غزة- وكالة قدس نت للأنباء
حالة من الخوف والقلق تُسيطر على العديد من الأطراف الإقليمية والدولية والداخلية من نجاح المشروع الإسلامي في المنقطة، والذي بدأ يتبلور في وصول الإسلاميين للحكم بعد فترة طويلة من الاضطهاد والإقصاء.
ما يؤكد المؤامرة على المشروع الإسلامي، أننا لم نر يوما حملة بهذا التنظيم على مشاريع أخرى وجدت طريقها إلى مقاعد السلطة مثل المشروع "الليبرالي" و"اليساري" حتى لو تعارضت مصالح هذه الأطراف معه وهو ما يشير إلى أن القضية ليست مجرد تعارض مصالح بقدر ما هي صراع عقائدي وأيديولوجي في جانب كبير منه.
ومع ربيع الثورات العربية أصبح كل فرقة وتوجه سياسى يقدم مشروعه الفكري ومع هذا الحراك كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن المشروع الإسلامي، فأين أصبح، وهل هو متكافئ مع مستجدات العصر ومتغيرات الظروف ونجح فيما كان يبغي إليه..؟، تساؤلات نُقلت لمراقبون للشأن الفلسطيني والإسلامي، فأكدوا أن:" المشروع الإسلامي لم ولن يفشل ما دام يسير وفق العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولكن وجود خروقات ومصالح وإبتزازات داخلية وخارجية ساعدت على إضعاف هذا المشروع وإفشاله تحت مسميات مختلفة".
مشروع قوي ولكن ..
البروفيسور والمفكر الفلسطيني، عبد الستار قاسم، أكد أن:" المشاريع ذات الطابع والفكر الإسلامي في المنقطة العربية، بأغلبها تعرضت لضغوطات وابتزازات وانشقاقات داخلية بهدف إضعافها وتشتيت رؤيتها الإسلامية".
وقال قاسم:" المشكلة دائما لا تكمن في المشروع الإسلامي بحد ذاته والفكر الذي يدعو له، بل هي تقع على عاتق من يطبقون هذا المشروع وكيفية تطبيقه في ظل الظروف والمتغيرات الداخلية والإقليمية التي تأثر وتؤثر به".
وأضاف المفكر الفلسطيني:" مشروع الإسلامي من أنجح المشاريع التي قادت الأمة العربية على مدار العصور الماضية، وكان هذا المشروع يدرس ويطبق للغرب، لما فيه من قوة وعدل وفكر سليم يمشى على شريعة الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم".
وأوضح قاسم:" بعض التيارات الإسلامية التي حاولت تطبيق المشروع الإسلامي بناءً على الثورات العربية وغيرها مثل حركة "حماس" في قطاع غزة، وجماعة الإخوان المسلمين بمصر، لم يستطيعوا بناء الأمة وكان نجاحهم بهذا المشروع وتطبيقه على الأرض صعب جداً في ظل المتغيرات المحيطة".
ورأى أن:" تناول التيارات الإسلامية بعض قضايا الحلال والحرام والبعد عن القضايا الرئيسية والأساسية التي تبني الأمة مثل العلم والعمل والجهاد، ضاعف من مشروعهم وجعله مترهل وقابل للفشل والعودة من حيث جاء دون تقديم أي علاجات أساسية وهامة للأمتين العربية والإسلامية".
الخبرة والتحدي ..
وأوضح قاسم، أن:" نجاح المشروع الإسلامي بأي منطقة في العالم مرتبط تماماً بتحقيق العدل والعلم والعمل، والتطرق لقضايا بناء الأمة وتطوريها وفقاً للعقيدة الإسلامية، والبعد عن القضايا الشخصية التي تتعلق بما هو حلال وحرام، ودون ذلك فسيكون أي مشروع إسلامي لا يسعى لذلك طريقه محاطة بالعقبات والمشاكل ومهدد بالفشل".
ولفت المفكر الفلسطيني، إلى أن:" بعض التيارات الإسلامية ليس لديها الخبرة الكافية في التعامل مع قضايا الأمة، حتى بعض وصولها إلى سدة الحم وهذا ما شاهدناه على سبيل المثال بجمهورية مصر العربية، وهذا الضعف والعجز تسبب بسحب ثقة الشعب منها والسماح للضغوطات والانشقاقات بسحب الثقة منها شعبياً".
وقال:" المشروع والفكر الإسلامي دائما مستهدف من قبل الغرب والإدارتين الأمريكية و"الإسرائيلية"، لما فيه مخاطر عليهم وعلى مصالحهم في المنطقة، ولكن طريقة تعامل التيارات الإسلامية الضعيفة مع هذا المشروع ساعد على فشله".
وعن مدى ما حققه المشروع الإسلامي من أهداف على الأرض، قال:" لم تحقق أي أهداف تساعد بنمو الأمة وإعادة تطريها من جديد، كون تلك المشاريع تعرض لضغوطات وإبتزازات هائلة جداً، ولكن هذا المشروع ورغم كل تلك المحاولات للنيل منه وإضعافه سيبقى قوي ونافع إن طبق بأيدي قوية وشديدة وركزت على القضايا الجهورية والأساسية لبناء الأمة والإنسان.
وكانت تجربة حركة "حماس" في قطاع غزة وجماعة الإخوان المسلمين في مصر إحدى تجارب المشروع الحضاري الإسلامي، والتي تعثرت بفعل الضغوطات الخارجية وسياسة الحصار والتحريض, وقد سبقت تلك التجربتين في أوائل التسعينيات تجربة أخرى في الجزائر تعثرت كذلك, وكانت النتيجة أن العنف أصاب الجزائر ردحا من الزمن بعدما تعثرت التجربة الإسلامية هناك.
محمود الزهار القيادي في حركة "حماس" حين سؤل عن خسارة المشروع الإسلامي في المنطقة بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، أكد أن" المشروع الإسلامي لم يخسر، على العكس الآن المشروع الإسلامي يثبت أنه هو المشروع الوحيد الذي يؤمن بحق الإنسان وحقه في اختيار من يحكمه أكثر من أدوات الديمقراطية وغيرها.
وأضاف:" أن القضية لم تحسم بعد فيما بعلق بخسارة الإسلاميين، قائلاً: "كل الاحتمالات مفتوحة، ولذلك أقول أن المشروع البديل التابع للكيان الصهيوني وأمريكا والانصياع والاعتماد على الغرب في كل شيء، هذا هو المشروع الذي يخسر بخسارة الإسلاميين، سواء كان في مصر أو تونس أو السودان أو ليبيا أو اريتريا أو تشاد أو اندونيسيا أو ماليزيا، في أي مكان".
النظرية والواقع ..
ونظرية المشروع الإسلامي هي خلاصة تصور الإسلام للكون والإنسان والحياة وتقوم هذه النظرية على عقيدة الإيمان بالله تعالي، والإيمان بكتبه ورسله وإفراده سبحانه وتعالي في الربوبية والعبودية والحاكمية، كما تقوم على عقيدة الإيمان بالبعث وقانون الثواب والعقاب.
ويقول في هذا الصدد، الدكتور الأحمدي أبو النور عضو هيئة كبار علماء الأزهر:" أن تأخر المشروع الإسلامي يرجع إلى تأخر المسلمين وليس المشروع الإسلامي, فالمشروع الإسلامي يعني وحدة المسلمين في مواجهة التحديات العصرية المختلفة, وهذا يقتضي أن تكون الأمة قوية الإيمان راسخة العقيدة آخذة بأسباب التقدم العلمي والاقتصادي والعسكري مع الاعتصام بتطبيق المبادئ الإسلامية الحضارية, مع الحرص على إعلاء شأن المسلمين".
فيما رأى الدكتور عبد الرحمن سالم أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة الأمريكية, "أن المشروع الإسلامي لم يسقط بسقوط جماعة الإخوان - هذا ان سقطت - ", ويقول: "إن المشروع الإسلامي بمبادئه العامة وجوانبه الأخلاقية وهي عديدة لم يسقط. ولن يسقط لأن فيه الخير للجميع عندما يوجد هناك من يستطيعون استيعاب روحه الحقيقية, ولم يفعل الدكتور محمد مرسي أثناء فترة حكمه شيئا يؤثر بالسلب على هذا المشروع".
من/ نادر الصفدي...