كل المرحلة الابتدائية تعلمتها في مدرسة قرأنية في احدى المدن الليبية وكانت الدراسة في اصول الدين بشكل معمق نهيك عن الالتزام بحفظ القرأن والاحاديث........في المدرسه علمونا بأن الذي لا يصلي جماعه في المسجد فهو: منافق ! أبي كان واحد منهم ...
و بأن شارب الدخان: فاسق ! جارنا محمد كان واحداً منهم .........
و بأن المسبل لـثوبه: اقتطع لنفسه قطعه من نار ...! صديقي طارق كان واحدا منهم ....
و بأن وجه أمي الجميل: فتنه ! لكن لا أحد يشبه أمي.....................
و بأن اختي التي تطرب لـ عبدالحليم: مصبوب الحديد المذاب في اذنها لا محاله ! لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضا تحبه ، فهل ستحشر معه ؟ أظنهم سيحكمون بذلك ................
ثم كبرت وكبرت ودخلت الجامعة وعند دخولي الجامعة قالو لي .....
بأن جامعتي المختلطه وكراً للدعاره !
رغم أنها علمتني أشرف وأهم المهن !
و بأن الساكت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: شريك في الاثم والعقاب !
و بأن صديقي علاء الذي دعاني لحفلة عيد ميلاده ذات صيف: صديق سوء !
و بأن جارنا المسيحي: نجس !
و بأن عمي المثقف: علماني !
وبعد هذا كله جلست مع نفسي وفكرت مع ذاتي الا انني
* اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبلني كل ليله قبل أن أنام ، ويترك لي مبلغاً من المال كلما خرج الي عمله.واثناء الامتحانات يرتجف من الخوف وتبقي يداه مرفوعتان بالدعاء حتي اعود.
*جارنا محمد/وطارق كانا أيضا أكبر مما تصورته عنهما. محمد يرأس جمعيه خيريه في احدى محافظات ليبيا. و طارق يعمل متطوعاً في مركز أيتام المدينه الان.
*أما أختي التي تكبرني بسنوات حرمت نفسها من كل شيئ جميل في الحياة من اجل ابنائها .
*أمي ؟ يكفي أنها مٌدرسة في التاريخ الذي ينبغي أن يكون وأبي راضٍ عنها !
*جامعتي المختلطه ؟ كونت لي احد الطلابات حينئذ أسره سعيده بـ زواج طالبة من رئيس قسم الاقتصاد. و من خلالها ربيت أطفاله الثلاثه بعد فقد والدتهم.
اما انا كيف كنت اقضي وقت فراغي؟
فكان صديقي علاء وماهر رحمة الله هم المنفذ الوحيد لي ، لقد تعلمنا سويا كيف نقراء ونتبادل الكتب والمجلات النادرة حينذاك وبعد الانتهاء منها، نبيعها لصالح الأسر المحتاجه.
*ماذا عن جارنا المسيحي؟ أنا لا أتذكر منه سوى دموعه الرقراقه. يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمنا أنا وأخوتي بعد ان أصيب هو ببعض الحروق من أجل انقاذنا..
زوجتة المسيحية !
هي من أسعفتني أثناء رحله للبحر. يومها سقطت في البحر. فلحقت بي و كُسرت ذراعها في احدى الصخور من أجلي.
*عمي؟ هو من بنى مسجداً هناك وسماه باسم أمه
وأنا ؟لا أزالت أسأل نفسي : لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين؟
د.هشام ابويونس
عضو الامانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت