويس بعد أسابيع قليلة من تفجير بئر العبد ، وما صدر من مواقف شجب واستنكار وتفقُّدِ المكان الذي حوّله أهلنا في الضاحية من مأساة إلى ملحمة صمود هم الذين لم تضعفهم غارات العدو المتلاحقة في حرب تموز ولا صواريخه الفتاكة المدمرة. لقد أحالت ضاحية العزّ بإيمانها وصبرها وثقافتها المقاوِمة تفجير أمس الأول إلى تضحية جديدة وقدوة جديدة وإيثار جديد كما لم تمنعها الآلام من الاحتفال بالنصر في عيتا الشعب قَلَبَ المعادلة.
ان الضاحية ستبقى السند والقلعة الحصينة للمقاومة ، ونؤكد على ما قاله سماحة سيد المقاومة حسن نصرالله من الطبيعي أن لا يتركنا أعداؤنا طالما أن هذه المقاومة ملتزمة القضية المركزية للأمة وهي قضية فلسطين وملتزمة حماية لبنان ومقدرات لبنان، وقال سننتصر في المعركة ضد الارهاب التكفيري، ستكون المعركة مكلفة نعم، لكن اقل كلفة من ان نُذبح كالنعاج وان ننتظر القتلة ليأتوا الى عقر دارنا .
ولهذا نرى ان المعركة مع الإرهاب طويلة وقاسية لكنها معركة مطلوبة بالمعنى الوطني والقومي والإنساني والأخلاقي والديني فالإرهابيون يتزينون بالرداء الديني وهم من الدين براء جوهراً وقيماً وإرشادات وتعاليم، هم يتوسلون ألفاظ اللسان وينحرون مضمون العقل والقلب والضمير. هم إنكار متعمَّد للحوار والديمقراطية والكلمة السواء .
وختاما : نؤكد بان الضاحية بشموخها وعزتها وتوحيد اللبنانيين حولها ستبقى قلعة حصينة في مواجهة المؤامرة.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت