تستغرب كثيرا من أولئك المتنطعين الذين يكرسوا كل ثقافتهم ونقاشهم ، وتركيزها في الأزمة المصرية ومعطياتها واعتصاماتها وميادينها .
صحيح إن مصر هي بوابتنا الجنوبية ، ولعبت دورا أساسيا في صراعنا مع الكيان الصهيوني وقدمت الغالي والنفيس ، وهذا بحكم دورها الطليعي التي فرضته عليها المشاركة في الدم والهوية والدين واللغة ......الخ
ولكن أن يصب بعضنا كل ثقافته وتثقيفه ودعواه وصلاته ومماته حول الشأن المصري هنا تكمن المصيبة ، ويكون التحدي الثقافي ، وذوبان الهوية والتراث الفلسطيني الأصيل ، لان فلسطين حدودها التاريخية والجغرافية من رفح جنوبا حتى النافورة شمالا ..
وانطلاقا من هذه الحدود التاريخية الجغرافية ، من الواجب علينا وعلى أحزابنا بمختلف مشاربها ، واخص الدينية أن تحرف بوصلتها وتثقفيها نحو الشمال وليس الجنوب ، بمعنى أن أجيالنا وطلابنا أصبحوا يتحدثون عن أحداث رابعة العدوية والنهضة ، ومحاكمة مرسى ومليونيات مصر ، وندعو لفلان وندعو على فلان وننتظر صلاح الدين الجديد المخلص ، وأفرغنا جررانا المليئة بمائنا غير الآسن ، على أمل أن تمطر علينا سحابة مصرية عابرة ،
وبتنا نشتاق سماع ما يحدث للقدس من تهويد يومي ، واغتصاب المسجد الابراهيمى في الخليل وتهويده بشكل كامل ، وتحويل مساجدنا التاريخية في حيفا والناصرة واللد إلى ماخورات وبارات وحانات تشرب بها الخمور وتمارس بها الرذيلة ..
أهلنا في فلسطين الداخل واخص الشمال يعانون الأمرين والتفرقة والعنصرية والاضطهاد والتطهير العرقي
هذا عدا عن المناهج الصهيونية التي تفرض قصرا على ما تبقى من أهلنا الصامدين في القدس ويافا وبئر السبع والناصرة ومدن المثلث ..
تأسيسا لما سبق نقول لأصحاب المشاريع والأجندات الإقليمية أن بيتنا لازال مهدد وفلسطين لم تتحر بعد ، ولا تفرحوا بإقطاعيات قزميه متناثرة كحبوب القمح المسوس هنا وهناك ، واجرفوا بوصلتكم شمالا ودعوا الجنوب وشأنه ، فأهل مكة أدرى بشعابها ، أما شعابنا لازالت وعرة تحتاج إلى عجول ومحراث لشقها وتعبيدها ، ولابد لنا الإيمان بمقولة أن الأرض لا يحرثها إلا عجولها فهل وصلت الرسالة ..د ناصر إسماعيل اليافاوي أمين عام مبادرة المثقفين العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت