عاش اللى دَقّْ الحَلَّة دى !!!

بقلم: علاء الدين حمدى شوَّالى


فى ولايته الثانية 1946 ، وعلى خلفية عدائه المستحكم للنحاس باشا زعيم الأمة، منع اسماعيل صدقى، رئيس الوزراء وقتها، ان يتردد اسم النحاس فى المظاهرات أو الصحف او الاذاعة او الأغانى او المحال العامة او ما شابه، وهدد المخالف لذلك بالويل والثبور !
أثار القرار الغاشم غضب المصريين الذين عشقوا النحاس وتفانوا فى محبته من أقصاها الى أقصاها لم يمنعهم عن ذلك شىء، وكان التغنى باسم سعد ومن بعده النحاس هو هواية المصريين وتفريغ شحناتهم الغاضبة إذا نقموا على حال البلاد.
تفتقت العبقرية المصرية، كعادتها، عن حيل طريفة تحقق المراد دون أن تضع أحداً تحت طائلة غشم إسماعيل صدقى وزبانيته، فخرجت المظاهرت فى كل ربوع مصر تهتف بـ "ضمير مستتر !" تقديره النحاس باشا ! حسب حيلة كل مكان وطريقته وبيئته.
كان من هذه العبقريات، مظاهرة من أبسط البسطاء فى آخر قرى مصر على البحر المتوسط، برج مغيزل مركز مطوبس كفرالشيخ حاليا، وكلهم من الصيادين، ووقت ان كان لا يوجد أى نوع من وسائل الاتصال ونقل المعلومات، وكانت مطوبس وقتها نقطة تابعة إداريا لمركز فوة التابعة لمديرية الغربية وقتها وليست مركزاً مستقلا كما هى الآن.
الشاهد ان الصيادين البسطاء، ويتكلمون بلكنة حرف القاف حتى الآن كعادتهم، انتقلوا الى مدينة مطوبس رغم بعد المسافة وشبه انعدام للمواصلات، وخرجوا فى مظاهرة حاشدة تأييداً للنحاس باشا فى ظاهرها بينما هى نكاية أيضا فى اسماعيل صدقى على حقيقتها، وأمسك كل منهم فى يده بحلة مطبخ مصنوعة من النحاس وراحوا يهتفون على أنغام موسيقى الحلل النحاسية : " عاش اللى دق الحلة دى .. عاش اللى دق الحلة دى" !!! بدلا من الهتاف "عاش النحاس" خوفا من قهر السلطة.
والمغزى أن الحلة مصنوعة من النحاس، والذى دق الحلة، أى الذى صنعها، يطلق عليه فى مهنته "النحَّاس" ، فيكون المتظاهرون قد هتفوا بحياة النحاس باشا وطز فى السلطة وأوامر السلطة ! هذا ما رواه لى والدى شيخ الوفديين الراحل غفر الله له، ونسألكم الدعاء
ضمير مستتر !
"رجل ذو قلب طيب، ومبدأ ثابت، يميل إلي الثرثرة ولكنه خفيف، به خفة ورعونة، يميل إلي الخيال، سريع الانفعال ولكنه لا يتغير بتغير الأحوال، وطنى مخلص، وهو فقير مفلس، ذكىٌّ غاية الذكاء، وفىٌّ كل الوفاء، وله في نفسى مكان خاص" إنه النحاس سيد الناس، كما وصفه سعد زغلول وأطلق عليه.

علاء الدين حمدى شوَّالى


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت