الوحل في العالم العربي وصل الخاصرة

بقلم: هاني العقاد


اليوم جاء مصطلح "العلوج الأمريكان" لوزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف في راسي كالرصاص, وبالفعل بدأت كلمة "علوج" تدور وتدور مرة أخري ونتساءل هل تمكن العلوج و شعوبنا و أرضنا العربية ودخلوا بيتنا ,نعم للآسف في كل مكان , موجودين بجيوشهم و عتادهم و أموالهم وأفكارهم السوداء واستراتيجياتهم المفرقة والمدمرة للمجتمعات العربية , موجودين بأسلحتهم التي تحرق صدور أبناء الأمة العربية دون تميز , ولعل وجودهم على الأرض العربية وجود للفساد والإفساد والتقسيم والانقسام اليوم أصبح هذا يقتل هذا ,وهذا يخون ذاك ,وهذا يعتبر نفسه الحريص على مقدرات الوطن ,وذاك يعتبر غيره من المسلمين كفارا يجب قتلهم أو تدفعيهم الجزية , فئة جندها العلوج تدفع لهذا وتحرم ذاك وتقول أنها فئة عربية تحب الأمة العربية وتحافظ على اسمها وسمعتها و وحدتها وإسلامها , وتوظف مائة ألف إعلامي يبثون سمومهم عبر الفضائيات لخدمة مشروع التقسيم والانقسام وإضعاف الأمة وتفتيت قواها حتى لا تقاوم مشروع العلوج الكبير , لا يعجبها حاكم ولا يعجبها ثائر ولا يعجبها إسلامي وسطي ولا حتى صاحب ايدولوجيا حقيقية مقاومة خارج صناعتها و وصايتها ! , فتضرب الكل بالكل فيخرج الابن عن أمه وأبيه ولا يعنيه عقوقهما لان مصروفه اليومي أصبح مضاعفة من جيوب أخري , تتفرج على مهزلة كبري صنعتها بنفسها مع استمرارها في العبث بفكر هذا وذالك وتقول أنها الحقيقة .

يغوص العالم العربي منذ فترة ليست بسيطة في وحل الاختلافات والانقسامات والتفرقات والتشرذمات بسبب ودون سبب فالكل يعتبر نفسه الحق وصاحب الدولة كما يقولون والكل يعتبر نفسه الشرعية وهو لا يدرك معنى الشرعية وما يدركه انه لابد وان يكون على رأس الدولة د دون الاهتمام بالصالح العام ولا منظومة حقوق المواطنين وحمايتها , ودون الاهتمام بحرية الآخرين واحترامها ودون الاكتراث لوحدة المجتمع وسلامته , ويعتقد ويقنع نفسه انه يمشي فوق الوحل ولا يغوص , التفرق ليس من نزعة العرب و المسلمين ولا أيدلوجياتهم بل أنها نزعات خلقها المستعمر عندما سيطروا على فكر الشعوب بخبث الديمقراطية والتي من خلالها يدمر ما يريد من شرعيات ويقلب ما يريد من مسطحات ثابتة ويخلق خرائط جغرافية جديدة , ويحشد جماعات وجماعات ليخرجوا على أصحاب الأفكار الوطنية التي لا تبغي جاها ولا سلطانا وإنما وطن موحد مستقر سليم خالي من الانقسامات وخالي من الضرر النفسي للآخرين وخالي من تدخل أذناب العلوج وأدواتهم .

الوحل في العالم العربي ارتفع إلى أعلى معدل قياسا مع سنوات سبقت ومراحل معينة و وصل إلى الخاصرة فقد غاص المنقسمون في أكثر من بلد عربي عميقا ومازالوا يغو صون وقد يصل غوصهم إلى مستوي ابعد من ذلك, إن لم ينقذ المنقسمون أنفسهم و يعيشوا على اعتبار المصلحة العامة هي أساس استقرار الوطن , وقد يصل الغوص في الوحل إلى الأوداج وبعدها لا ينفع تراجع ولا عودة فالكل يغرق إلى الأبد ويأتي قوم ليس منا ولا حتى عربا يدفنوا الغارقين في الوحل ويقيموا في بلدانهم حضارات بديلة , لا بل قد يقسموا ما تبقي من ارض خارج الوحل لبعض من أذيالهم ويمنحوهم الحماية ليبقي يعمل باسمهم وكان البلاد بعد ذلك لاعلوج فيها , وأصبحت تحُكم بقدر من الله , الوحل يا سادة قد يصنعه العلوج أو هم في الحقيقة الذين يصنعوه و لا احد غيرهم ويصنعوه ليتدخلوا في بلادنا وحياتنا السياسية بحكم حماية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان مع أنهم هم قتلة ومحتلون وامبرياليون.

فلسطين والفلسطينيون أول من غاصوا في الوحل ومازالوا وقد يكونوا وصلوا إلى مستوي ابعد من الخاصرة لكن وحلهم أخطر من أي مستنقع أخر مليء بالرمال الموحلة فوحلهم ضياع قضية وتقوية الاحتلال و وحلهم ضياع مستقبل أجيال بأكملها تنتظر على أعتاب المستقبل لتبدأ حياتها وذهب الانقسام بهم, إن الوحل الذي غاص فيه الفلسطينيون كان مطلبا صهيونيا ومازال , فإسرائيل تكرس ما لديها من أدوات لتضمن استمرار الانقسام وبقائه حتى تكمل مشروعها الاستيطاني التهويدي والإعلان عن الدولة اليهودية بالكامل دون أي قومية عربية , سوريا وحلها اقصر عمرا من وحل ومستنقع الفلسطينيين لكنه كان أكثر دمويا فحول الوحل إلى وحل من الدم والرمال ليصعب التراجع والإفاقة منه لأي طرف كان ولم يبقي أمام السوريون إلا أن يغرق هذا أو ذلك أو كلاهما , ويبقي المشهد السوري أكثر إيلاما من أي مشهد أخر سواء في فلسطين أو مصر أو ليبيا وتونس لان الغرب تدخل لصالح الطرفين فهو يعطي هذا أموالا وسلاحا ويحارب مع هذا باسم المصالح المشتركة ومناطق النفوذ .

وحل الدم هي النتيجة القادمة والمتوقعة للانقسام والتقسيم والتناطح والإفساد الوطني ,فالقتل والدم أصبح في علمنا العربي بفتوى وغير فتوى ,وأصبح استخدام السلاح والتفجير هو الشكل والطريقة الوحيدة للتعبير عن الرأي رضي القاصي والداني أم لم يرضوا , والتعبير عن الرأي هذا نوعا من الأنواع التي يريدها العلوج للدفاع عن مخططاتهم القريبة , لكن في النهاية نستطيع أن نخرج من وحل الدم ومستنقعه ,الآن وليس غدا عندما نتآخى ونتصالح مع أنفسنا أولا ,ونطرد العلوج من بلادنا ونغلق كل بوق مُحرضٍ أو مُقسم أو جاهلٍ أو مُتَجهِلٍ , نتصافح ونتحابب ونتشارك في الاهتمام بالوطن والمواطن ومعا نوجه البنادق و البارود نحو مستعمرات العلوج والصهاينة ممن يحتلون أرضنا ويستبيحون مقدساتنا ويقتلون وحدتنا ويشقون صفنا .



جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت