كيف يدار الانقسام؟

بقلم: سامي الأخرس


السيد "محمد دحلان" الشخصية الأكثر تأثير في الأموال الإماراتية يعتبر شريك كامل في قطاع غزة عما يصل من الجمعية الإماراتية سواء من مساعدات أو افطارات جماعية أو كلَّ أشكال المساعدات، وهو شريك في اللجنة الوطنية الإسلامية عن فتح حيث لا يصل شيء إلَّا عبّر بوابته وبقرار منه وتتقاسم حماس المبالغ الّتي تصل أو لها حصة كاملة متكاملة من المبالغ ولا تتوانى عن قمع أيّ مبلغ يصل خارج أنّ تتقاسم المبلغ أو تستأثر بحصتها كباقي الفصائل الفلسطينية، مع غياب كامل للرئيس "محمود عباس" عن هذه الأموال الّتي تتدفق من كلَّ صوب وحدب، ويسيل لها لعاب كلَّ المتكرشين وأصحاب المصالح وهناك أقاويل كبيرة بأن حملة الاعتقالات الأخيرة الّتي طالت مسؤول مكتب أحد أعضاء المجلس التشريعي وبعض الأخوة في فتح جاءت نتيجة توزيع مبالغ معينة أيام العيد دون أنّ تستحصل حماس على حصتها أو نصيبها، وعليه فهي أقدمت على اعتقال الإخوة دون أن نسمع ردات فعل كبيرة من حركة فتح كما هي العادة، بل تركزت ردات الفعل على تيار معين من حركة فتح.
هذه المقدمة هي تفسير منطقي لعملية إدارة الانقسام في كلَّ ما يجني الفوائد للبعض دون النظر للاختلافات السياسية الّتي لا نراها سوى على شاشات الفضائيات والوكالات فقط، من خلال المغالطات الإعلامية، في حين أنّ التعاون في شتى المجالات يتم بالمناصفة والتفاهمات، وكذلك على صعيد الخدمات والشركات الخاصة والعامة. وهو ما يفرض سؤال مركزي على ماذا متخلفون إذن؟
الحقيقة أنهم غير مختلفون على شيء سوى على نوع من أنواع المصالح الخاصة وليس الحال على فتح وحماس فقط بل أنّ كلَّ الأحزاب والقوى مشاركة في تقاسم منافع الانقسام، في حين أضراره متروكة للمواطن الفلسطيني البسيط، الذي يأمل بوطن موحد وقضية محررة.
حتى تلك التجاذبات الّتي تظهر بين الفينة والأخرى هي وليدة تعارض أو تناقض مصالح أو عمليات شدّ وجذب تستهدف تحقيق مزيدًا من الضغط كلَّ طرف على الآخر لتحقيق مزيدٍ من الفوائد، تأثر فيها المتقلبات الدولية والإقليمية تارة، والتصعيد المحلي تارة أخرى، في حين أنّ التأثير الفعلي على مستقبل الأرض لا تتضح معالمه من قريب أو من بعيد، حتى ملامح العداء بين الأطراف لا ترتقي لدرجة وطيسها عن تصريح هنا وآخر هناك يذهب مع رياح آب في أول تفاهمات أو لقاءات.
فحماس المسيطرة على غزة والّتي تعاني من حالة إرباك في هذه المرحلة بعد سقوط نظام الإخوان في مصر على يقين أنّها حالة مؤقته وأنّها لا تواجه خطر ما حدث في مصر ليس من باب إلَّا لإيمانها المطلق أنّ من يتحمس لإنهاء الانقسام هم الشباب الباحثون عن مستقبلهم فقط، وعن أفق لمستقبل وطني، أما فيما يتعلق بالفصائل فكل فصيل في غنائمه غرقان يبحث عن زيادة حصته من الانقسام وفوائده.
أما حركة فتح فالرئيس يحقق كلَّ المكتسبات من خلال الأزمات الإقليمية سواء في مصر أو سوريا، حيث أنه استطاع أنّ يضغط على " إسرائيل" ويفرج عن مجموعة من الأسرى في ظّل بداية المفاوضات الّتي لم تجد من يعارضها عمليًا سوى الجبهة الشعبية في مسيرة يتيمة برام الله، أما حماس والجهاد الإسلامي اكتفوا ببيان وتصريحات، ومسيرة في جامعة بيرزيت للطالبات تحمل شعار ميدان رابعة العدوية فقط، وهذا يصطف لصالح الرئيس ودبلوماسيته الهادئة الّتي يعتمد عليها في التعامل مع الولايات المتحدة و" إسرائيل" والقوى الإقليمية، ولم يتبقَ له سوى حسم ملف القائد الفتحاوي محمد دحلان في الإمارات وإن أراد ذلك يستطيع بكل هدوء، ولكن هذا لن يتحقق في ظّل الحالة الحالية لأن الملف لا يتوجب اغلاقة بالكيفية الّتي نتوقعها في الوقت الحالي، فالمنطقة في مرحلة مخاض والمخاض يحتاج لإنهاء ملف تلو ملف من هذه الملفات.
هذه القراءة المتواضعه للحالة الانقسامية في فلسطين هي تعبير صريح عما يدور على الأرض بعيدًا عن المغالطات الإعلامية التي تحاول أن تبرز حالة عداء بين فصائل الانقسام، ومسيرة الإنقسام الّتي لا أتوقع له الانتهاء في الفترة القريبة القادمة.
د. سامي الأخرس

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت