يبدو أنَّ الأمور تتعقَّد أكثر، والتوقعات تُنذر بأيام صعبة قادمة، فطبول الحرب بدأت تقرع في المنطقة، مع تزايدت الاحتمالات بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا دون موافقة مجلس الأمن، الأمر الذي قد يؤدي لنشوب حرب إقليمية .
ويأتي ذلك عقب اجتماع حضره قادة جيوش 10 دول أوربية وعربية وأمريكية في العاصمة الأردنية عمان، يومي الاثنين والثلاثاء 26 و27 من آب/أغسطس، لبحث سيناريو توجيه ضربة عسكرية للنظام السورية.
وكانت مصادر صحيفة "الغارديان" أشارت إلي أن القوات الأمريكية وحلفائها تستعد لتوجيه ضربة فورية وسريعة لأهداف إستراتيجية سورية الجمعة ليلا، وذلك بعد وصول طائرات وحاملات عسكرية بريطانية إلى قاعدة أكروتيري الجوية في قبرص، فيما وصلت حاملة طائرات أميركية إلى قبالة السواحل اليونانية.
إسرائيل التي بدت قلقة جدا، ومتوجسة خوفا من العواقب الكارثية المتوقعة، أعلنت حالة التأهب القصوى في عدد من المدن والبلدات الإسرائيلية، وشرعت بفتح جميع الملاجئ وعطلت العمل بالمدارس والمنشآت الحكومية شمالي إسرائيل، وذلك خشية تعرضها لهجوم كرد فعل سوري على الهجوم التي تنوي عدة دول في مقدمتها أميركا وبريطانيا تنفيذها ضد عدد من المنشآت السورية.
في الوقت الذي حذر حلفاء سوريا "روسيا وإيران" من أن أي تدخل عسكري غربي في سوريا لن يحقق "نصرا سهلا" وستكون له عواقب وخيمة على سوريا والمنطقة برمتها، وصف الرئيس السوري بشار الأسد المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها بـ"العدو الحقيقي"، أن المواجهة معهم ستكون تاريخية وأن سوريا ستخرج منتصرة من الحرب .
هذه المؤشرات وغيرها تجعل من قرار الضربة العسكرية لسوريا أمر محتوم لا مفر منه، لكن ذلك يتطلب تحضير واستعداد كبيرين، خصوصاً وان سوريا تمتلك العديد من مقومات المواجهة والصمود، فهي تمتلك منظومة صاروخية لا يستهان بها، علاوة على امتلاكها العديد من أوراق الضغط من شانها إلحاق بالغ الضرر بالولايات المتحدة الأمريكية أو بربيبتها إسرائيل ومن تلك الأوراق المقاومة الفلسطينية واللبنانية .
من المتوقع أن يترتب على الضربة العسكرية لسوريا، إحداث تغيير كبير في المنطقة، كتفكك الدولة السورية وظهور دويلات صغيرة، لذلك فإن هناك ثلاثة احتمالات لتطور الوضع في سوريا .
الاحتمال الأول: أن تنجح الولايات المتحدة وحلفائها في السيطرة على سوريا بعد تدميرها، وإسقاط حكم الأسد وإنهاء محور المقاومة، ثم تسليمها للمعارضة بناء على تنسيق مسبق مع المعارضة في ظل غطاء دولي وعربي .
الاحتمال الثاني: أن تتمكن سوريا ونظام الأسد من الصمود بأي ثمن، مما يؤدي إلي إفشال المخطط الأمريكي الرامي لتقسيم سوريا إلي دويلات عرقية صغيرة .
الاحتمال الثالث: أن تنفذ الولايات المتحدة وحلفائها ضربة عقابية محدودة، يتم بموجبها إضعاف قوة الجيش السوري، وإجباره على التوصل إلي تسوية مع المعارضة بالشروط الأمريكية، مما يعد انتصار معنوي للمعارضة وهزيمة نفسية للقيادة السورية وحفظ ماء الوجه للولايات المتحدة بتنفيذ وعودها بضرب سوريا كرد على استخدامها السلاح الكيماوي.
وهذه الاحتمالات وغيرها تبقى مرتبطة بحجم الضربة المحتملة وطبيعة الرد المنتظر من سوريا وحلفائه في المنطقة، الذين عليهم أن يدركوا أن الحرب على سوريا ما هي إلا مقدمة لضرب إيران وحزب الله باعتبار أن سوريا المركز الرئيس لكل القوى المعارضة للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط.
كاتب فلسطيني-غزة
ماجستير دراسات شرق أوسط
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت