في ذكرى الحريق المشؤوم..الشيخ سلامة يدعو إلى حماية الأقصى ونصرته و إعماره وشد الرحال إليه

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
-القدس تتعرض في هذه الأيام لمجزرة بشعة، فبيوتها تُهدم، وشوارعها تتغير، ومساجدها وكنائسها تُنتهك، وبعضها مهدد بالانهيار.

-القدس بأذان مساجدها وأجراس كنائسها التي يتردد صداها منذ آلاف السنين، تكاد تختنق، إنها تزفر النفس الأخير، وتصرخ ولا من مُنقذ أو مُجير!

-القدس مدينة السلام وزهرة المدائن، هي بوابة الرسالات ومحطة الرسل والأنبياء، هي النور المتوهج في الكون، هي قدس العرب والمسلمين ، هي البداية والمنتهى، هي الخط الفاصل بين أن نكون أو لا نكون .

-القدس هذه ... تتهوّد لتصبح على غير ما يجب أن تكون، بنزع قداستها الإسلامية والمسيحية، فَمَن يلبي نداءها وصرختها، ليقف مع شعبها في خط الدفاع عنها ... فهل من مجيب؟

-المسجد الأقصى المبارك يتعرض لهجمة شرسة ، فمن حفريات أسفله، إلى بناء كُنُس بجواره ، إلى اقتحامات ومخططات يومية لتهويده، فهل من مغيث؟!

وفي هذا السياق كان حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء" مع سماحة الشيخ الدكتور/يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وزير الأوقاف والشئون الدينية السابق، الذي أكد خلال الحوار أن حريق المسجد الأقصى المبارك في 21/8/1969م أيقظ أمة ، وأنشأ منظمة هي منظمة المؤتمر الإسلامي(منظمة التعاون الإسلامي)، مبيناً أن" المسجد الأقصى المبارك قد تعرض لحريق مشؤوم على يد مجرم حاقد يدعى "مايكل روهان" الذي حرق المسجد الأقصى المبارك، حيث ارتكب جريمة نكراء، وقد أصاب الحريق المشؤوم المنبر الأثري الذي أمر بصنعه الشهيد نور الدين محمود زنكي ليوضع في المسجد الأقصى المبارك بعد تحريره إن شاء الله، وأمر بإحضاره إلى القدس السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد أن حرر مدينة القدس من أيدي الفرنج في سنة583هـ-1187م، وبفعل هذا الحريق المشؤوم أصبح منبر البطل صلاح الدين أثراً بعد عين، كما أُضرمت النار في محرابه وزواياه وأروقته ، مع العلم أن هذا الاعتداء ليس بجديد ، فقد سبقته حوادث عديدة منها إغلاق باب المغاربة، وهدم حي المغاربة بالكامل ومصادرته، كما حدثت بعده اعتداءات كثيرة منها مجزرة الأقصى عام 1990، وأحداث النفق عام 1996 ، وحرق باب الغوانمة، والتضييق على الأوقاف في إصلاح المسجد وترميمه ، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، ومنع المصلين من الوصول إليه لتكتحل عيونهم بالصلاة فيه".

وقال سلامة إن" المسجد الأقصى المبارك اليوم لا يتعرض لخطر واحد ، بل يتعرض لأخطار عديدة تستهدف هدمه ، لإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم على أنقاضه لا سمح الله".

وبين سلامة أن "المحتلين الإسرائيليين يريدون أرضاً بلا شعب، ومما يؤسف له أن الأمتين العربية والإسلامية في هذه الأيام مشغولتان بهمومهما ومشكلاتهما الداخلية عن قضية الأقصى والقدس والمقدسات، وتكتفيان بالشجب والإدانة "، موضحاً أن" الشعب الفلسطيني يعشق الحرية كباقي شعوب الأرض "، مشدداً على أنه سيظل يدافع عن المسجد الأقصى المبارك وعن أرضه المقدسة حتى تحريرها إن شاء الله .

وأكد سلامة أن المؤامرات الإسرائيلية على المدينة المقدسة مستمرة، و تسير على قدم وساق، لهدم المسجد الأقصى المبارك لإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم مكانه.

كما دعا الدكتور سلامة الأطراف الفلسطينية كافة إلى التوحد من أجل نصرة المسجد الأقصى المبارك وحمايته من الأخطار التي تتهدده، مشيراً إلى أن حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني تُغري المتطرفين اليهود على النيل منه مستغلين ذلك.

وأوضح الشيخ سلامه أن مدينة القدس تحتل مكانة مميزة في نفوس العرب والمسلمين، فهي المدينة التي تهفو إليها نفوس المسلمين ، وتشد إليها الرحال من كل أنحاء المعمورة ، ففيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين ، وثاني المسجدين ، وثالث الحرمين الشريفين ، وفيها التاريخ الإسلامي العريق الذي يزرع نفسه بقوة في كل شارع من شوارعها ، وكل حجر من حجارتها المقدسة ، وكل أثر من آثارها .

وأشار إلى أن هذه المدينة المقدسة تتعرض اليوم لهجمة شرسة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهويدها ، والسيطرة على مقدساتها ، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض بشكل مستمر للاقتحامات والاعتداءات والحفريات وغير ذلك .

وفيما يلي نص الحوار مع سماحة الشيخ الدكتور / يوسف جمعة سلامة .

* أرجو من سماحتكم إعطاءنا لمحة عن فضل المسجد الأقصى المبارك والقدس وفلسطين؟
فلسطين والقدس أخذت مكانتها وقدسيتها من وجود المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم محمد – صلى الله عليه وسلم –، فليس في العالم قاطبة مدينة تثير الخواطر، وتشحذ خيال المؤمنين ، مثل القدس الشريف التي وصفها ابنها العلامة الجغرافي شمس الدين أبو عبد الله المقدسي في كتابه "أحسن التقاسيم "، بأنها " أجل المدن قاطبةً، لأنها مهبط الوحي ومدينة الأنبياء ، ومجتمع الدنيا والآخرة" ، هذه العبارات على إيجازها ، تختصر تاريخاً ممتداً طوله أكثر من خمسة آلاف سنة ، شهدت المدينة خلالها، أمماً وحضارات، وتعاقب عليها أفواج من الغزاة والطامعين، فالمسجد الأقصى المبارك هو أولى القبلتين ، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لما ورد عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – قال : "قلْتُ يَا رَسُولَ الله: أَيُّ مَسْجد وُضعَ في الأرْضِ أوَّل؟ قَالَ: "اَلْمسجِدُ الْحَرَامُ"، قَالَ: قُلْتَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "اَلْمَسجِدُ الأقْصَى"، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً"
ولقد ربط الله سبحانه وتعالى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في قوله تعالى :( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير) ، حيث افتتحت بها سورة الإسراء ، وذلك حتى لا يفصل المسلم بين هذين المسجدين ، ولا يفرّط في أحدهما، فإنه إذا فرّط في أحدهما أوشك أن يفرّط في الآخر، وحتى لا تهون عندنا حرمة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وإذا كان ما حوله مباركاً ،فما بالكم بالمباركة فيه ؟ الأرض التي حوله كلها مباركة ، أرض النبوات ... أرض الذكريات ، وصفها الله في القرآن الكريم بالبركة في جملة مواضع ، منها قوله تعالى : (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)، فقد ذكر ابن جرير الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : أن الأرض المباركة هي بيت المقدس، لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء وهي كثيرة الخصب والنمو عذبة الماء .
وقوله سبحانه وتعالى أيضا : ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ )، وهو خطاب موسى –عليه الصلاة والسلام- لقومه .. وفيها دليل على أن القدس وفلسطين مقدسة في الأزل قبل أن يحل بها قوم موسى، لأن وجود المسجد الأقصى في القدس وفلسطين قبل حلول بني إسرائيل في فلسطين، وقبل أنبياء بني إسرائيل الذين يزعم اليهود وراثتهم .
وتابعت الأحاديث النبوية الآيات القرآنية في بيان مكانة المسجد الأقصى و فلسطين وأهلها ، فقد ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ، لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلاَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأَوَاءَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: ببَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
كما أخرج الإمام أحمد في مسنده بسنده عن ذي الأصابع قال : "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بالْبَقَاءِ، أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكَ ببَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ، يَغْدُونَ إِلَى ذَلكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ".
وفي المسجد الأقصى المبارك صلى رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم - بالأنبياء إماماً ، كما صلّى في ساحاته أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وخالد بن الوليد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وغيرهم من مئات الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين- ، وفي جنباته رفع الصحابي الجليل بلال بن رباح- رضي الله عنه- الأذان بصوته الندي ، وفي ظل هذه البيت دُفن العديد من الصحابة الكرام وعلى رأسهم عبادة بن الصامت أول قاضِ للإسلام في بيت المقدس ، وشداد بن أوس وغيرهما من الصحابة ، وما من شبر من أرضه إلا وشهد ملحمة أو بطولة تحكى لنا مجداً من أمجاد المسلمين .

* تأتي ذكرى حريق الأقصى مع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك ، بماذا تعلقون على ذلك ؟
إن القدس في هذه الأيام تتعرض لمحنة من أشد المحن وأخطرها، فالمؤسسات فيها تغلق ، والشخصيات الوطنية تلاحق ، والبيوت تهدم ، والأرض تنهب ، والهويات تسحب، وجدار الفصل العنصري يلتهم الأرض، وكل معلم عربي يتعرض لخطر الإبادة والتهويد، وسلطات الاحتلال تشرع في بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية لإحداث تغيير ديموغرافي في المدينة المقدسة من أجل إضفاء الطابع اليهودي عليها، والمسجد الأقصى يتعرض لهجمة شرسة ، فمن حفريات أسفله ، إلى بناء كنس بجواره ، إلى منع سدنته وحراسه وأصحابه من الوصول إليه ، ومنع الأوقاف من الترميم ، والعالم وللأسف يغلق عينيه ، ويصم أذنيه عما يجري في القدس، وكأن القدس خارج حسابات المجتمع الدولي.
إن ذكرى حريق المسجد الأقصى المبارك تتزامن مع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مدينة القدس بصفة عامة والمسجد الأقصى بصفة خاصة ،حيث تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم بيوت المقدسيين ومصادرة آلاف الدونمات من أراضي محافظة القدس ، لتوسعة المستوطنات وبناء مستوطنات جديدة، بالإضافة إلى إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن طرح عطاءات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية داخل مدينة القدس وحولها بهدف عزل هذه المدينة عن محيطها ، واعتبار الساحات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة " ساحات عامة "، وكذلك اعتبار المواطنين المقدسيين مجرد مقيمين في مدينتهم من خلال وضع لفظ ( مقيم ) في بطاقاتهم الشخصية وتحديد ذلك بمدة معينة ، وبهذا العمل يصبح المواطن المقدسي مجرد زائر لمدينته المقدسة وإقامته فيها مؤقتة، وبذلك تصبح أملاكه وعقاراته وممتلكاته معرضة لتصبح أملاك غائبين ، حيث تُخطط سلطات الاحتلال لتطبيق ذلك على كل مواطن مقدسي موجود خارج المدينة المقدسة لأي سبب كان، فتطبيق قانون أملاك الغائبين على سكان مدينة القدس هو تطهير عرقي تمارسه إسرائيل في المدينة من أجل مصادرة عقارات المقدسيين ومنحها للمستوطنين بهدف تغيير الواقع الديموغرافي في المدينة المقدسة ، وكذلك مناقشة الكنيست قبل أيام لمشروع سنّ قانون يسمح بدخول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى المبارك في جميع الأوقات ومن كل الأبواب، وكذلك إقامة سلطات الاحتلال الإسرائيلي للقطار الخفيف والقطار الهوائي والأنفاق الأرضية، وما قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً بتحويل مسجد النبي داوود في مدينة القدس المحتلة إلى كنيس يهودي ، وإزالة كافة المظاهر الإسلامية فيه عنا ببعيد؟!
إن هذه الاعتداءات تدل دلالة واضحة على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ماضية في تنفيذ مخططاتها الإجرامية لتهويد المدينة المقدسة بصفة عامة والمسجد الأقصى بصفة خاصة، وذلك لطمس المعالم الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.


* إلى أين وصلت المخططات والإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى هدم المسجد الأقصى المبارك – لا سمح اللـه- وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم ؟
إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل جاهدة على تحويل (قضية الهيكل المزعوم) إلي واقع عملي من خلال نشاطات متعددة، حيث تم الكشف خلال اليومين الماضيين عن صورة ومجسم لمشروع بناء كنيس يهودي عند المدخل الشمالي للمصلى المرواني في المسجد الأقصى المبارك ، ويعد هذا المشروع مقدمة للمشروع الكبير المتمثل في بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك لا سمح الله، كما يعد هذا المخطط الإجرامي خطوة متقدمة جداً للمساس بالمسجد الأقصى المبارك ، فهو مخطط خطير جداً ؛ لأنه يمس بشكل مباشر العقيدة الإسلامية لمليار ونصف المليار مسلم ، فارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك هو ارتباط عقدي إلى يوم القيامة ، ومن ضمن النشاطات الأخرى التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تصوير فيلم قصير لأطفال يهود وهم يقومون ببناء الهيكل المزعوم من الألعاب التركيبية، كما ويعرض الفيلم الأطفال على أنهم الجيل الذي سيقوم ببناء الهيكل بدلاً من الاكتفاء بالبكاء على الأطلال كما يزعمون.
إن الخرائط التفصيلية لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك قد أصبحت جاهزة للتنفيذ، ويتمثل ذلك من خلال : وجود خرائط ومخططات تفصيلية جاهزة لبناء الهيكل المزعوم، بالإضافة إلي تحضير أدوات الهيكل في أماكن متعددة لنقلها مباشرة إلى المسجد الأقصى، وكذلك وجود ( 12 ) منظمة إسرائيلية مختلفة تدعو لهدم الأقصى وتعمل على بناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، ومن الجدير بالذكر أنه يوجد هناك تعاظم في الفتاوي الدينية اليهودية التي تُجيز وتدعو إلى اقتحام الأقصى وإقامة الصلوات والشعائر اليهودية فيه، في محاولة لفرض وجود يومي للمستوطنين والجماعات اليهودية في ساحاته، وما اقتحام مجموعة من الصحفيين والإعلاميين الإسرائيليين للمسجد الأقصى مؤخرًا ونشرهم لعدد من التقارير الصحفية إلاّ جزء من تحضير الرأي العام المحلي والعالمي لأمر خطير.
إننا ننظر بخطورة بالغة إلى هذه التحركات، حيث إنها تعكس مدى تغلغل أسطورة الهيكل المزعوم في كافة مناحي الحياة لدى الإسرائيليين، مؤكدين في الوقت نفسه على إسلامية المسجد الأقصى المبارك، وأنه حق خالص للمسلمين وحدهم بكل أجزائه بما فيه حائط البراق، داعين الأمة العربية والإسلامية والهيئات والفعاليات الدولية وأحرار العالم أجمع، إلى ضرورة القيام بتحركات سريعة واسعة من أجل نشر قضية المسجد الأقصى والقدس في جميع وسائل الإعلام العربي والإسلامي والعالمي، وحثّ أبناء الأمة على القيام بواجبهم تجاهها .

* تبرز بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية والإسلامية مسجد قبة الصخرة على أنه المسجد الأقصى المبارك . أرجو توضيح ذلك ؟ الإعلام له دور كبير في إبراز القضية الفلسطينية من خلال التاريخ الصادق ، وإظهار الحقوق التاريخية والسياسية والعقدية والحضارية للعرب والمسلمين في فلسطين ، فمن المعلوم أن المسجد الأقصى المبارك يقع داخل البلدة القديمة في القدس، والتي تبلغ مساحتها كيلو متر مربع تقريبًا، ومساحة المسجد الأقصى المبارك تبلغ (144) مائة وأربعة وأربعين دونمًا، أي ما يعادل سدس مساحة البلدة القديمة، وهذه المساحة عبارة عن كامل المساحة المُسورة، وتشتمل على جميع الأبنية، والساحات، والمحاريب، والسبل، والمصاطب، والقباب، والأسوار.
ويتكون المسجد الأقصى المبارك من الأماكن الآتية:
1- المسجد الأقصى المسقوف ( الذي يصلى فيه المسلمون حالياً ) ويعرف بالمسجد القبلي، ويقع في الجهة الجنوبية من الأقصى، ومساحته تقرب من خمسة دونمات ونصف.
2-مسجد قبة الصخرة المشرفة ويقع في وسط المسجد الأقصى ، ومساحته تقرب من دونم وثلاثة أرباع الدونم
3- المسجد القديم ويقع أسفل المسجد القبلي ومساحته تقرب من دونم ونصف .
4- المصلى المرواني ويقع تحت ساحات المسجد الأقصى المبارك ، وهو عبارة عن : ( التسوية الواقعة في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى) وتقرب مساحته من أربعة دونمات.
5- بالإضافة إلى المآذن والقباب والأبواب والأروقة والمدارس والمحاريب والمصاطب والأسبلة والبوائك والمصليات والساحات والأسوار .
فمسجد قبة الصخرة جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك، لذلك يجب على وسائل الإعلام توخي الدقة عند عرضها لبعض الصور المتعلقة بالمسجد الأقصى المبارك، وذلك بنشر الصورة الكاملة التي تبين المسجد الأقصى المبارك بكل مرافقه كما ذكرنا سابقاً .

* أرجو من سماحتكم إطلاع القارئ على أهم الاعتداءات الإسرائيلية على مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك ؟
المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة ومدينة القدس بصفة عامة تتعرض لاعتداءات إسرائيلية متكررة ومنظمة ومن أشهر هذه الاعتداءات :
* مصادرة مفتاح باب المغاربة بعد احتلال مدينة القدس مباشرة ، وهدم حي المغاربة بالكامل بعد ذلك بأسابيع .
* الحريق المشؤوم الذي تعرض له المسجد الأقصى في 21/8/1969م والذي أتى على منبر البطل صلاح الدين وجعله أثراً بعد عين ، و محاولة نسف المسجد الأقصى المبارك سنة 1984م ، وكذلك المجزرة التي وقعت في ساحات المسجد الأقصى بتاريخ 8/10/1990م حيث استشهد في هذه المجزرة تسعة عشر شهيداً .
* كما لا يخفى على المتتبع للأحداث الجارية في المسجد الأقصى المبارك أحداث النفق حيث قام الإسرائيليون بفتح النفق عام 1996م وحدثت حوادث مشهورة حيث استشهد أكثر من (86) شهيداً ، وكذلك المضايقات التي يتعرض لها المصلون ، وأخذ هوياتهم ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وكذلك حرق باب الغوانمة وهو أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك في 13/5/1998م ، وما نراه من محاولات إسرائيلية للاستيلاء على العقارات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك من بيوت المسلمين وغيرها أو المسيحيين(كدير مار يوحنا) وتحويلها إلى كُنس، ومراكز للشرطة ،وذلك لتكون نواة للهجوم والاعتداء على المسجد، ولإعاقة وصول المسلمين إلى الأقصى لو حدث للمسجد الأقصى خطر لا سمح الله، وهو المعروف بالطوق الداخلي حول الأقصى، وكذلك إحاطة مدينة القدس بمستوطنات لعزلها عن باقي المدن الفلسطينية حيث أقاموا مستوطنة رمات أشكول (التلة الفرنسية) في الشمال، ومن الشرق مستوطنة معاليه أدوميم، ومن الجنوب مستوطنة أبو غنيم وهو ما يعرف بالطوق الخارجي.

* ومن هذه الاعتداءات العمل الجاد والمستمر في بناء آلاف الوحدات السكنية لليهود في القدس والسيطرة على مئات العقارات وذلك من أجل إحداث تغيير ديمغرافي في القدس، وكذلك هدم وطمس معالم الآثار الإسلامية في تلة باب المغاربة بهدم الممر والجسر الموصل لباب المغاربة، وإزالة التلة الترابية، وهدم غرفتين مضت قرون طويلة على إنشائهما ، وهذا العمل يمس بجزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك، لأن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك ، وكذلك العمل على إقامة جسر جديد يمتد من حائط البراق إلى باب المغاربة يمكن المستوطنين من الوصول للمسجد الأقصى في أي وقت ، والعمل المستمر في حفر أنفاق تحت المسجد الأقصى المبارك لتحويلها إلى كُنُس لليهود ، وما تقوم به بعض الجمعيات الإسرائيلية الرسمية والتي تخطط لتنفيذ مشروع سياحي تحت أسوار ومنازل الحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس ، وكذلك تدمير السور العثماني الملاصق لسبيل السلطان سليمان القانوني في منطقة باب الخليل بالقدس ، ومنع دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس ولجنة الإعمار من أعمال التبليط في ساحات المسجد الأقصى المبارك .

* ومن هذه الاعتداءات قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي محافظة القدس ، لتوسعة المستوطنات الإسرائيلية وبناء مستوطنات جديدة ، بالإضافة إلى إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن طرح عطاء لبناء ستة آلاف وحدة سكنية حول مدينة القدس بهدف عزل هذه المدينة عن محيطها ، وما المخططات الخطيرة التي تم كشف النقاب عنها مؤخراً وهي عبارة عن وثيقة إسرائيلية رسمية تعتبر الساحات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة "ساحات عامة"، ووثائق أخرى تبين قرار سلطات الاحتلال إقامة مجموعة من الكنس اليهودية في الجهة الغربية الجنوبية ، وبناء جسر بعرض( 18) متراً لربط ساحة المغاربة بالمسجد الأقصى من خلال باب المغاربة، بالإضافة إلى مخططاتهم اليومية لاقتحام المسجد الأقصى وتهويده، من خلال تنفيذ مخططهم الإجرامي لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك لا سمح الله.

* كيف ترى مصير مدينة القدس في ظل الجدار العازل ؟
لقد قامت إسرائيل بإنشاء جدار الفصل العنصري الذي يخترق الأراضي الفلسطينية وينساب كالأفعى بين القرى والمدن الفلسطينية ،مع أن محكمة العدل العليا الدولية قد أصدرت قراراً بوجوب إزالة هذا الجدار العنصري ، وتهدف إسرائيل من وراء إنشائه إلى منع التواصل بين المقدسيين لإنجاح مخططاتها لتهويد المدينة وإيجاد أكثرية يهودية في الأحياء القديمة من المناطق العربية وعلى رأسها حي رأس العمود، حيث قدم ملياردير يهودي أمريكي يدعى موسكو فيتش أكثر من (100 مليون) دولار لتمويل شراء بيوت فيها، كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى لتوسيع بلدية القدس ، ونحن نقول للمحتلين الذين أقاموا جدار الفصل العنصري بأن هذا الجدار سيزول حتما ًبإذن الله كما زال جدار برلين ، وستبقى مدينة القدس مدينة عربية إسلامية تلفظ المحتل كما لفظته عبر التاريخ إن شاء الله .
إن القدس لا يمكن أن تُنسى، أو تُترك لغير أهلها، مهما تآمر المتآمرون وخطط المحتلون، الذين يسعون لطمس طابعها العربي والإسلامي، ومحو معالمها التاريخية والحضارية ، وتحويلها إلى مدينة يهودية، ففي كل يوم تدفن جرافات الاحتلال جزءاً عزيزاً من تراثنا ، كما تتهيأ معاول الهدم لتقويض جزء جديد، إنهم يريدون لمدينة القدس أن تندثر، وأن يندثر أهلها ، ولكن القدس يجب أن تبقى مدينة عربية إسلامية إلى يوم القيامة إن شاء الله.

*ما تقييمكم للعلاقات الإسلامية المسيحية في مدينة القدس ؟
يعيش الفلسطينيّون من مسلمين ومسيحيّين في بلادنا فلسطين منذ قرون عديدة، آمالهم وآلامهم واحدة، حيث إن شعبنا والحمد لله شعب واحد فوق هذه الأرض الطيبة المباركة بمسلميه ومسيحيّيه، ويقف صفًا واحدًا في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحيَّة في فلسطين تنفيذًا للعهدة العمرية التي أرسى قواعدها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- مع بطريرك الروم صفرونيوس في العام الخامس عشر للهجرة، هذه العهدة التي تُعد لوحة مشرقة مضيئة على العالم كله.
لقد حاول المحتلون عبر وسائل إعلامهم نشر بعض الأكاذيب عن العلاقات الإسلامية المسيحية في فلسطين، وعن هجرةٍ من هنا أو هناك، فتصدّى شعبنا الفلسطيني لهذه الإشاعات حيث أعلن المسيحيون كذبها وأنّها مجرد افتراءات، كما أعلن المسلمون أنّها مجرد أكاذيب لا تمتّ إلى الواقع بصلة، فشعبنا شعب واحد، له هدف واحد، ويعيش ظروفًا واحدة، وله آمال واحدة، ويعاني من آلام واحدة، وهو شعب مُوَحّد في
السراء والضراء.
إنَّ الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيّيه يقف اليوم في خندق واحد، حيث إنَّ الإرهاب الإسرائيلي لا يُفَرِّق بين مسيحي ومسلم، وإنَّ قنابل الاحتلال وطائراته موجهة ضد المسلمين والمسيحيّين معًا، فكما تضرب القدس والخليل ونابلس وخانيونس فهي تضرب بيت لحم، وكما تعتدي على غزة ورام الله والبيرة وجنين فهي تعتدي على بيت ساحور، وكما تهاجم طولكرم ورفح وجباليا فهي تهاجم بيت جالا.
إنَّ الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني قد تسببت في تيتيم الأطفال، وترميل النساء، وتدمير البيوت والمصانع والمؤسّسات، وتجريف المزارع والبيارات، واقتلاع أشجار العنب والزيتون، حيث إنَّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تتبع سياسة الأرض المحروقة التي لا تُبقي ولا تذر، حيث وصلت هذه الاعتداءات إلى المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة، فقد منعت قوات الاحتلال المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه، كما تقوم بإغلاق المسجد الإبراهيمي في الخليل أمام المصلين، وتقصف وتحرق وتعتدي على العديد من المساجد في نابلس وجنين وطولكرم والخليل وبيت لحم ورفح وغزة وخانيونس وجباليا، وغيرها من المحافظات، كما امتدت هذه الاعتداءات إلى كنيسة القيامة حيث منعت سلطات الاحتلال المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم، كما قصفت وحرقت واعتدت على كنيسة المهد في بيت لحم وغيرها من الكنائس، وتعتدي أيضاً على العلماء المسلمين ورجال الدين المسيحيّ.
إنّ الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيّيه يجسّد الوحدة الوطنية الصادقة في الدفاع عن فلسطين ومقدساتها، حيث نرى شعبنا الواحد يدافع عن المسجد الأقصى المبارك، كما يدافع عن كنيسة القيامة، ويدافع عن مسجد عمر، كما يدافع عن كنيسة المهد، ونسوق هنا بعض الأمثلة من نور لنُثْبت هذا القول وليعرف العالم أنّنا شعب واحد في السّراء والضراء.
فها هي سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أبعدت من القدس سماحة الشيخ/ عبد الحميد السائح رئيس الهيئة الإسلامية العليا- رحمه الله-، كما أنها أبعدت المطران/ إيلاريون كبوشي.
هذا هو شعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحيّيه لحمة واحدة، وقلب نابض، ودم متدفق عبر التاريخ وعلى قلب رجل واحد.
إنَّ أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينيّة بدينهم متمسكون، وعن عقيدتهم مدافعون، وهم يبغون العدالة لقضيتهم، وأن يتنفسوا نسائم الحرية كسائر شعوب الأرض، وأن تقام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأن يعود اللاجئون إلى وطنهم، وأن يتحرر جميع الأسرى الأبطال من سجونهم، وأن يرفرف علم فلسطين فوق مقدساتنا إن شاء الله.
إنَّ الفرج آتٍ بإذن الله، رغم المشكّكين، رغم الحاقدين، رغم أعداء شعبنا كلّهم، وكما قال الشاعر:
وما نيلُ المطالبِ بالتمنــــي ولكْنُ تُؤْخَذُ الدنيا غِلاَبـا
وما استعصى على قومٍ مَنَالٌ إذا الإقدامُ كان لهمْ رِكَابا

* هل تعولون شيئاً على الدور العربي والإسلامي والدولي في حماية الأقصى والمقدسات والمحافظة على عروبة القدس ؟

مدينة القدس قلب فلسطين النابض فقد عاشت في أمان وسلام في ظل الدولة الإسلامية العظيمة، إنها أرض النبوات ، الأرض التي رواها الصحابة والتابعون والفلسطينيون بدمائهم الزكية ، وقد كانت مدينة القدس سبباً في وحدة المسلمين أيام الصليبيين وهي التي ستوحد العرب والمسلمين إن شاء الله، ومن المعلوم أن فلسطين ليست ملكاً للفلسطينيين وحدهم بل ملك للفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى قيام الساعة ، والذي يملك شيئاً يجب أن يحافظ عليه، وبالمناسبة فإننا نثمن الدعم العربي والإسلامي لشعبنا الفلسطيني، ولكننا نتمنى مضاعفة هذا الدعم بما يتناسب مع حاجات شعبنا الفلسطيني بصفة عامة وأهالي مدينة القدس بصفة خاصة.
إن ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى ارتباط عقدي وليس ارتباط انفعالياً عابراً ، ولا موسمياً مؤقتاً ، حيث إن حادثة الإسراء من المعجزات ، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية ، كما أنه أرض المحشر والمنشر ، لذلك يجب على الأمتين العربية والإسلامية التبرع لصالح القضية الفلسطينية كل حسب استطاعته ، للحديث : ( يَا رَسُوَلَ اللهِ، أَفْتِناَ فِي بَيْتِ الْمَقِدْسِ، قَالَ:" أَرْضُ َالْمَحْشَر ِو الْمَنْشَر، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فيِه، فَإِنَّ صَلاَةً فِيِه كَأَلْف صَلاَة فِي غَيْرِهِ". قَلتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إليه؟ قال:" فَتُهْدِي لَهُ زَيْتاً يُسْرَجُ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذِلكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ )، فهذه دعوة نبوية لأبناء الأمة بأن يشدوا الرحال إلى الأقصى ، فمن لم يستطع منهم كالعرب والمسلمين خارج فلسطين، فهؤلاء عليهم واجب كبير هو مساعدة إخوانهم وأشقائهم المرابطين في فلسطين عامة والقدس خاصة، من سدنة وحراس ، وتجار ، وطلاب ، وجامعات، ومستشفيات ، ومواطنين ، والذين يشكلون رأس الحربة في الذود عن المقدسات الإسلامية في فلسطين بالنيابة عن الأمتين العربية والإسلامية، كي يستطيعوا التصدي لمؤامرات المحتلين ، والثبات في البيوت في البلدة القديمة والتي تعمل سلطات الاحتلال على تفريغها من أهلها ، وإسكان المستوطنين بدلاً منهم ، وذلك بعمل توأمة بين جامعة القدس مثلاً وجامعة عربية هامة ، وكذلك مدارس القدس مع مدارس في دولة معينة ، والمستشفيات في القدس مع مستشفيات في دولة أخرى ، وهكذا .
إننا نأمل من أشقائنا في الأمتين العربية والإسلامية أن يحافظوا على المكانة المميزة للقدس والأقصى وفلسطين ، هذه القضية التي يجب أن تبقى قضية مركزية للأمة إلى يوم القيامة.

* ما واجب الأمة نحو الأقصى والقدس والمقدسات؟
إن مسئولية الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ليست مسئولية الشعب الفلسطيني وحده وإن كان هو رأس الحربة، فهو الشعب الذي منحه الله عز وجل شرف المرابطة في هذه البلاد "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ، لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلاَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأَوَاءَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: ببَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
إنها مسئولية العرب والمسلمين في تحرير المسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة وكذلك مساندة هذا الشعب، والوقوف بجانبه ودعم صموده ، للحديث الشريف ( أَفْتِناَ فِي بَيْتِ الْمَقِدْسِ، قَالَ:" أَرْضُ َالْمَحْشَر ِو الْمَنْشَر، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فيِه، فَإِنَّ صَلاَةً فِيِه كَأَلْف صَلاَة فِي غَيْرِهِ". قَلتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إليه؟ قال:" فَتُهْدِي لَهُ زَيْتاً يُسْرَجُ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذِلكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ )، خصوصاً في هذه الأيام التي يتعرض فيها المسجد الأقصى المبارك لمؤامرات عديدة من أجل فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليه، لذلك فإننا نقترح على أشقائنا من العرب والمسلمين أن تكون هناك توأمة بين المؤسسات المقدسية التعليمية كجامعة القدس وغيرها من الكليات والمدارس ، والصحية كمستشفى المقاصد الإسلامية، ومستشفى المطّلع وغيرهما من المراكز الصحية، والتجارية كالغرفة التجارية بالقدس ، والإسكانية وذلك ببناء مساكن جديدة وترميم البيوت القديمة، بالإضافة إلى المؤسسات الخيرية والإغاثية والثقافية والرياضية والشبابية، للعمل مع مثيلاتها من المؤسسات العربية والإسلامية، وذلك بتبني كل مؤسسة عربية وإسلامية لمثيلتها في القدس، بالإضافة إلى دعم سدنة وحراس المسجد الأقصى المبارك ، كي ندعم صمود هؤلاء المرابطين في مدينة القدس وأكنافها.
وبهذه المناسبة فإننا نناشد منظمة التعاون الإسلامي ولجنة القدس ورابطة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية وأحرار العالم بضرورة التحرك السريع والجاد لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك ، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس ، وسائر الأراضي الفلسطينية .
وعلينا أن نعلم بأن يد الله مع الجماعة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وأن الليل مهما طال فلا بد من بزوغ الفجر، وأن الفجر آتٍٍ بإذن الله، فالقدس قد لفظت المحتلين عبر التاريخ، وستلفظ هذا المحتل إن شاء الله .
كما وندعو العالم العربي والإسلامي إلى ضرورة التحرك العاجل والفاعل بأسرع ما يمكن من أجل إحباط مشاريع خطيرة تهدد المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص ومحيطه بشكل عام .

*ما نصيحتكم التي توجهونها إلى أبناء الشعب الفلسطيني في ذكرى حريق المسجد الأقصى المبارك؟
وفي هذه الذكرى فإننا نناشد أبناء شعبنا الفلسطيني بضرورة رص الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة ، للدفاع عن المقدسات كافة، وعن المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة، فسر قوتنا في وحدتنا ، وإن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا، فالقدس لم تُحرّر عبر التاريخ إلا من خلال وحدة الأمة، ورص صفوفها، وجمع شملها، لذلك فإن الواجب الشرعي يُحَتّم علينا نحن الفلسطينيين أن نوحد كلمتنا، وأن نترفع على جراحاتنا، كي نحافظ على مقدساتنا، ونعمل على إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف إن شاء الله، كما وندعو أبناء شعبنا لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، لإعماره وحمايته من المؤامرات الخطيرة وضرورة التواجد فيه بصفة دائمة.
وليعلم الجميع بأن الباطل مهما قويت شوكته وكثر أعوانه فلا بد له من يوم يخر فيه صريعاً أمام قوة الحق والإيمان، ( كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ... ).