حركة فتح الاستنهاض الغائب... ومجلس ثوري بلا قرار

بقلم: جهاد حرب


يعقد المجلس الثوري لحركة فتح اجتماعه الدوري بعد اربعة سنوات على انتخابه في المؤتمر السادس لحركة فتح عام 2009، هذا الاجتماع له اهمية خاصة للعديد من الاسباب؛ أولها: الموضوعات المدرجة على جدول اعماله، كما افصحت عنه اللجنة المركزية في اجتماعها الاخير، بمناقشة الاستراتيجية والاستماع لتقرير لجنة الاستنهاض في حركة فتح بعد شهور عديدة على تشكيلها. وثانيهما: أن المجلس الثوري ينعقد للمرة الأولى في ظل مفاوضات فلسطينية اسرائيلية. وثالثهما: التحضير لعقد المؤتمر السابع في العام القادم. ورابعهما: الوضع الاقليمي المضطرب وبروز تحولات "عميقة" في توجهات قوى اقليمية وتغيرات دراماتيكية في التحالفات الاقليمية.

الموضوعات المدرجة على جدول اعمال المجلس الثوري ذات أولوية على جدول اولويات الشعب الفلسطيني، وليس ابناء وبنات حركة فتح ذاتها، لما تتمتع به حركة فتح من جماهيرية شعبية حيث لا زالت تمثل التنظيم الأكبر والأوسع انتشاره في الشعب الفلسطيني. والاهمية التي تكتسبها حركة فتح تنبع من أن فكرها أعاد انتاج الهوية الوطنية الفلسطينية في سنوات الضياع. وهي بذلك، حتى الان، تتحمل مسؤوليات جسام باعتبارها العمود/ الفاعل الرئيس في الحركة الوطنية الفلسطينية. هذه المسؤولية تلقي على حركة فتح ومؤسساتها مسؤولية النهوض أو اعادة النهوض بالحركة الوطنية من جهة، وإعادة بناء حركة فتح وتفعيل مؤسساتها من جهة ثانية.

(1) استنهاض حركة فتح بلا استفاقة

لغويا الاستنهاض تعني " نهض: أي قام من رقدته. واستنهض: زيادة في المبنى ، مما يزيد في المعنى، أى عمل (فلان) على إقامة شخص آخر من رقدته، وبالتالي فاستنهاض الهمم ، بمعنى العمل بكل الوسائل على إفاقة الإنسان من غفلته وإيقاظ ملكاته وعزائمه في سبيل تغيير الواقع.

عمليا استنهاض الهمم تقوم على اساسين أو لغايتين؛ تفعيل المؤسسات الحركية القائمة على الانتخابات أي اجراء الانتخابات، وشحذ الهمم أو بالأحرى اعادة روح الانتماء لكوادر وابناء الحركة. وفي كلاهما فشل الاستنهاض فشلا مروعا فلم يتم انجاز الانتخابات في جميع الاقاليم إلا في واحد "اقليم أريحا"، في حين جرت انتخابات في شعب ومناطق هنا وهناك في الضفة الغربية دون الوصول الى اكتمال، أما قطاع غزة فالأزمة أعمق وأكثر تفتيتا. فيما الهمم بقيت شاردة تائه وغائبة؛ فإعادة الروح للجسد المتهالك أو المترامي الاطراف بات يشبه الرجل المريض "الوصف الذي اطلق على الامبراطورية الثمانية في ايامها الأخيرة".

ناهيك عن غياب قراءة معمقة لأسباب انكسارات حركة فتح في الانتخابات التشريعية 2006 وخسارتها الحكم في قطاع غزة 2007، وغياب القدرة على التحشيد في مواجهة الانقسام، وعدم القدرة على استيعاب حركة الجماهير "الغزية" يوم الرابع من يناير 2013 في احتفالات انطلاقة الثورة الفلسطينية واستخدام الوطنية الفلسطينية المنغمسة في وجدان الفلسطينيين.



(2) المجلس الثوري ... طبل أجوف

بعد أربع سنوات من انتخابه، قال لي غير ذي واحد من أعضاء المجلس الثوري أنهم يناقشون ويناقشون، لكن دون الترجمة الى قرارات وفي حال الأخيرة لا ينفذ منها شيئا. عادة يبدأ المجلس الثوري بخطاب للرئيس "رئيس الحركة ورئيس السلطة ورئيس المنظمة" حول الاوضاع السياسية على هيئة تقرير يسرد الاحداث والتحركات التي قام بها وزياراته وأحيانا "مرتكزات" السياسية الفلسطينية وهي جميعها سمعها أعضاء المجلس الثوري في تصريحات الرئيس والأخبار المنقولة. ثم جلسات مغلقة يناقش بها أعضاء المجلس تقارير المفوضيات باستثناء تقرير المفوضية المالية "التقرير المالي".

وبعد يومين من انتهاء جلسات المجلس الثوري يصدر بيانا يؤيد تحركات الرئيس وتوجهاته، والتأكيد على الثوابت الفلسطينية، وتطرق المجلس الى المسائل التنظيمية واتخذ عددا من القرارات، وهي ديباجة يبدو انها جاهزة تشبه بيانات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي في ستينيات القرن الماضي وكذلك الحزب الوطني في مصر والتجمع الدستوري في تونس.

وبات مسألة عقد اجتماعات المجلس الثوري على المحك خاصة أن تكلفة عقده مكلفة ماليا، لوجود عدد من أعضائه خارج البلاد وما يترتب من التزامات مالية بسبب السفر والاقامة، مقارنة بحجم الانجاز المتوقع منه وهو أقرب اليوم الى اجتماع يلتقي فيه، كنت أتمنى أن أقول الاحبه، اعضاء المجلس الثوري كما يلتقون في المناسبات و"العزيات" يتحدثون ويتحدثون لكن دون نتائج.



(3) مسألة العضوية والاشتراكات ورسوم بطاقة عضويتها

فشلت حركة فتح قبل المؤتمر السادس على ضبط ايقاع العضوية لحركة فتح ربما بسبب غياب سجلات العضوية لحركة بحجم حركة فتح وانتشارها وبسبب الجدية في عقد المؤتمرات الحركية وعلى رأسها المؤتمر العام. لكن بعد اربعة سنوات على انعقاد المؤتمر السادس لم تجرِ حركة مضبوطة لانجازها حتى الآن.

وباعتقادي أن قرار دفع رسوم العضوية هو الطريق الصوب نحو حصر العضوية وجدية المنتمين لها والمؤمنين بها، لكن التجربة تفيد أن هذه الأمر لم يتم بشكل يؤكد صوابية هذا القرار، فغير الموظفين لا يدفعون، وعدد كبير ممن حصلوا على ترقيات عليا بسبب التزامهم "بالشرعية" لا يدفعون أو انهم سحبوا توقيعاتهم من البنوك، يضاف الى أن قيادات عليا أو مراكز عليا في حركة فتح غير مسددين لاشتراكاتهم بل الانكى أن ممن يحصلون على مهمات مالية هم غير مسددين لاشتراكاتهم. يضاف اليها أن استصدار بطاقات عضوية تتم برسوم لأعضاء وآخرون يحصلون عليها دون رسوم.

هذه العشوائية وعدم التنظيم لحركة كبيرة تفيض فكرا وطنيا وعنفوانا ثوريا ونضجا سياسيا قد تندثر لعشوائتها وقلة تنظيمها واحترام عضويتها. وقد ينطبق عليها أو على قيادتها قول الشاعر عمرو بن معد يكرب "لَقَدْ أَسْمَعْتَ لوْ ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت