مجزرة رابعة العدوية : إفلاس العقيدة العسكرية المصرية

بقلم: عادل السمعلي


لم تكشف مجزرة منصة رابعة العدوية بمصر حجم الكارثة الانسانية الذي تعرض لها الشعب المصري فقط بل تجاوزت ذلك لتلامس الخطوط الحمر لعديد المسائل والإشكاليات المسكوت عنها مصريا وعربيا ومن ذلك التطرق لتحليل وفهم أسس العقيدة العسكرية المصرية التي أدت لمثل هذه الكارثة الانسانية و العسكرية


لقد كانت مشاهد الجثث المحروقة والدماء والأشلاء التي نقلت لنا تلفزيا على درجة من البشاعة والفظاعة وغياب الحس الانساني لدرجة أننا كذبنا أعيننا وتصورنا أننا أمام مجزرة صهيونية بحق إخواننا الفلسطيين أو اللبنانيين إذ نحن لم نرى فارقا يذكر بين الصور التي رأيناها في مذابح سابقة و مماثلة ارتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء لبنان و فلسطين مثل مذبحة تل الزعتر أو دير ياسين أو حتى مذبحة صبرا وشاتيلا أو مذبحة حرب غزة الأخيرة وبين صور مذبحة منصة رابعة العدوية حتى أنه يخيل للمرء أن الفاعل واحد والضحية هو نفسه ولم نعد نفرق بين ضحايا بنو عسكر و ضحايا بنو صهيون وبين شهداء بلاد الشام و شهداء أرض المقدس وبين شهداء أرض الكنانة مصر الجريحة


إن الآلة العسكرية المصرية التي مولها المواطن المصري البسيط من جيبه الخاص ومن قوت أطفاله عن طريق اقتطاعات من راتبه الشهري المتواضع لتتوجه نفس هذه الآلة نحو نفس هذا المواطن الغلبان لتقتله أو تدوسه أو تفرمه وترديه قطعا من اللحم المتفحم لهو دليل ساطع وحجة بالغة على إفلاس وتهافت العقيدة العسكرية المصرية التي وضعها الاستعمار ثم تفنن في تطبيقها أذناب الاستعمار .


إن هذا الحدث الجلل المرتكب من طرف عساكر السيسي يعيد طرح إشكالية العقيدة العسكرية العربية عموما و المصرية خصوصا فالشعب المصري يدفع الآن ضريبة الدم من أجل الاستقلال الحقيقي من الهيمنة الاجنبية ومن أجل الفكاك من منظومة الصهيونية العالمية التي تتحكم في قادة جيوشنا العربية وتفرض عليهم عقيدة عسكرية معادية للشعوب و حافظة لأمن إسرائيل نقولها ولا نخجل من الحقيقة : عساكر الدول العربية مجهزة ومدعومة من أجل حماية أمن إسرائيل أو من أجل توجيه السلاح بين الدول العربية أو في اتجاه إشعال حرب أهلية داخلية ومن يتمرد عن هذه الخيارات المفروضة سيلقى حتما مصيرا دمويا محتوما


إن مجزرة رابعة العدوية لا تقل فداحة وفظاعة عن المجزرة التي أرتكبها الجيش السوري في مدينة حماه الابية في بداية الثمانينات حين وجهت لها الدبابات وقصفت بالطائرات مع الفارق أن مجزرة حماه ارتكبت في ظلام الليل زمن غياب الانترنيت و الفضائيات أما مجزرة رابعة العدوية فقد ارتكبت في واضحة النهار وتحت عيون الفضائيات ومواقع الانترنيت مما يكشف فظاعة الجرم المرتكب و فداحة الخطيئة العسكرية


عادل السمعلي
كاتب ومحلل سياسي من تونس

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت