خيارات حماس بعد سقوط المراهنات

بقلم: إبراهيم أبراش


مستقبل حركة حماس كسلطة حاكمة في غزة سيكون صعبا ليس فقط بسبب سقوط الإخوان في مصر بل لأسباب سابقة على ذلك أيضا : تآكل شرعيتها الدستورية وشرعية المقاومة والشرعية الشعبية بعد ست سنوات من التفرد المطلق بالسلطة ووقف المقاومة وسياسة فرض الضرائب المرهقة في القطاع ، تفكك تحالفاتها الخارجية ، الأزمة المالية المتفاقمة التي بدأت تزعزع قناعات المنتسبين لها والمتعيشين منها، انكشاف ثم سقوط معادلة الشرق الأوسط الجديد برعاية واشنطن والإخوان المسلمين.... . عليه فإن حركة حماس ستكون أمام مشهد عربي وإقليمي متعارض مع مراهناتها وحساباتها السياسية والإستراتيجية وهو ما سيؤثر على حكومتها وسلطتها في قطاع غزة وعلى مجمل القضية الفلسطينية.

بشكل عام وفي المحصلة النهائية فأن سلطة حماس في قطاع غزة مرتبطة بحالة الانقسام السياسي والجغرافي وهذه لن تنتهي إلا بمصالحة وطنية شاملة أو بتسوية سياسية للقضية الفلسطينية ,وهذا يعني أن سلطة حماس في القطاع لن تسقط في القريب العاجل، وخصوصا أن فصل غزة عن الضفة حيث البديل المفترض لحماس ، كذلك ضعف ومأزق المنظمة والسلطة في المفاوضات وتضعضع شعبيتها ومصداقيتها يعتبر عنصرا مساعدا على إطالة عمر سلطة حماس . حتى وإن شكلت حماس حكومة يشترك فيها آخرون كما تطالب فهذا لن يحل المشكلة وستكون مجرد مسكن لأنها لن تحل الإشكالات الجوهرية، وستكون مجرد تلاعب بالوقت في انتظار القادم ،كما هو الحال مع السلطة والمفاوضات حيث المفاوضات تلاعب في الوقت انتظارا للآتي المجهول. إن أرادت حماس توطين أيديولوجيتها والانضواء في المشروع الوطني التحرري المطلوب، فالطريق معروفة ودون ذلك ستكون حركة حماس أمام تحديات وخيارات صعبة.

هذه الخيارات / السيناريوهات:-

1- استمرارها في السلطة في ظل مصالحة إدارة الانقسام

وهو حل مؤقت وثمنه باهظ وهو استمرار الانقسام ، وهذا حل توافقي بين طرفين عاجزين وأسيري أوضاع داخلية واشتراطات خارجية . سيصمت كل طرف على أخطاء وخطايا الطرف الثاني،كأن تصمت حركة حماس على المفاوضات وما يجري في الضفة مقابل أن تصمت السلطة في الضفة وحركة فتح عن ممارسات حماس بل وتمد لها يد العون للخروج من مأزقها ،وهناك (واقعيون فلسطينيون جدد) مستعدون للذهاب بعيدا في تجميل الانقسام باسم الواقعية وتدبير مصالح الناس اليومية ،بينما الحقيقة أنهم يسعون لمصالحهم الذاتية ولأنهم فاشلون في استنهاض المشروع الوطني أو لا يؤمنون به. ، ونعتقد أن ذلك ما يجري من خلال زيارة وزراء من الضفة لغزة ، وقد تأخذ إدارة الانقسام شكل كونفدرالية والتي أشار إليها الدكتور احمد يوسف قبل أيام في مقال له وهي إشارة تجمع بين الجد والهزل مع ثقتنا في وطنية د.احمد يوسف وحرصه على المصلحة الوطنية.

2- استمرار حماس في السلطة ولكن في سياق دور وظيفي غير وطني .

بمعنى الاستمرار في حكم غزة تحت ضغوط واشتراطات إسرائيلية ومصرية أهمها الاستمرار بالهدنة الموقعة وقد تطلب إسرائيل من حركة حماس التخلص من ترسانة الصواريخ المتواجدة في القطاع ، وقطع حركة حماس لعلاقاتها مع إيران وكل جماعات الإسلام السياسي الخارجية ، في هذه الحالة فإسرائيل لن تمانع بأن يستمر حكم حماس في قطاع غزة. ولكن لا نعتقد أن العقلاء بحركة حماس سيقبلون بذلك.

3- خيار شمشون .

أن تدخل حماس في مواجهة عسكرية مع إسرائيل عسى أن تخلط الأوراق وتستعيد بعضا من الاهتمام العربي والإسلامي. نعتقد انه في ظل الانقسام وفي ظل إغلاق الأنفاق ، والانشغالات العربية والإسلامية بما يجري في مصر وسوريا وانشغال كل دولة عربية بمشاكلها الداخلية فإن فتح جبهة ضد إسرائيل سيكون مغامرة غير مضمونة النتائج وقد تستغل إسرائيل خرق الهدنة لتعمل بدورها على خلط الأوراق بمحاولة إنهاء سلطة حماس في غزة ليس لتعيد القطاع لسلطة الرئيس أبو مازن بل لخلق فتنة وصراع داخل القطاع على السلطة دون أن تسمح إسرائيل بتغيير وضع الفصل القائم بين غزة والضفة.

4- الاستنزاف الذاتي

بأن تتواطأ كل الأطراف على ترك حركة حماس وحكومتها لتتآكل وتُستنزف داخليا من خلال حالة جماهيرية معارضة لها وحالة خارجية غير متعاطفة أو معادية ، مع تشديد الحصار على القطاع.وفي هذه الحالة ستتعاظم حالات التمرد على حماس ليس فقط من خارجها بل ومن داخلها أيضا، وهو ما سيستدعي مواجهة الناس بالقمع والاعتقالات والاستدعاءات وهذا ما يجري بالفعل حيت اعتقلت أجهزة امن حماس أخيرا عددا من نشطاء حركة فتح وأرسلت استدعاءات وضيقت على كتاب وصحفيين مثل د. طلال الشريف ود. خضر محجز والصحفي سيف شاهين . استمرار هذا السلوك من حماس سيدخلها في حلقة مفرغة من الفعل ورد الفعل ،مما سيدفعها نهاية المطاف إلى كسر هذه الحلقة إما باللجوء لأحد الخيارات السابقة أو تواجه احتمال تدخل خارجي مدعوما بتسوية ما قد تتمخض عنها المفاوضات الجارية برعاية واشنطن .

‏8/30‏/2013




جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت