وصف غزة إقليماً متمرداً مزاعم هدفها التقسيم

بقلم: حنا عيسى


تحاول السلطات الإسرائيلية جاهدة اعتبار إقليم قطاع غزة إقليما متمردا منذ أن انسحبت منه من جانب واحد في 15/8/2005 وان تخدع الرأي العام الدولي وذلك لتكسب التأييد و الحشد الدوليين لصالحها أو على الأقل تجنب الاستنكار الدولي لها نتيجة ممارساتها على الأرض . ان الوضع التي حاولت إسرائيل إقناع الغرب فيه سرعان ما تبدد نتيجة عدوانها على قطاع غزة بدءا من تاريخ 27/12/2008 ولغاية 17/1/2009 ومما زاد الطين بله هجومها العسكري على قافلة أسطول الحرية بتاريخ 31/5/2010 الذي فند جميع المزاعم الإسرائيلية الهادفة إلى تقسيم الإقليم الفلسطيني بحسب قراري مجلس الأمن 242 و 338 على اعتباره وحدة إقليمية واحدة إلى (الضفة الغربية و القدس شرقية وقطاع غزة ) ليصل الأمر بإسرائيل إلى وصف القطاع بالكيان المعادي وذلك حتى تتملص من الالتزامات القانونية المفروضة عليها كدولة احتلال بموجب الاتفاقيات الدولية وخصوصا اتفاقيات جنيف.

ان الأعمال التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من فرض العقاب الجماعي المخالف لنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 و استخدام القوة ,وإغلاق المعابر ,وفرض الحصار الاقتصادي البري و البحري وتجويع السكان المدنيين مع الأفعال التي ذكرت أعلاه بحق سكان قطاع غزة تعتبر من المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة و البروتوكول الإضافي لأول لسنة 1977م. والغريب في وصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة بالمعادي ! لماذا ؟ لان قطاع غزة محتل واقع تحت السيطرة الإسرائيلية عرفيا وقانونيا وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الأشكال وصفه بالكيان المعادي أولا وتهدف إسرائيل من هذا الوصف لاستخدام القوة متى شاءت أي بمثابة إعلان الحرب على قطاع غزة الذي حرمته المادة الثانية / الفقرة الرابعة من ميثاق هيئة الأمم المتحدة لسنة 1945م.ثانيا .علما بان خطة الحكومة الإسرائيلية في انسحابها أحادي الجانب سنة 2005 هي محاولة للالتفاف على التزامات إسرائيل القانونية المطلقة كدولة احتلال .ومن هنا عرفت المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907 ,الاحتلال الحربي بكونه اجتياز قوات أجنبية معادية إقليم دولة أخرى والسيطرة عليه سيطرة فعلية من خلال نجاحها في أنشاء وإقامة إدارة عسكرية تمارس من خلالها أعمال إدارة وتسيير شؤون الإقليم المختلفة ..الخ,وبموجب هذه المادة فان الأراضي الفلسطينية تخضع لحالة احتلال حربي ,يترتب عليه انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة1949 الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب ,ألا أن إسرائيل لم تسلم بهذا الموقف وتتنكر لانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة تهربا من المسؤولية الدولية لخروقاتها المستمرة لأحكام هذه الاتفاقية .ويظهر ذلك جليا وفقا لنص المادة 43 من اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907,حيث يسمح للسلطة المحتلة فرض إجراءات معينة تقييد حركة التنقل لاعتبارات أمنية ,إلا أن هذه السلطات ملزمة بإيجاد توازن بين احتياجاتها الأمنية وضمان سير حياة السكان الخاضعين للاحتلال بشكل طبيعي . وقد فشلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في تحقيق هذا التوازن باتخاذها إجراءات تحد من حرية التنقل بشكل جسيم إلى درجة أن هذه الإجراءات تعتبر عقوبات جماعية تؤثر على كافة نواحي حياة السكان المدنيين .

وعلى ضؤ ما ذكر اعلاه فانه رغم ادعاء الاحتلال النظري بالانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة في 15/8/2005,يبقى الاحتلال الإسرائيلي على القطاع بركنيه المادي و القانوني مسؤولا عن احتلاله إلى أن يتحقق الانسحاب الفعلي الكامل طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الشأن .

ونتيجة للضغوطات الدولية رضخت إسرائيل لإمكانية تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة لتبرهن نتيجة ممارساتها بحق القطاع وسكانه أنها دولة احتلال وان حصارها لقطاع غزة يمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وفقا لاتفاقيات جنيف حيث الاتفاقية الرابعة لسنة 1949 المصدق عليها من جانب إسرائيل تحظر العقاب الجماعي للسكان المدنيين .

بقلم الدكتور حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي