حيث تم عقد ذلك المؤتمر في لندن عام 1905 واستمرت جلساته حتى 1907 بدعوة من بريطانيا بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن وضم الدول الاستعمارية في ذلك الوقت وهي : بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، اسبانيا، ايطاليا. وفي النهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية في وقتها سموها " وثيقة كامبل" نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بنرمان.
قدم المؤتمر توصية بتشكيل جبهة استعمارية لمواجهة التوسع الاستعماري الألماني، ولتحقيق أهداف توسعية في آسيا وأفريقيا، وبالفعل تأسست هذه اللجنة العليا، واجتمعت في لندن عام 1907، وكانت تضم ممثلين عن الدول الاستعمارية الأوروبية إلى جانب كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول.
وكما ورد بمراجع تاريخية: ( استعرض المؤتمر الأخطار التي يمكن أن تنطلق من تلك المستعمرات، فاستبعد قيام مثل تلك الأخطار في كل من الهند والشرق الأقصى وإفريقيا والمحيط الأطلسي والهادئ، نظراً لانشغالها بالمشاكل الدينية والعنصرية والطائفية، وبالتالي بُعدها عن العالم المتمدّن. وأن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية، إنما يكمن في المناطق العربية من الدولة العثمانية، لاسيما بعد ان أظهرت شعوبها يقظة سياسية، ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي والهجرة اليهودية والحكم التركي أيضاً... ويتابع المؤتمر، ليضيف، ان خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها: وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان... ولم ينس المؤتمر أيضاً، عوامل التقدم العلمي والفني والثقافي. ورأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا، وعلى إيجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها. ولذا أكدوا فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة الدولة العازلة، عدوّة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية. وهكذا قامت إسرائيل ).
ومن هذا المؤتمر الذي تميز بحضور كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول، يتبين مدى خشية الغرب على استمرار تفوقه، من عناصر القوة التي يمتلكها العرب بشكل خاص وليس الدولة العثمانية، وذلك هو السبب الرئيسي لتواصل الدعم السخي الهائل لإسرائيل في المنطقة، ويتبين أيضا من ان انشغال الهند والشرق الأقصى وأفريقيا بالمشاكل الدينية والطائفية والعنصرية آنذاك قد جعل الغرب يأمنون جانبها، وتلك الظروف يسعى الغرب إلى ان تنتقل وتتعزز في البلدان العربية خاصةً التي تخلو بشكل شبه كامل من الطوائف الدينية من خلال استحداث فروع دينية حزبية لتخلق طائفية من نوع جديد.
ومن خلال البحث في جذور المواقف الغربية تجاه العرب تتضح حقيقة المواقف الحالية من القضايا العربية، وفي عالم السياسة لا توجد هناك مواقف عادلة وإنسانية بحتة، بل في النهاية المواقف تبنى على المصالح، وهذا حق طبيعي لكل دولة، وذلك يفسر بأنه مهما اختلف الغرب مع إسرائيل تبقى العلاقة الإستراتيجية متينة بينهم لأنها صمام أمانهم من الخطر الكامن بالعرب ودينهم الإسلام على حضارتهم كما يعتقدون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت