قل لي كيف هي علاقتك بوالديك أقل لك شقي أنت أم سعيد ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

قل لي كيف هي علاقتك بوالديك أقل لك شقي أنت أم سعيد ..!! بقلم / حامد أبوعمرة

سألني اليوم أحد الأصدقاء ،وقد لمحت في عينية حيرة شديدة لأول مرة أراها تبرق ليس فقط في مقلتيه.. بل كذلك على محياة حيث قال :منذ أمد ليس ببعيد كان آباؤنا وأجدادنا ،يجبون بعضهم حبا جما ،وإن اختلفوا لايغادروا الجلسة ،وإلا قد صفت قلوبهم ،كالعسل ،وكحبيبات الزبد حين نستخلصها من حنايا اللبن ،وكم كانت علاقاتهم قوية ، وروابطهم تشد بعضها بعضا كالروابط التساهمية في علم الكيمياء ،ورغم شح علمهم وتفقهم في الدين إلا أنهم كانوا يطبقون تعاليم الدين بالفطرة ،وبدون أي اصطناع أو تكلف مذموم لذلك من ينظر إليهم لأول وهلة .. يجدهم في سلوكياتهم على قلب رجل واحد وكأنهم ، توائم سيامية متماثلة أو ملتصقة ولكن الالتصاق هذي المرة ،لم يكن بالجسد ..بل بالفكر البسيط ..كوجه الماء ،والروح المرحة ،والحكمة الرشيدة ،ولذلك كانت الأرض الحبلى تنجب أشهى الثمار بلا سموم ،وأروع الخضروات التي كانوا يتناولونها بأيديهم ،و بكل شراهة دون أي غسل ومع ذلك قد غادرالسقم أجسادهم ..!! فقد كانت الحالة السائدة هي البركة التي كم افتقدناها ، لما افتقدنا كبارنا رموز الوفاء، والشهامة ،والكرامة ..لكن اليوم قد اختلف كل شيء إلى النقيض تماما ولا أعلم ما السبب في ذلك ..؟!!
قلت له يا عزيزي الأمر يتعلق فقط بنتيجة لعبارة من أجمل الأقاويل التي أثرت فيّ : من عاش خادماً تحت قدم أمه ،، عاش سيداً فوق رؤوس قومه !
لأن أولئك الرجال لم يكونوا أبر الناس بأهليهم فحسب بل بمن هم أكبر منهم سنا ،وكانوا أكثر الناس طاعة ورأفة وحنانا .. لذلك قد حيزت لهم الدنيا ، بحذافيرها ،أما اليوم في زمن التطور والتقنية الحديثة فقد تطور كل شيء لكن ليس إلى العلو والقمم ..،بل للقيعان والحفر فلما أحس من هم محسوبون على الرجال في أيامنا بالنهضة الزائفة ..تغيرت كل المفاهيم والسلوكيات لأننا قد ضيعنا الأمانة التي أوصانا الله بها، إلا من رحم ربي ..فالله سبحانه عطف الوصية بالوالدين وهو القائل في كتابه العزيز : ، كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن كقوله عزَّ وجلَّ: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً}.. فصارت معاملة الناس مع أهليهم والمقربين ،ومع الجيران والأصدقاء معاملة التيك واي take away بمعنى الخلسة ، في التعامل المجتمعي ،والسطحية المفرطة ، وعدم الاكتراث بمشاعر الآخرين ،والترهلات الحزبية ،وما أدراك ما الحزبية التي أفسدت كل جميل في واقعنا ، فدمرت كل شيء متصل حولنا سواء على الصعيد العائلي في العلاقات الأخوية ، في البيت الواحد أو على الصعيد المجتمعي ..لذلك رخصت سلعة الإنسان كأكياس الملح بل أشد رخصا ..ولذلك تسقط الثورات قبل أن ينهض شبابها ،ولما أكل الأبناء الثورة لمصالحهم الفئوية فهل من تصحيح لمسارات معوجة أساسا ،إن استقامت كسرت لأن الغلبة للكراسي والمناصب وحب الذات ،وليست لله ثم حب الوطن!! ورغم الزخم الهائل من القنوات الفضائية التي تتناول كل ما يتعلق بأمور الدين ،من فقه وعقيدة وتفسير قرآني وفتاوى وغيره من المواضيع التي تجول بخواطر البشر ،وبتفاصيل شاملة يفهما العامة ،والبسطاء والمثقفين إلا أننا نسيرولا نحمل على أكتافنا في المعاملات الدينية سوى النظرية و بلا أدنى تطبيق .
ورغم التطور الطبي في اكتشاف العديد من الأمراض ، وعلاجها إلا أنه قد تفشت في أجسادنا الهزيلة الأمراض كالطاعون طالما أن مصدر العدوى مشتركا،..لاتتعجب صديقي العزيز لأن الأرض لم تعد تنبت ثمارها اليوم، كما كانت من قبل فرجال الأرض قد رحلوا ،وتركونا عرايا .. ولا تتعجب لأننا صرنا مرضى ،رغم كل الإجراءات الوقائية عند تناولنا الطعام ،ولا تتعجب لأن البركة انتُزعت .. لذلك فأني قد توصلت بكل قناعة بأن :"من عاش بالحكمة مات بالمرض" ..!!


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت