الكل يترقب نتائج الاحداث المتسارعة في منطقتنا والكل مشغول بالضربة الامريكية على سوريا وهل اصبحت مؤكدة أم يمكن التراجع عنها في آخر لحظة ؟ وإذا كانت الضربة لابد منها فما هي نتائجها على المنطقة بشكل عام وعلى الحال الفلسطيني بشكل خاص ؟ وهل يمكن أن يكون قطاع غزة أحد ساحات الرد المحتملة على العدوان أم ستنجح حكومة غزة من ضبط الحالة دون أي فلتان ؟
الوضع الفلسطيني الداخلي هل وصل الى طريق مسدود ؟ وهل لم يعد بإمكاننا فعل شيء بعد فشل كل الجهود الفردية والجماعية لتحقيق الوفاق الوطني العام وإنهاء حالة الانقسام ؟ هل قطاع غزة بدأ يتمحور في كينونة خاصة تبتعد بشكل متسارع عن الشق الثاني من السلطة – الضفة الغربية - ؟ وهل هناك ما يمكن فعله ؟
المبادرات التي أطلقتها بعض مؤسسات المجتمع المدني والتحرك الأخير لها هل يمكن أن يحقق حراكا جديا ؟ وهل دعوة السيد اسماعيل هنية حول الشراكة السياسية لإدارة غزة يمكن البناء عليها وما مدى جدية تطبيقها ؟
لاشك أنه بالرغم من تعقيد الاحداث وسرعة تحركها في منطقتنا إلا أنه دائما هناك ما يمكن فعله وهذا الفعل إما لتحقيق هدف سام يسعى إليه المجموع الفلسطيني ويتمناه أو لتخفيف حدة المعاناة التي يعاني منها جمهور شعبنا الفلسطيني ، ومن هنا يجب التأكيد الدائم أنه هناك ما يمكن استدراكه وهناك ما يجب فعله .
لاشك أن أغلب الفصائل الفلسطينية بذلت جهودا – حسب حجم تأثيرها – لمحاولة تغيير واقعنا للافضل ولكنها فشلت ثم استكانت ولعل لكل فصيل حساباته وأجنداته وخصوصيته وعلاقاته ويعمل وفق ضوابط محددة تلزمه ولا يستطيع الفكاك منها وهذا ليس انتقاص في مكانة واحترام كل فصيل على الساحة الفلسطينية ، ولكن يجب تقدير كل ما سبق ، أما مؤسسات المجتمع المدني وهي الأصل تمثل حالة فلسطينية متقدمة وتضم بين ثناياها كافة شرائح المجتمع الفلسطيني ومثقفيه فالأصل أن هامشها في العمل والتحرك الشعبي والمؤسساتي الرسمي وغير الرسمي أوسع بكثير من غيرها وتستطيع التعامل مع كل مبادرة بحرية أوسع من غيرها وبناء على ذلك فهي الاساس في استكشاف حقيقة ما يدور وعدم التوقف عند حدث معين أو تراجع ما او فشل في تحقيق هدف ما ، بل عليها أن تكون دائما في حالة حراك وهي المناط بها قيادة الحالة العامة والتعامل الايجابي مع كل تحرك أو طرح أو مبادرة ولا تلتفت الى مواقف فئات أو جهات مرتبطة بسقف سياسي او اجتماعي محدد .
نحن نمر بمرحلة في غاية الدقة والخطورة على قضيتنا وشعبنا والكل في حالة انتظار وقوع المصيبة ليبدأ بعدها مرحلة اللطم والندم واستذكار الدروس وما كان يجب عمله وتكرار مقولة " لو فعلنا كذا لكان كذا " ولكن أين المبادرون لتلافي أي مصيبة قد تقع ؟ على سبيل المثال دعوة السيد اسماعيل هنية حول الشراكة السياسية لإدارة قطاع غزة ومن قبله مبادرة الأخ يحيي موسى حول تشكيل هيئة وطنية لإدارة قطاع غزة لماذا يتعامل البعض مع هذه المبادرات بسطحية كاملة ؟ ولماذا نتقاذف التهم والتشكيك في النوايا قبل مناقشة أصحاب الفكرة واستيضاح كامل بنودها ؟ لماذا لا يؤمن البعض إلا بسياسة الفوضى ؟ . لقد استمعت الى أطروحات متقدمة من البعض بضرورة التحرك الجاد والمنظم لمؤسسات المجتمع المدني تجاه كل المبادرات والانفتاح على كل الافكار الداعية لتغيير هذا الواقع فلن يكون هناك أسوأ مما نحن فيه من انقسام .
لازال هناك الكثير الذي يمكن فعله من خلال وضع تصورات عامة ومراجعة مركزة للمشروع الوطني ولملمة شعث المتفرقين وهم كثر ليكون هناك حالة ضاغطة منضبطة تطرح رؤى وتصورات أوسع من كلمة مصالحة واشمل من مجرد تشكيل حكومة ولا تقف عن إجراء انتخابات . بل رؤية تؤدي الى الخروج من هذا النفق المظلم الذي أدخلنا أنفسنا فيه جميعا .
لازال هناك الكثير يمكن فعله لو أراد بعضنا ذلك .
م. عمـــاد عبـد الحـــميد الفـــالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت
